نصر المجالي: مع عودة تركيا لحكم الحزب الواحد نتيجة الانتخابات البرلمانية التي ستعزز سلطات أردوغان، فإن التوقعات إلى مزيد من الانقسامات الاجتماعية بين من يرونه بطلاً وخاصة الطبقة العاملة وبين العلمانيين الذين يشكون في ميوله الاستبدادية ومثله الإسلامية.

وحث أحمد داود اوغلو بعد إعلان نتائج الانتخابات في كلمة في المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في أنقرة، الأحزاب السياسية على العمل معاً لوضع دستور جديد، بينما قال اردوغان إنه يريد أن يتضمن سلطات تنفيذية للرئاسة.

وعلّق مسؤول كبير من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي كان يفكر في "الحد من" نفوذ إردوغان من خلال حكومة ائتلافية، إن النتيجة هي "ببساطة كارثة".

وتساءل تقرير صحفي في لندن عن كيفية تحقيق أردوغان لفوز حزب العدالة والتنمية بتقويضه بناء التحالف، الذي يمكن أن يعطي لتركيا حكومة مستقرة بعد انتخابات حزيران (يونيو) الماضي، وكيف أنه دبّر أمر فشل مفاوضات التوصل إلى مثل هذا التحالف لكي يحصل على فرصة ثانية.

تقليص مراكز القوة

وتشير افتتاحية صحيفة (الغارديان) اللندنية الى أن سنوات حكم أردوغان شهدت تقليصًا لمراكز القوة المستقلة واحدًا تلو الآخر، إذ أنه خفض حجم الجيش التركي في خطوة قد تبدو ضرورية لكن طريقة تنفيذها تثير الشكوك.

كما أن أردوغان اختلف مع شريكه الصامت، حركة فتح الله غولن، ليحجم نفوذها في الصحافة والتعليم، كما سيّس القضاء وأجهزة فرض القانون بشكل مطرد، وقد صدر عدد من وثائق الإدانة لتركيا من منظمات حقوقية من بينها التقرير السنوي الأميركي عن أوضاع حقوق الإنسان الصادر هذا الصيف.

وتقول الصحيفة إلى القول إن أردوغان استعاد أغلبيته لكن تركيا تضررت من هذه العملية، إذ قُوضت مؤسساتها المستقلة وأهملت قوانينها الدستورية، كما تدهورت العلاقات بين الاثنتين التركية والكردية وعادت الحرب التي كان يعتقد أنها انتهت.

وتخلص إلى القول إن أردوغان سيواصل سعيه من أجل التعديلات الدستورية التي يريدها، وإذا لم يحصل عليها فإنه سيتصرف كما لو أنها قد تحققت.

خيار تركيا الصعب

ومن جهتها، تناولت صحيفة ديلي تلغراف نتائج الانتخابات التركية في افتتاحيتها التي حملت عنوان "خيار تركيا الصعب"، وتقول الصحيفة إن إعادة انتخاب حزب أردوغان قد تؤكد السيطرة على مركز الحكم، لكنه يواجه مهمة تاريخية في جلب الاستقرار إلى عموم البلاد.

فالصعوبات الاقتصادية والقضية الكردية والمسلحون الإسلاميون المتشددون في سوريا وأزمة اللاجئين عوامل تعمل مجتمعة على تهديد استقرار تركيا.

وترى الصحيفة في الختام أن أردوغان، بعد عقد في الحكم، قد يكون أقوى زعيم تركي منذ مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، ولكنه أيضا شخصية خلافية، وأن مهمته في الأعوام الأربعة القادمة هي أن يظهر أنه شخصية موحدة للأتراك أيضا.