&أطلق غاري كاسباروف، قائد المعارضة الروسية، سلسلة من الإنتقادات اللاذعة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبرًا أنه حوّل روسيا إلى دولة ديكتاتورية، فيما اتهم الدول الغربية بالتساهل معه، وطالبهم بمزيد من الحزم والتشدد.

&
عبد الإله مجيد: قال بطل العالم السابق في الشطرنج وقائد المعارضة الروسية، غاري كاسباروف، "ان روسيا اليوم دولة مافيا، والرئيس فلاديمير بوتين عرابها الأول"، واضاف: "ان النظام الروسي في أزمة اقتصادية، ولم يعد قادرًا على تقديم شيء لمواطنيه، ولهذا السبب ينتهج بوتين سياسة خارجية عدوانية ليروي من خلالها حكاية العزة الروسية واستعادة جبروتها كقوة عظمى، لكنه يستخدم دعاية فاشية للقيام بذلك، فهو يتصرف من اوكرانيا الى سوريا وكأنه زعيم العالم الجديد، ويحتفل بالانتصارات، فيما يقف الرئيس الاميركي متفرجًا وأوروبا تغط في النوم"، كما وانتقد كاسباروف موقف الغرب من بوتين، قائلًا إنه "استسلام سياسي واخلاقي".
&
بلا حياء
&
كاسباروف أشار في مقابلة مع مجلة شبيغل الى ان "احدًا ما كان ليصدق، قبل 15 شهرًا، ان بوتين سيضم شبه جزيرة القرم وينتهك الحدود الاوروبية التي رسمت بعد الحرب انتهاكا صارخًا، ثم جاء التوسع في شرق اوكرانيا، والآن التدخل العسكري المباشر في الحرب السورية الى جانب السفاح بشار الأسد".&
&
وأكد بطل العالم السابق بالشطرنج ان "بوتين يحتاج الى حروب لشرعنة موقعه، فهي الحركة الوحيدة التي تبقت له"، وقال ان بوتين ألقى كلمة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول (سبتمبر)، حيث "تحدث بلا حياء عن أهمية السيادة الوطنية في سوريا، وهي مفهوم قريب الى قلبه وعزيز عليه كما يبدو، إلا حين يتعلق بسيادة جورجيا أو اوكرانيا أو أي بلد آخر يتدخل فيه، ثم عرض تعاونه، ولكن من دون تقديم اي تنازلات ملموسة، فهو لديه دبابات في اوكرانيا ومقاتلات في سوريا وباراك اوباما في البيت الأبيض، وقد وصف خطاب الأخير في الأمم المتحدة بأنه "بلا أي اسنان، فالغرب لا يستطيع ان يأتي بأي شيء للتعامل مع موسكو سوى التهدئة".&
&
وعما إذا كان كاسباروف يقارن بوتين مع هتلر باستخدامه مفردة التهدئة، قال قائد المعارضىة الروسية: "هناك اوجه شبه لا تقبل الخطأ، فهناك الكثير من السياسيين في الغرب الذين يتشبثون بفكرة الشراكة مع روسيا ويريدون إشراك بوتين وتقديم مساومات والتفاوض باستمرار للتوصل الى اتفاقات معه، ولكن التاريخ علّمنا أننا كلما أمعنا في التهدئة ولا نفعل شيئًا، كان الثمن الذي سندفعه لاحقًا أبهظ".
&
تشديد الضغوط&
&
ورحب كاسباروف بالعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بعد ضم القرم، ولكنه قال: "ان العقوبات والقيود يجب ان تكون أشمل بكثير حتى تكون مؤلمة حقًا على بوتين وحلقته الداخلية، كما يجب أن تشعر الطبقة الوسطى بنتائج ما يفعله".&
&
ودعا كاسباروف الى تشديد الضغط على روسيا قائلًا: "نحن نعيش في عصر جليدي جديد وعلينا تطبيق وصفات الحرب الباردة على الكرملين، ويعني هذا فرض العزلة بدلًا من عرض التفاوض، وكان يجب تزويد اوكرانيا بالسلاح منذ فترة طويلة".&
&
وأوضح أنه قرر ان يمنح بوتين، الذي كان ضابطًا في المخابرات السوفيتية، فرصة حين اصبح رئيس روسيا اواخر عام 1999، فهو "بدا ديناميكيًا وقادرًا على التعّلم، ولكني دفنتُ آمالي بعد أشهر قليلة اثبت خلالها انه حاكم اوتوقراطي، ولأن الغرب سمح له بأن يفعل ما يشاء، فقد اصبح ديكتاتورًا".&
&
داعش
&
وعن اعلان بوتين بأنه سيقاتل تنظيم داعش، وما إذا كان هذا الاعلان يستحق الدعم، قال كاسباروف ان بوتين لا يحارب داعش "وإذا كان يحاربه فهامشيًا"، واضاف: "بوتين يريد بقاء الأسد في السلطة وتوسيع قاعدته العسكرية في سوريا بأي ثمن، بل اعتقد ان له مصلحة في هروب المزيد من السوريين من البلد، فان تدفق اللاجئين يعزز موقفه التفاوضي تجاه الغرب، بمن فيه المستشارة الالمانية، التي يحترمها بوتين أكثر من أي سياسي غربي آخر، فهو يحتقر غالبية الآخرين ولديه اصدقاء في الغرب بين اليمن المتطرف بالدرجة الرئيسة، مثل الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان في فرنسا".&
&
واعرب كاسباروف عن اعتقاده أن بوتين ربما "ارتكب خطأ في الحساب على المدى البعيد بمغامرته في سوريا". & &
&
وتطرق كاسباروف الى اسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء واعلان داعش مسؤوليته عن اسقاطها قائلًا: "ان بوتين يكسب الكثير بتحميل داعش المسؤولية بدلًا من البنية التحتية المتداعية في روسيا، وستكون آلته الدعائية مليئة بمشاهد ضحايا الحادث إذا ما رأى حاجة الى خوض حرب أوسع لحشد التأييد الداخلي مرة اخرى، في وقت يترنح فيه الاقتصاد الروسي".&
&
أقرب إلى الجمهوريين
&
وكان كاسباروف بادر الى تأسيس حركة معارضة مع عالم الفيزياء والسياسي الليبرالي، بوريس نيمتسوف، عام 2008، لكن نيمتسوف قُتل بإطلاق النار عليه في شباط (فبراير) 2015، فقرر كاسباروف الهروب من روسيا، متهمًا الكرملين بتصفية خصوم بوتين السياسيين، وحين سُئل عما سيحدث له إذا عاد الى روسيا، اجاب انه يحمل الجنسية الكرواتية الآن، ولكنه لم يقبلها إلا بعد ان وافقت كرواتيا على احتفاظه بجوازه الروسي، واضاف: "بكلمات اخرى استطيع العودة نظريًا، فوالدتي تعيش في موسكو وارغب في زيارتها، وعليها الآن ان تسافر دائما الى فنلندا أو احدى دول البلطيق للقاء بي، لكني اتوقع ان تُصادَر وثائقي فور وصولي الى موسكو، وان تتعرض عائلتي الى المضايقات"، وقال انه يستطيع ان يمارس دورًا أشد تأثيرًا ببقائه في الغرب من خلال كتبه ومحاضراته. &
&
وكان عضو مجلس الشيوخ الاميركي والقيادي المخضرم في الحزب الجمهوري، جون ماكين، امتدح كتب كاسباروف، وفي هذا الشأن قال كاسباروف: "أنا لا أخفي حقيقة كوني اقرب الى الجمهوريين من الديمقراطيين، ولكن حتى إذا انتُخبت هيلاري كلنتون رئيسة، فان السياسة الخارجية الاميركية ستكون على الأرجح اشد انتقادا ومواجهة تجاه روسيا، وأملي بأن لا يكون الأوان قد فات على ذلك، &فأنا أُريد السفر الى بلدي من جديد، الى بلد بلا دكتاتورية، الى روسيا ما بعد بوتين". &
&
وقال كاسباروف انه لا يعرف متى سيتحقق ذلك ولكن بوتين ايضا لا يعرف، واضاف: "ان عدوان بوتين كالمخدر، وعليه ان يزيد الجرعة التي تزيد الخطر عليه، &فالدكتاتوريات تسقط احيانًا بصورة مفاجئة وسريعة، وبوتين يعلم ان فقدانه السلطة لا يعني تقاعدًا مريحًا، بل شيئًا يختلف تمامًا، فهو يخاف ان تكون نهايته مثل نهاية القذافي".&
&
وعن دوره في روسيا مستقبلًا، قال كاسباروف انه لا يفكر في مناصب ممكنة، ولكنه يريد ان يمارس السياسة ويسهم في تحديد شكل العملية الانتقالية.&
&