يُفاجأ رجال الاعمال الغربيون الذين عادوا الى ايران في اعقاب الاتفاق النووي بالمبادرة الفردية واندفاع الجيل الجديد من شركات الانترنت الناشئة التي ظهرت رغم سنوات من العقوبات الدولية ضد ايران.
وإذا زار جيفري بيزوس رئيس شركة امزون ايران اليوم فانه سيجد الكثير مما يبدو مألوفا عنده مثل شركة ديجيكالا التي تقدم على غرار امزون خدمة مجانية لايصال طرود الأجهزة الرقمية في نفس اليوم.
وأصبحت شركة ديجيكالا التي أسسها الأخوان حامد وسعيد محمد سادس موقع في ايران بعدد الزيارات الذي بلغ 850 الف زائر في اليوم. ويعمل في الشركة 900 شخص.
ونقلت بي بي سي عن حامد انه وشقيقه بحثا عن كاميرا رقمية حين كانت الكاميرات الرقمية هي الصرعة الرائجة قبل 8 سنوات ولكنهم لم يعثروا على موقع واحد لتسويق الكاميرا على الانترنت باللغة الفارسية. وانتهى بهما المآل الى شراء كاميرا محلية ولكن اتضح ان عدستها مغشوشة.
وبدأ حامد يفكر في موقع يمكن قراءة الآراء المنشورة عليه وشراء المنتوج بصورة موثوقة عن طريقه.
وأدت التجربة الأولى الى تأسيس شركة تجمع بين البيع على الانترنت وموقع ينشر الآراء على غرار موقع سي نت الاميركي العملاق.
ويقول حامد "لدينا استوديو خاص بنا وفريق من 100 فرد يختبرون المنتوج ويحررون الآراء لقناتنا التلفزيونية ديجيكالا".
واستغلت شركة ديجيكالا بطرق عديدة ما يسميه البروفيسور نادر حبيبي من جامعة برانديس الاميركية "الساحة الشاغرة بسبب العقوبات". وقال لبي بي سي "ان الشركات التي تعتمد على التجارة الخارجية والاستيراد كانت الأشد تضررا بالعقوبات ولكن بالنسبة للشركات الرقمية المحلية كانت العقوبات تُبقي علامات تجارية مشهورة مثل امزون خارج السوق. وهذا في الحقيقة منحها فرصة لزيادة حصتها من السوق".
وكانت منظمة وورلد ستارت آب ريبورت الاميركية التي تتابع الشركات الجديدة على الانترنت قدرت قيمة شركة ديجيكالا بـ150 مليون دولار وتقول المنظمة اليوم ان قيمتها تزيد على 500 مليون دولار.
ورغم الضرر الذي الحقته العقوبات بالاقتصاد الايراني عموما فان شركة ديجيكالا لم تعرف نقصا في الزبائن المستعدين لانفاق مبالغ كبيرة على شراء اجهزة مثل احدث الهواتف الذكية المتوفرة.
ولاحظ حامد ان سكان ايران هم من أكثر سكان المنطقة شبابا وتعلما. وقال "ان التكنولوجيا بالنسبة لهم ليست ترفا بل هي نسيج حياتهم ويحصلون عليها حتى إذا كان من الصعب ايجاد ثمنها".
ولكن ديجيكالا واحدة من شركات انترنت عديدة ظهرت في ايران مستغلة الزيادة الهائلة في استخدم الانترنت خلال العامين الماضيين.
ومن المواقع الشعبية الأخرى كافيه بازار وهي مخزن للتطبيقات التي يمكن تنزيلها على اندرويد تبلغ حصته من السوق الآن 85 في المئة بما يقدمه من خدمات للايرانيين الذين لم يتمكن غوغل من الوصول اليهم بسبب العقوبات.
وتضم مبيعاته الأكثر رواجا لعبة كلاش اوف كلانس الشعبية عالميا والعابا جرى تطويرها محليا مثل لعبة بايك التي تستهوي سائقي الدراجات النارية المعروفين بمخاطراتهم في شوارع طهران.
ويعتبر تخفيفان نسخة ايرانية ناجحة من موقع غروبون بتقديمه كل شيء من الوجبات المخفضة في المطاعم الى قضاء ايام في المصح وتذاكر للمسرح.
وأُطلق اون فيديبو بمثابة رد ايران على القارئ الالكتروني كندل. &وكان من أكثر الكتب مبيعا على هذا القارئ الالكتروني الايراني مؤخرا رواية جورج اورويل 1984 وعدة كتب للعالم الفيزيائي ستيفن هوكنغ وسيرة حياة وزير الخارجية محمد جواد ظريف وسيرة حياة باراك اوباما بقلمه.
وهناك ايضا موقع مامان ـ باز (طهي الأم) الذي يربط الجائعين من موظفي المكاتب بربات بيوت يبيعن أكلات طُهيت في البيت.
ويعني ظهور مواقع كهذه على الانترنت ان الايرانيين يعيشون حياتهم الآن بين عالمين متجاورين هما عالم الأجهزة الالكترونية والعاب الفيديو واستهلاك البضائع الفاخرة والعالم الآخر المعروف بقدر أكبر ، عالم رجال الدين المحافظين والاعدامات في الساحات العامة والشعارات المعادية للغرب.
وما زالت ايران الرسمية حاضرة بقوة ولكنها لم تعد تحتكر السيطرة على الرواية التي ترسم صورة ايران ، كما يقول السوسيولوجي حسين قاضيان المستشار السابق للرئيس السابق محمد خاتمي.
وبحسب قاضيان فان وجود ثقافة رسمية مركزية هي السائدة انتهى في ايران.
ويقول المركز الوطني لتطوير الانترنت في ايران ان عدد مستخدمي الانترنت يبلغ الآن 73 في المئة من السكان وهي نسبة تجعل ايران واحدة من أكبر بلدان الشرق الأوسط بعدد مستخدمي الانترنت.
وتنقل بي بي سي عن البروفيسور فواز جرجس من مدرسة لندن للاقتصاد ان الايرانيين الشباب مرتبطون بالعالم بحيث انهم الآن "الأقل عداء للغرب" في المنطقة.
ومن مؤشرات التغير الحاصل ان العديد من السياسيين المحافظين يلجأون الآن الى مواقع التواصل الاجتماعي لايصال رسالتهم الى جيل الشباب.
ولعل مواقع مثل تويتر وفايسبوك ما زالت تُحجب في ايران ولكن هذا لا يمنع كبار المسؤولين ، بمن فيهم المرشد الأعلى آية الله خامنئي من استخدام الموقعين بانتظام.
وقال حسين قاضيان "ان نتائج لا بد ان تترتب على استخدام المحافظين لهذه المنصات الجديدة. &فهم لكي يستخدموها عليهم ان يغيروا انفسهم وعليهم ان يصيغوا أنفسهم ورسالتهم بحيث يمكن ان يكون لهم مكان مناسب في هذا العالم الجديد. &وهو سيغيرهم دون ان يدركوا هذا التغيير".
وفي بلد سلطوي محافظ مثل ايران من البديهي ان يواجه اصحاب المبادرات الفردية في قطاع الأعمال اخطارا بادارة شركات انترنت تعمل على الطريقة الغربية. &وهم يحرصون في المقابلات معهم على الابتعاد عن السياسة ولكن هناك بوادر تشير الى حدوث تغيير لصالحهم. &
وقال حامد محمد مالك شركة ديجيكالا "عندما وصل 4 جي كان ممنوعا على ما يُفترض ولكن زيادة عرض النطاق الترددي هي الآن أولوية الحكومة العليا و4 جي موجود في كل مكان. &واضاف بعد صمت "ان الانترنت.... أخذت تؤدي مفعولها".
التعليقات