جيزرة: بين حظر التجول في المدن والحواجز التي ينصبها شبان وانتشار شرطيين مسلحين في كل مكان، عاد جنوب شرق تركيا حيث الغالبية كردية الى حالة حرب تهدد سير الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستجري في الاول من تشرين الثاني (يناير).

واصبحت مدينة جيزرة على حدود سوريا والعراق رمزا لاحتدام النزاع الكردي مجددا. وقد شهدت في الشهر الفائت مواجهات بين الشرطة وعناصر من حزب العمال الكردستاني طوال ثمانية ايام في وقت كان 120 الف نسمة محاصرين في شكل كامل.

واتسمت المعارك بعنف استثنائي. وفي حين اكدت الحكومة انها لم تقض الا على "ارهابيين"، اشارت المنظمات الحقوقية الى مقتل 21 مدنيا.

من بين الضحايا عائلة ادين. فزوجة الابن زينب طاشكن البالغة 18 عاما قتلت برصاص قناص على عتبة دارها، فيما كانت تحمل رضيعها برخودان البالغ 9 اشهر. وبعد لحظات ارديت حماتها بالسلاح نفسه عندما حاولت مساعدتها.

وقال رب العائلة احمد مستاء "هذا هو السلاح الوحيد الذي كانت امه تحمله" مشيرا الى الرضيع.

واضاف سائق الشاحنات امام مدخل منزله الذي مزقته اثار الرصاص بصوت مختنق "اطلقوا النار على جميع الابواب (...) بلا اي تمييز"، مضيفا "لم ار القناص بنفسي، لكن المعروف ان القوات الحكومية كانت تسيطر على هذا الحي. مطلقو النار تابعون للدولة (...) هؤلاء هم الارهابيون".

ويوافقه الراي الشباب الذين حملوا السلاح لمواجهة القوات الخاصة في شرطة مكافحة الشغب في شوارع جيزرة. فالحكومة بالنسبة اليهم هي المسؤول الوحيد عن العنف.

وقال سيفان الشاب الفارع الطول البالغ 28 عاما "لم نفعل الا الدفاع عن انفسنا"، فيما ارتدى ملابس التمويه العسكرية مخفيا ملامح وجهه بقناع. وهو يتباهى بانتمائه الى حركة الشبيبة الوطنية الثورية التي تعتبر "فرعا" ناشطا في المدن لحزب العمال الكردستاني.
&
مواجهة الضغوط

واوضح سيفان انه ما ان رفع حظر التجول، حتى قامت مجموعته المكونة من حوالى مئة شاب باعادة الحواجز والخنادق الى مدخل حي نور، مصممين على مواصلة منع قوى الامن من دخوله. واضاف "نتعرض للتوقيف وتتعرض منازلنا للمداهمة لادنى سبب. لا نريد هذه القسوة. نحن مستعدون لفعل كل ما يلزم لمنع كل ذلك". وتابع "كل ما نريد هو ان تحترم الجمهورية التركية حقوقنا كمواطنين وان تعترف باننا اكراد".

لكن الحكومة اطاحت بهذه المطالب مبررة لجوءها الى العنف بالحاجة الى قمع محاولة "انتفاضة" في جيزرة وفي عدد من مدن جنوب شرق تركيا حيث الاكثرية من الاكراد. وصرح رئيس الوزراء التركي الاسلامي المحافظ احمد داود اوغلو "اننا نواجه عملية تهدف الى توسيع رقعة الحرب التي تشنها الجماعات المسلحة (الكردية) من الارياف الى المدن".

وقال وهاب جوشكون استاذ القانون في جامعة دجلة في دياربكر "بالطبع لا يمكن لاي دولة ان تقبل بان تخرج احياء بكاملها ومدن عن سلطتها"، متداركا "لكن الاجراءات التي اتخذتها الدولة ردا على التظاهرات واستفزازات حزب العمال الكردستاني منافية بشكل كبير لحقوق الانسان".

وعشية استحقاق الاول من تشرين الثاني (نوفمبر) يتبادل المعسكران الاتهامات باللجوء الى السلاح للضغط على الناخبين. وصرح داود اوغلو الثلاثاء امام انصاره في فان (شرق) ان "الذين سيحضرون امام مكاتب الاقتراع لممارسة الترهيب او الضغط للتصويت لصالح هذا الحزب او ذاك سيساقون امام القضاء".

من جهته يندد حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للاكراد بالاجندة الانتخابية المستورة لدى السلطة. وقالت النائبة عنه تشالار دميرلاب ان السلطة "تريد تجنب تمثيل حزب الشعوب الديموقراطي في البرلمان".
وشاطرها رئيس نقابة المحامين في المدينة هذا الامر. وصرح نصيروان التشي "تحاول السلطة تخويف الناس لئلا يصوتوا. وقد تذهب الى الغاء الاستحقاق بذرائع امنية كاذبة".