تسبب إجراء في تونس يعرف باسم "الفحص الشرجي" بتثبيت ادانة طالب في قضية تتعلق بالمثلية الجنسية، ومن ثمة سجنه، وانتفضت منظمات حقوقية كثيرة ضدّ هذا الإجراء ووصفته بـ"القروسطي" وأدانت بشدة انتهاك الحرمة الجسدية للمواطنين، كما طالبت بإلغاء فصل قانوني يجرّم المثلية.
مجدي الورفلي من تونس: أثار الحكم بسنة سجن نافذة على طالب تونسي أدين بالمثلية الجنسية، ردود فعل مستهجنة من طرف المنظمات الحقوقية التي نددت بتجريم المثلية، فيما تجاوزت اصوات منظمات اخرى موضوع المثلية، لتنادي باحترام الحرمة الجسدية للافراد التي يضمنها الدستور التونسي الجديد، خاصة وان الشاب المحكوم عليه بالسجن تعرض لإجراء يسمى "الفحص الشرجي لإثبات تعوده على الممارسة الجنسية المثلية.
واعتقل الشاب في السادس من أيلول/ سبتمبر في محافظة سوسة الساحلية لاستجوابه بخصوص جريمة قتل بعد العثور على رقم هاتفه مسجلا في هاتف الضحية.
ونفى الطالب أي ضلوع له في جريمة القتل الا أنه اعترف بإقامة علاقة جنسية مع الضحية، وخضع لفحص الشرج رغم إرادته، بحسب ما افادت محاميته فدوى براهام، وذلك بإذن من الشرطة التونسية وتحديدًا الضابطة القضائية.
الفصل 230
احالة الشاب التونسي على "الفحص الشرجي" ومن ثم الحكم عليه بسنة سجن نافذة استندت الى الفصل 230 من المجلة الجزائية التونسية (القانون الجنائي) الذي ينص على أن "يعاقب مرتكب اللواط أو المساحقة بالسجن مدة ثلاثة أعوام".
ويندرج هذا الفصل ضمن الجرائم الجنسية في الفرع الثاني المتعلق بالاعتداء بما ينافي الحياء ولم يقع تعديله منذ سنة 1913 (تاريخ إصدار القانون الجنائي التونسي)، والتي تتضارب، حسب فقهاء القانون في تونس، مع الدستور الجديد الذي يمثل ضمانا للحريات الخاصة، على حدّ تعبيرهم.
&&
في تعليقه على الموضوع، اعتبر وزير العدل التونسي محمد صالح بن عيسى ان "الفصل 203 من المجلة الجزائية الذي يجرم اللواط هو ما يجب التركيز عليه والتفكير في كيفية الغائه خاصة انه وعلى ضوء الدستور هناك عديد من القوانين المتعارضة مع ما تضمنه من تنصيص على الحريات التي يجب ان تُنقح او تُلغى بضغط من المجتمع المدني".
وقال وزير العدل: "ما حدث هو انه خلال تحقيق في جريمة قتل وُجد رقم المقتول في رقم المعني بالفحص وفي استبيانه بعلاقته به اكد انها تتلخص في علاقة جنسية ومن ثم وقع تسخير طبيب شرعي، ووفق التقرير الذي وصلني فالاجراءات قانونية وهنا لا ادافع عن تجريم المثلية او الفحص الشرجي، ولكن الاشكال في وجود فصل قانوني يتعارض مع الحريات الشخصية ولكن وقع تطبيقه".
اساليب وحشية
هادي الساحلي، نائب رئيس جمعية "شمس" التي تُعنى بحقوق المثليين في تونس، قال في تصريح لـ"إيلاف": "خلنا أن هذه الأساليب الوحشية، منها الفحص الشرجي، قد ولّى بعد المصادقة على دستور ضامن للحريات الخاصة".
واطلقت الجمعية المدافعة عن حقوق المثليين في تونس حملة مناهضة لممارسات تصفها بـ"التمييزية" ضد المثليين، من قبيل الفحص الشرجي وغيرها والتي تتنافى مع ابسط حقوق الانسان والمتمثلة في الحرمة الجسدية، بحسب الجمعية.
إلى ذلك، أعلن المجلس الوطني لعمادة الأطباء في تونس عن "فتح تحقيق لتحديد أي اختراق محتمل لمدونة الأخلاقيات الطبية من قبل الطبيب الذي اشرف على فحص مواطن تونسي تم سجنه بتهمة اللواط".
وأدان المجلس "بشدة أي فحص طبي غير شرعي أو غير مبرر يمس& من الكرامة والسلامة البدنية والعقلية لأي شخص يتم إخضاعه لهذه الفحوص".
&
"قانون جنائي قروسطي"
احدى اكبر المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان في تونس وهي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان طالبت في بيان إطلعت عليه "إيلاف" بإطلاق سراح الشاب فورا وفتح نقاش جدي بعيدا عن جميع التجاذبات من أجل إلغاء الفصل 230 من المجلة الجنائية القروسطية المنافية للدستور وللشرعة الدولية لحقوق الانسان، على حدّ تعبير الرابطة.
واستغربت الرابطة "من اقتراف هذه الانتهاكات مجتمعة غير القانونية وغير الدستورية والمنافية لقسم الأطباء من طرف أمنيين وطبيب ضدّ مواطن تونسي شاب أعزل ومن المحكمة التي لم تقض ببطلان إجراءات التتبّع والإذن بإطلاق سراح هذا الشاب".
وتابع البيان ذاته "تستنكر الرابطة بشدة الإعتداء على حرمته الجسدية وعلى حريته بإرغامه على الخضوع لفحص طبي من طرف طبيب أخل بواجباته المهنية كما تستنكر كلّ هذه الخروقات الأمنية التي أدّت إلى إهانة هذا الشاب وسجنه وتدعو إلى فتح تحقيق جدي وحيني لتحديد المسؤوليات وتتبّع كلّ من يثبت تورّطه في هذه الخروقات الخطيرة".
إلغاء تجريم السلوك المثلي
الموضوع تجاوز حد المنظمات الحقوقية المحلية لتتدخل هيومن رايتس ووتش على لسان إريك غولدستين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي قال انه "على الحكومة التونسية ألا تلاحق أي شخص بسبب أفعال جنسية خاصة تمت بالتراضي بين بالغين وإذا كانت تونس تطمح حقًا لتكون رائدة إقليميًا في مجال حقوق الإنسان، فعليها أن تكون سباقة إلى إلغاء تجريم السلوك المثلي".
واكدت هيومن رايتس ووتش في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه ان الدستور التونسي، وكذلك القانون الدولي، ينصان على أن تحترم الحكومة خصوصية الأفراد والحرية الشخصية في تونس، وأن لا تلاحق الأشخاص بسبب أعمال جنسية تتم بين البالغين بالتراضي.
وحسب هيومن رايتس ووتش، يتعين على وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الصحة أن تصدر أمرا فوريا يضع حدا لاستخدام الاختبارات الشرجية القسرية من قبل الشرطة عند تحقيقها في سلوك جنسي بالتراضي.
التعليقات