يحيي المصريون الذكرى الرابعة لثورة 25 كانون الثاني (يناير) الشعبية، باستقرار سياسي، لكن في جو من الاحباط، بعد أحداث عدة حرفت الثورة عن مسارها.

القاهرة: بينما تستغل جماعة الإخوان المسلمين الفرصة للحشد وتحريض المصريين على النزول للشوارع، تستعد القوى الثورية أيضًا للتظاهر، إلا أنها ترفض التحالف مع الجماعة، لاسيما أن أهداف الطرفين ليست واحدة. فالجماعة تريد اسقاط ما تعتبره "إنقلابًا عسكريًا"، وإعادة الرئيس السابق محمد مرسي للحكم، فيما تبغي القوى الثورية تطهير النظام الحالي من فلول نظام مبارك، وإيقاف إنتهاكات حقوق الإنسان، والإفراج عن المعتقلين.

إحباط رموز الثورة

تحل الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، في أجواء تتسم بالإستقرار سياسيًا، في ظل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام الإمام، وتمتعه بشعبية واسعة وولاء مؤسسات الدولة، بينما يشعر الشباب ورموز الثورة& بالإحباط، ويعتقدون أن نظام مبارك عاد مرة أخرى، لاسيما مع سجن رموزها من الشباب، ومنهم أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، ومحمد عادل، وأحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، فضلًا على نحو 3 آلف معتقل من أنصار جماعة الإخوان المسلمون، ومناهضي حكم السيسي.

وفي الوقت الذي تسيطر حالة من الإحباط على شباب الثورة، تسيطر على جماعة الإخوان رغبة في الإنتقام واسقاط السيسي، بسبب قيادته تحرك الجيش في 3 تموز (يوليو) 2013، وعزل مرسي وإعتقاله مع قيادات الجماعة، فضل عن مقتل الآلاف منهم أثناء فض إعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر في 14 آب (أغسطس) 2013، وما سبقه أو تلاه من مظاهرات وأحداث.

بأمر الدين!

ترى جماعة الإخوان أن 25 كانون الثاني (يناير) فرصة جيدة لحشد المصريين الغاضبين من الأزمات المعيشية، ومنها إرتفاع الأسعار، وانتشار البطالة، قلة الغاز المنزلي، فضلًا على إنتشار الفساد والقمع الأمني. ودعت الجماعة المصريين إلى النزول للشوارع، والتظاهر من أجل اسقاط ما تعتبره "إنقلاب عسكري"، ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب، الذي يضم مجموعة من الأحزاب والقوى الإسلامية، إلى "تكثيف قوافل الوعي الثوري والانتشار الواسع في كافة المواقع الجماهيرية عبر آليات اعلام الشارع والتواصل المباشر للوصول الي نسبة اقناع جديدة ومهمة قبل موجة 25 يناير".

كما دعا إلى تواصل مباشر وغير مباشر مع ذوي الشرطة والجيش والقضاء، والعمل على إقناعهم بمآلات الأمور في ظل الخطر "الانقلابي" المتزايد على مصر وعليهم، وتحييد أكبر نسبة منهم قبل موجة 25 يناير".

ودعا التحالف جنود الجيش والشرطة إلى التمرد بأمر الدين، وقال: "إنه أمر الدين ثم الوطن لكل جند الداخلية والجيش بعصيان أي أوامر بقتل الشعب المصري أو الاعتداء عليه بأي صورة، أو المشاركة في جرائم الإرهاب وحماية عملاء حلف كامب ديفيد الاستعماري الاستبدادي، والباب مفتوح للقفز من المركب الغارق، ولن تسقط جرائم بالتقادم والقصاص حتمًا قادم".

وطالب التحالف الذي يتعرض للتفكك أنصاره إلى تبني شعارات ثورية، وقال: "يجب تبني لغة الثورة والتحدي، وتحفيز كل القطاعات الجماهيرية على المشاركة بقوة في موجة 25 يناير عبر كل الأدوات الإعلامية المتاحة للثورة".

لا تنسيق مع الجماعة

القوى الثورية تنوي إحياء ذكرى 25 يناير، إلا أنها ترفض التحالف مطلقًا مع جماعة الإخوان. وقال محمود عفيفي، القيادي في تيار الشراكة الوطنية، إن هناك تنسيق بين عدد من القوى الثورية المنضوية تحت جبهة "طريق الثورة"، ومنها 6 أبريل، والاشتراكيين الثوريين، والتيار المصري، لتنظيم فعاليات الذكرى الرابعة لثورة يناير.

وأضاف لـ"إيلاف" أن القوى الثورية التى تعد لفعاليات ثورة يناير لا تضم الإخوان، أو ما يسمى بتحالف دعم الشرعية، ونفى أن يكون هناك أي تنسيق مع الجماعة في الماضي، أو في الحاضر أو المستقبل.
ونوه بأن فعاليات القوي الثورية تهدف إلى استعادة دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وهي عيش حرية كرامة إنسانية وعدالة إجتماعية.

أزمات مستمرة

الأوضاع الراهنة سيئة، ويجب الإفراج عن المعتقلين وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وقالت الناشطة الحقوقية ليلى سويف، والدة الناشط المسجون علاء عبد الفتاح، أن الوضع السياسي سييء، موضحة أن هناك تضييق على الحريات وتضييق على المعارضة ومحاربة للشباب وتقليص الحريات بالجامعة واستمرار استهداف المتظاهرين وسقوط القتلى أثناء المظاهرات. وأضافت لـ"إيلاف": "الأخطر هو غياب العدالة الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وإستمرار حصار الأزمات للمصريين، ومنها البطالة وارتفاع الأسعار".

ودعت إلى الافراج المعتقلين وكل من مضى عليه فى الحبس الاحتياطى ثلاثة أشهر او ستة أشهر، بالاضافة إلى كل من هو محبوس احتياطيا على ذمة جنح وليست جناية، وكل من أحيل للمحاكمة نتيجة قوانين سيئة السمعة مثل قانون التظاهر والتجمهر، معتبرة أن معظم من فى السجون مظلومين نتيجة لعدم وجود محاكمات عادلة، ويعانون في سجون غير أدمية.

خطة أمنية

بالمقابل، وفي خطوة إستبقاية لإمتصاص غضب الشباب والقوى الثورية، أعلن السيسي إعداد قائمة بعدد من المحبوسين الذين لم يتورطوا في أحداث تضر بالبلاد للإفراج عنهم، وبحث موقف إثنين من المحبوسين اللذين صدرت ضدهم أحكاما فى إحدى القضايا، "وسيحدد الموقف في ضوء مراجعة مواقف المحبوسين الآخرين".

ورفضت الحكومة المصرية أية فعاليات للإحتجاج أو الإحتفال بالشوارع، وخصصت استاد القاهرة لإحياء الذكرى الرابعة للثورة، وقال السفير حسام القاويش، المتحدث مجلس الوزراء،: "وضعت وزارة الداخلية خطة أمنية للتعامل مع الاحتفالات خلال هذا اليوم، تشمل تأمين استاد القاهرة الذي ستُقام عليه الاحتفالات، وأماكن أخرى بالمحافظات المختلفة".

وأضاف: "لن يكون هناك احتفالات بذكرى الثورة في الميادين العامة، ووزارة الداخلية ستقوم بالتنسيق مع القوات المسلحة لمواجهة أي أعمال عنف أو خروج عن القانون في هذا اليوم". ولفت إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ أهداف الثورة، وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية.