في وقت تسعى فيه الحكومة المصرية بجدية من أجل الانتهاء من استحقاقات خارطة المستقبل التي تم وضعها عقب ثورة 30 يونيو، تلاحق مخاوف عديدة البرلمان المقبل، يأتي في مقدمها المخاوف المتعلقة بإمكانية الطعن في دستورية القوانين المنظمة للانتخابات ما قد يؤدي لتأجيل انعقاد البرلمان أو حله بعد انعقاده، ويبلغ عدد الطعون المطالبة بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية نحو 500 طعن.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يواجه البرلمان المصري المقبل، الكثير من الطعون بسبب استبعاد بعض المرشحين وأخرى بسبب رفض قبول بعض القوائم، وأخرى بسبب عدم دستورية قوانين الانتخابات.

وفقًا لتأكيدات محللين قانونيين وسياسيين فإن جميع المؤشرات تؤكد أن البرلمان المقبل، سوف يكون قصير العمر، وهناك من توقع أن يكون عمره 90 يومًا، وبعدها تصدر المحكمة الدستورية حكمًا بحل البرلمان على أساس بطلان قانون الانتخابات البرلمانية.

وشهدت أروقة محاكم القضاء الاداري على مستوى الجمهورية مئات الطعون المقدمة من المرشحين المستبعدين من الانتخابات ولأسباب مختلفة، فمنهم من تم استبعاده تارة لعدم استكمال أوراق الترشح وتارة أخرى لعدم اجتياز الكشف الطبي أو بسبب تعاطي المخدرات.

وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حول الإنتخابات، فإن الطعون تنصب فى مجملها على قرارات اللجنة العليا للانتخابات والتي استبعدت فيها بعض المرشحين بسبب أخطاء بشرية من القائمين على تلقي طلبات الترشح في المحاكم الابتدائية في المحافظات وطعون ضد وزير الصحة ورئيس اللجنة والمتعلقة بإعادة الكشف الطبي على نفقة المرشحين الذين سبق لهم الكشف الطبي في شهر فبراير الماضي.

وتضم قائمة الدعاوى المطالبة بوقف الانتخابات،&ورفضت محكمة القضاء الاداري في الاسكندرية الدعويين المقامتين ضد قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 88 لسنة 2015 وذلك لعدم الاختصاص بنظر تلك الدعاوى.

وأقامت بعض القوائم الإنتخابية دعاوى قضائية ضد اللجنة العليا للإنتخابات، منها، قوائم حزب المصريين الاحرار، الذي أسسه ويرعاه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، ورفضت محكمة القضاء الإداري الدعوى المطالبة بعدم قبول أوراق ترشح حزب المصريين الاحرار، وبالتالي يخوض الحزب الانتخابات البرلمانية بكامل قوائمه.

ودخل حزب النور المنافسة في الدعاوى القضائية، ورفضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري الدعوى المطالبة بعدم قبول أوراق ترشح حزب النور وقائمة الجبهة المصرية في غرب الدلتا، كما رفضت الدائرة الأولى&في المحكمة ذاتها&الدعوى المقامة ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات لقبول أوراق ترشح حزب لسباق تشكيله بالمخالفة للدستور.

ولجأت قائمة "صحوة مصر" المعارضة إلى القضاء بعد استبعادها، إلا أن الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة رفض الطعن المقدم من القائمة بشأن قصر الفترة الزمنية الخاصة بإنهاء إجراءات الترشح والطعن المقدم ضد قرار وزير الصحة الخاص بإلزام المرشحين للمرة الثانية بسداد رسوم الكشف الطبي، وهو الطعن الذي في حال قبوله سوف تؤجل الانتخابات البرلمانية.

وانتقد الدكتور علاء توفيق مساعد رئيس حزب الجيل، قرار اللجنة العليا للإنتخابات استبعاد قائمة ائتلاف الجبهة المصرية في قطاع الجيزة والصعيد للمرة الثانية بعد حكم المحكمة الإدارية العليا النهائي بإدراج القائمة.

وأضاف في تصريح ل"إيلاف" أن "القائمة تقدمت بالطعن على هذا القرار الذي يستند على نقاط ضعيفة واهية ويخالف قانون مجلس النواب في مادته ٢٠ و٢١ وقرار اللجنة نفسها رقم ٦٧ وإن شاء الله سيعيد القضاء الأمور إلى نصابها".

وقال توفيق: "اتركوا الحكم للناخب الذي نثق في اختياراته بعد ٣٠ يونيو، فهو يعي جيداً من سيختار ومن هو القادر على دعم الدولة المصرية في هذه المرحلة.

وتضم الطعون القضائية على الإنتخابات، دعاوى قضائية الهدف منها التشهير بالمرشحين المنافسين في الانتخابات عن طريق إلصاق التهم الواهية بالمخالفة للضابط الرابع عشر من قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم 74 لسنة 2015 بشأن ضوابط الدعاية الانتخابية والذي ينص على "يشطب المترشح في حال ارتكاب مخالفة للضوابط الواردة في الدستور أو القانون أو قرارات اللجنة العليا للانتخابات".

وشهدت أروقة مجلس الدولة مئات الطعون المقدمة من المستبعدين من الترشح ومن بعض المرشحين ضد البعض الآخر.

وأقام بعض المرشحين دعاوى تطالب اللجنة العليا للانتخابات باستبعاد مرشح منافس لهم في الدائرة& نفسها عن طريق التشهير بإساءة استعمال حق التقاضي برفع دعاوى تطالب فيها باستبعاد بعض المرشحين عن طريق استخدام اتهامات باطلة للمرشح المنافس بهدف إضعاف مركزه الانتخابي في دائرة ترشحه وبالمخالفة للبند التاسع من الضابط العاشر من القرار رقم 74 سنة 2015 والمتعلق بمحظورات الدعاية.

وأقام محامون ومرشحون دعاوى ضد اللجنة العليا للانتخابات، لوقف قرارها بفتح باب الترشح للانتخابات بسبب بعض القوانين التي تحوي عوارًا دستورياً أو بسبب استبعاد المرشحين.

وافتتح الدكتور جمال زهران، عضو مجلس الشعب السابق، سباق الدعاوى القضائية بدعوى طالب فيها بوقف الانتخابات لحين تعديل قانون تقسيم الدوائر بما يكفل تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، وقال في دعواه: "إن قرار فتح باب الترشح للانتخابات خالف الدستور، وأهدر مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين".

وطالب المحامي طه سيد حنفي في دعوى حملت رقم (76079 لسنة 69/ق)، أحيلت على المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات بفتح باب الترشح للانتخابات، وبطلان قانون تقسيم الدوائر المقرر، وجاء في الدعوى أن قانون تقسيم الدوائر احتوى على عدة أمور تعتبر عوارًا فيه، ومن أمثلة ذلك أن الدائرة الخامسة عشرة في محافظة القاهرة تضم "الوايلي" و"الظاهر"، وهو تقسيم فيه إخلال بمبدأ المساواة مقارنة بالدوائر الأخرى ذات الكثافة السكانية المماثلة، وطالب بفصلهما واعتبار كل منهما دائرة منفصلة، وكذلك دوائر أخرى استند فيها إلى الأمر ذاته.

ويرى خبراء قانونيون ودستوريون أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 91 لعام 2015 بشأن إلغاء قرار الرئيس الموقت السابق المستشار عدلي منصور، بالقانون رقم 26 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، ويقضي القرار بفتح مواعيد الحكم بعدم دستورية قوانين الانتخابات والعودة إلى قانون المحكمة الدستورية قبل التعديل في العام 2014، يعطي الحكومة الحق في إجراء الانتخابات البرلمانية وعقد البرلمان دون الانتباه للطعون التي ستقدم للمحكمة الدستورية العليا، واعتبروا أن هذا القرار يضع البرلمان برمته تحت رحمة النظام الحاكم.

في السياق ذاته، قال الدكتور جمال زهران، الخبير السياسي وصاحب إحدى الدعاوى بوقف الانتخابات، إن مجلس النواب القادم باطل لأنه تم وفقًا لقانون مخالف للدستور، وسوف يصدر حكم من المحكمة الدستورية للمرة الثانية بحل البرلمان القادم بعد انتخابه، وينتظر ألا تزيد فترة المجلس عن عام واحد.

ولفت إلى أن قرار فتح باب الترشح للانتخابات خالف الدستور، وأهدر مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين كما أن قانون تقسيم الدوائر احتوى على عدة أمور تعتبر عوارًا فيه، وهناك أحكام قضائية صادرة ببطلان تقسيم بعض الدوائر في القاهرة وهذا مؤشر على بطلان أكثر من دائرة انتخابية على مستوى الجمهورية.

وقال لـ"إيلاف" إن الحكومة ترفض الاستماع لفقهاء القانون بضرورة تأجيل الانتخابات لحين الفصل في عشرات الطعون ضد قوانين الانتخابات، معتبراً أن حل البرلمان بعد انتخابه يمثل إهدارًا للمال العام يكلف ميزانية الدولة ما يزيد عن 5 مليارات جنيه في الوقت الذي تشكو منه الحكومة من أزمة اقتصادية، وأن إجراء انتخابات مخالفة للدستور يخالف مبادئ ثورتي يناير ويونيو".

وبالمقابل، يرى نبيل زكي، المتحدث الرسمي باسم حزب "التجمع"، أن كثرة الطعون ضد الإنتخابات البرلمانية ظاهرة غير صحية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الطعون من شأنها تعطيل الإنتخابات، ودعا إلى ضرورة ما وصفه بـ"ترشيد الطعون" حتى يتم استكمال الإستحقاق الثالث من خارطة المستقبل، والعبور بمصر إلى بر الأمان، وتفويت الفرصة على جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية" في تعطيل البلاد، واجهاد الإقتصاد المصري.

ويستبعد نظرية المؤامرة في قرار الرئيس تحرير المحكمة الدستورية العليا من وقت معين لنظر الطعون ضد الانتخابات البرلمانية.

وقال: لا صحة لسعي النظام لتشكيل برلمان "يأتمر بأمره"، مدللا على ذلك بالشعبية الكبيرة التي يتمتع بها السيسي، وموضحا أن تلك الشعبية هي التي تساعد الرئيس في تمرير القرارات والقوانين، وأن "السيسي" لا توجد لديه تخوفات من البرلمان القادم. واعتبر أن القلق من مسألة حل مجلس النواب ليس في محله.