عبّر ناشطون سوريون لـ"إيلاف" عن مخاوفهم من الاستبعاد والترحيل إثر الإتفاق بين ألمانيا والنمسا والتشيك وسلوفاكيا على إغلاق كامل الحدود النمساوية في وجه المهاجرين المتوجهين إليها إعتبارًا من يوم الأحد المقبل، وتحويل كل العالقين على حدود كرواتيا إلى جمهورية التشيك وسلوفاكيا.


بهية مارديني: اعتبر المعارض السوري شادي الخش أن هذا تطور خطير لأزمة اللاجئين في دول تنادي بحقوق الإنسان، ويؤثر سلبًا على آلالاف السوريين الهاربين من الحرب والويلات، وليس لتحسين ظروفهم الاقتصادية، معتبرًا أن هذا ليس هو الحل لوقف تدفقهم.

وأضاف "تم منذ أيام عدة عمليات إخلاء للكامب، الذي يقع على حدود التشيك مع النمسا، والمعروف باسم (زاستافكا أوبرانا)، ووصلت آخر دفعة منه، وتقدر بحوالى السبعين لاجئ بين نساء وأطفال ورجال، إلى معتقل (بيلا جيزوفا) وسط التشيك، بغية الاستعداد لاحتواء تدفق اللاجئين القادمين من كرواتيا ضمن "كامبات" مغلقة أقرب إلى السجون، لا يسمح فيها بالحركة خارجها مطلقًا".

وقال "أبلغنا مسؤول في الصليب الأحمر بتلقي أوامر سريعة لبناء مخيمات تستوعب في المرحلة الأولى 5000 خمسة آلاف لاجئ في التشيك، ومثلها في سلوفاكيا، الأمر الذي يضع اللاجئين تحت مطرقة قوانين التشيك وسلوفاكيا، التي ترفض استقبال اي لاجئ على اراضيها، وتحتجزهم، بغية اعادتهم الى الدول التي جاؤوا منها".

نزلاء فنادق!
وأشار الى أنه "قد تطول فترة الإحتجاز حتى الشهرين قبل اعادتهم، وهذا يكلف اللاجئ كل ما يملك من مال، واية ممتلكات اخرى، لان التشيك وسلوفاكيا تعتبر اللاجئين الذين تحتجزهم نزلاء فنادق، وتقوم بخصم يومي لتكاليف إقامتهم ضمن سجونها، والبالغة 12 يورو يوميا على الشخص، حتى الأطفال، وبعدها تقوم بإعادتهم مفلسين الى الدول التي جاؤوا منها".

وكان الخش قد تحدث عن لاجئين سوريين يتحدثون من مخيمات اللجوء "بأصوات مشحونة بالخوف والرعب وأصوات بكاء أطفال ارعبهم مشهد البنادق ووجوه الشرطة المتجهمة سمعناهم عبر الهاتف يصرخون لا نعرف أين نحن، ولا نعرف لماذا نحن هنا، لقد اخبرنا موظف شباك التذاكر في النمسا اننا نريد الذهاب الى هامبورغ في المانيا بدون العبور بأي دولة، وهم اعطونا التذاكر على هذا الأساس، ونحن الان في قطار عابر، لن ننزل منه في دولتكم، ليأتي الرد، لانكم تسللتم الى جمهورية التشيك بدون اذن بالعبور، ويجب إعتقالكم وإعادتكم من حيث اتيتم، صوت هرج ومرج وقرقعة اسلحة وعويل اطفال ونساء، وبعدها يسود الصمت عبر الهاتف لإنقطاع الخط، محاولات مستمرة لإعادة الإتصال من دون جدوى".

معاملة مهينة
ووصف المكان الذين وضعوهم به بـ"مركز للحجر الصحي ينطبق عليه اي شي الا ان يكون مكان يليق بوضع البشر العاديين فيه، فهو سجن حقيقي، يتم فصل الأطفال عن أمهاتهم، وتعرية البشر بدون اي التفات لخصوصيتهم الدينية او العرقية، ويتم وضعهم في غرف ضيقة، ممنوع عليهم مغادرتها، لا تفتح الا للتحقيق او لرمي الطعام لهم، ويتم إجبارهم على التوقيع على اوراق لا يفهموا منها شيئا وتبصيمهم، والذي يرفض تتم إهانته، ويصل الأمر في بعض الأحيان الى الضرب والتهديد بالحرمان من رؤية الأطفال، وبعد ان يتم توقيعهم على الأوراق وتبصيمهم وهذا الإجراء يستمر عادة من ثلاثة الى خمسة ايام، يتم تحويلهم بعدها الى مركز للإعتقال في منطقة اخرى، يعتبرها المحتجزون هناك افضل بألف مرة من المكان، الذي تم حجزهم فيه، حيث انه يسمح لهم بالتنفس في حديقة المكان لمدة ساعة يوميا، مع التهديد المستمر بمنعهم من ساعة التنفس هذه في حال ورود اي ملاحظة عليهم او بقرار من إدارة المعتقل".

وقال "في كل يوم هناك تداهم المكان قوة حفظ النظام مدججة بالأسلحة لتحصي عدد الناس، وتتأكد من وجودهم هناك، رغم ان المكان محصن تماما، وعليه حراسة مشددة بالشرطة والكلاب البوليسية ونوافذ وأبواب حديدية مغلقة، وهناك يتم ارسال ضبط الشرطة الذي تمت كتابته اثناء التحقيق معهم الى الدول التي جاؤوا منها، لتتم اعادتهم اليها ويطول الإنتظار وتطول المعاناة، حيث ان بعض المتواجدين هناك طال بقاؤهم حتى الشهرين الى الان".

مصادرة أموال
واعتبر أن "المفاجأة أن الإقامة في هذا السجن كارثية، فمنذ لحظة القاء القبض على اللاجئين، يتم الإستيلاء على كل ممتلكاتهم البسيطة وأموالهم وهواتفهم واي موجودات معهم وتعتبر الأموال التي بحوزتهم هي رصيد مالي يتم اقتطاع تكلفة إحتجازهم منه كل يوم، وهذا حسب الأوراق التي يتم توزيعها على اللاجئين لافهامهم هذا الأمر".

وكان قد أعطى مجلس الأمن الدولي، الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لضبط ومداهمة السفن التي تقل مهاجرين غير شرعيين من ليبيا باتجاه أوروبا. وتم تبني القرار بغالبية 14 دولة من أصل 15، فيما امتنعت فنزويلا عن التصويت. وسيسمح قرار مجلس الأمن لمدة عام للأوروبيين بأن "يفتشوا في عرض البحر السفن التي يشتبهون جديًا في أنها تستخدم" من قبل مهربين لنقل مهاجرين من ليبيا. وفي حال تأكيد الشبهات، يمكن تدمير السفن أو جعلها غير قابلة للاستخدام، وسينقل المهاجرون إلى ايطاليا ويحاكم المهربون في إيطاليا أيضا.

توسيع مطاردة
ووسع الأوروبيون الاربعاء عمليتهم البحرية لمكافحة المهربين في المياه الدولية قبالة سواحل ليبيا. وأصبح بإمكان السفن الحربية للاتحاد الأوروبي اعتراض وتفتيش ومصادرة وتدمير القوارب التي يستخدمها المهرّبون لمحاولة الحد من التدفق المستمر للاجئين. وليبيا مقسومة بين حكومتين وبرلمانين متنافسين. ولهذه المسألة حساسية خاصة في ايطاليا، حيث يشكل السوريون والاريتريون والعراقيون، الذين خصوا وحدهم ببرنامج اعادة الاسكان الأوروبي، بالكاد، ثلث المهاجرين الـ132 الفا، الذين وصلوا منذ مطلع العام.

ووعد الاتحاد الاوروبي باجراء "فرز" أول بين المهاجرين، الذين ليست حياتهم مهددة في بلدانهم، والذين يحق لهم طلب وضع لاجئ، لكن ذلك يتعارض مع القانون الايطالي الذي يوفر حماية كبيرة لطالبي اللجوء. وتشير احصاءات المفوضية إلى أن الاريتريين يمثلون 26% من 132 ألف مهاجر، وصلوا إلى ايطاليا هذا العام بعد انقاذهم في المتوسط.

مساعدات وتعاون
لكن محاولات العبور، بحسب وكالات أنباء، أدت إلى مصرع 3080 شخصا على الأقل، بين رجال ونساء وأطفال، معظمهم قبالة سواحل ليبيا، ووصل أكثر من 500 ألف مهاجر ولاجئ، خصوصا من السوريين، إلى أوروبا منذ بداية العام.. وكان الاتحاد الأوربي قد تعهد بمساعدة كل من دول غرب البلقان والبلدان المجاورة لسوريا التي يصلها آلاف اللاجئين السوريين يوميًا.

الاتحاد الأوروبي، بحسب البيان الختامي لاجتماعه الاخير، سيقدم المزيد من المساعدات المالية، ويساعد بإقامة المزيد من مراكز تسجيل اللاجئين. وقالت فيديريكا موغيريني وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "أعتقد أن رسالة بلدان البلقان، سواء الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو غير الأعضاء، تتمثل في الرغبة في التعاون بشكل أفضل. من الواضح أن هذا أمر يشجعه الاتحاد الأوروبي جداً ويرحّب به بشدة".