&تعمد بعض المقاتلات الروسية إلى قصف معاقل المعارضة السورية بمادة الفوسفور، الأمر الذي اعتبره المراقبون دليلًا على عجز روسيا في تحقيق أهدافها، فيما انتقدوا الصمت الدولي وطالبوا بتحرك فاعل وعاجل.

&
علي الابراهيم: بصوت متقطع يملأه القهر، وجه الخمسيني محمد السعيد نداء استغاثة للمنظمات الدولية والمحلية الانسانية المعنية بالشأن السوري، للتحرك سريعًا بهدف وقف المجازر التي ترتكبها روسيا في سوريا، وقال: "تحركوا قبل أن نصبح جميعًا دواعش، كل يوم نموت بمختلف أنواع الاسلحة، واليوم نقصف بالفوسفور، والكل يشاهد موتنا بصمت، ماذا تنتظرون حتى تتحركوا، أم أن الموضوع عندما لا يتعلق بداعش تخرس الأفواه".
&
هذا النداء جاء بعد أن وثق ناشطون صورًا لقنابل فوسفورية وأخرى عنقودية ألقتها طائرات حربية روسية على مناطق المدنيين شماليّ سوريا، بالقرب من بلدة بينين في جبل الزاوية، ومدينة خان شيخون في ريف إدلب.
&
مصادر بالمعارضة السورية المسلّحة قالت لـ"إيلاف"، إن طائرات روسية قصفت مناطق المدنيين بالقنابل الفوسفورية وأخرى عنقودية، كما أكد ناجون وشهود عيان ومصادر طبية صحة تلك الأنباء، إضافة إلى صور وأشرطة مصورة توضح الغارات ونوعية القنابل المستخدمة.
&

&
خطيرة وغريبة
&
ومع دخول القصف الروسي شهره الثاني،&لا تزال الهجمات الروسية تستهدف بعض المناطق المأهولة بالسكان ضمن الأراضي المحررة، مُخلّفة مئات القتلى والجرحى، جلهم من المدنيين.
&
لكن يبدو أن الهجمات التي حدثت أخيرًا تختلف عن سابقاتها، حيث استخدمت فيها قنابل فوسفورية &تسببت بمقتل 6 مدنيين بينهم طفلة، بالإضافة إلى نحو 10 إصابات، بحسب مركز الدفاع المدني في جبل الزاوية.
&
مدير أحد المستشفيات الميدانية في ريف إدلب، قال لـ"إيلاف": "هناك أشخاص أصيبوا بجروح خطيرة وحروق غريبة، وقد وصلوا للمستشفى بعد الاستهداف، ومن بينهم حالة احتراق لجزء من الجسد وصلت حتى العظام، إضافة إلى تمزق وانفجار بعض الأعضاء الداخلية، دون وجود جروح قطعية أو حادة في جسد المصاب تبرر تلك الأضرار".
&
وأكد العميد زاهر الساكت، مدير مركز توثيق الملف الكيميائي في سوريا، لـ"إيلاف"، أن هذه الإصابات ناتجة عن استخدام قنابل فوسفورية، "فالفوسفور مادة دخانية كيماوية تخترق الجلد والعظام وتحرقها، وتتحول إلى مادة مشتعلة بمجرد تعرضها للأكسجين، مخلفة سحابة بيضاء كثيفة تتسبب بحروق قاتلة، بحيث تتغطى الجثث المصابة برماد أسود، ويميل الجلد للون الداكن"، وأضاف: "الأعراض التي ظهرت على المصابين إثر القصف الروسي توافق تمامًا الحالات الناتجة عن استخدام الاسلحة الفوسفورية المحرّمة دوليًا".
&
صمت دولي
&
إستخدام الأسحلة المحرمة دوليًا ليس بجديد على الساحة السورية، حيث سبق استخدام القنابل الفوسفورية من قبل الطيران الروسي وكذلك هجمات لقوات النظام السوري بالاسلحة الكيميائية والغازات السامة في عدة مناطق من البلاد، وهو ما أكدته منظمة العفو الدولية في تقارير سابقة.
&
وقال بسام الأحمد، مدير مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، لـ"إيلاف"، إن طائرات روسية شنت تسع غارات جوية، غارتان على الأقل استخدمت فيهما القنابل الفوسفورية على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب منذ أيام، أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين، بينهم المحامي عدنان زريق المتعاون مع مركز التوثيق، وهو يمثل خرقًا واضحاً للقوانين الدولية.
&
وأضاف: "هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مناطق في سوريا بهذا النوع من القنابل، وثقنا في وقت سابق استخدام الاسلحة الكيميائية والغازات السامة المحرّمة دوليًا، واليوم وثقنا القنابل الفوسفورية والعنقودية، نحن في مركز توثيق الانتهاكات، وهو مركز معترف به دوليًا، ونقدم تقارير بشكل مستمر، وهي توزع على أعضاء مجلس الامن ومحكمة الجنايات ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية، من دون جدوى، فهذه المنظمات بالنهاية تخضع لتحالفات، لكننا نحاول القيام بدورنا وتسليط الضوء على هذه الانتهاكات ونقدم لهم التقارير، مدعومة بالادلة الحية وشهادات لمصابين وناجين، عسى أن تلقى أذاناً صاغية".&
&

&
روسيا عاجزة
&
إلى ذلك، وفي الوقت الذي تنتشر فيه أصداء فشل التدخل العسكري الروسي في سوريا على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، يرى أبو فيصل، القائد العسكري في جيش الفتح، أن استخدام الروس للقنابل الفوسفورية هو بمثابة عجز تام عن تحقيق إي انجاز عسكري على الأرض مقارنة بالقوة العسكرية المستخدمة في القصف والهجوم، بل ويعتبر نهاية للنظام السوري ومن يدعمه.
&
وأضاف: "هم يريدون قتل أكبر عدد من الأبرياء وبضوء أخضر اميركي لاستخدام كل الاسلحة، لكن هذا لن يغيّر شيئًا من المعادلة، ولن يحبط من عزيمتنا في التقدم لتحرير البلاد من هذا المحتل الروسي والمجرم بشار وملالي طهران، كلنا شاهدنا كيف تم قصف المدنيين في وقت سابق بالسلاح الكيميائي والغازات السامة ولم يتحرك المجتمع الدولي لوقفه، واليوم تستخدم روسيا الفوسفور ولن يتحرك أحد، لذلك نحن نعلم أن الحل لن يكون سوى بالبندقية وتحرير البلاد، ومستمرون حتى آخر يوم في حياتنا".
&
وقالت مصادر مقربة إلى عبد لله المحيسني، القاضي العام لغرفة عمليات جيش الفتح، لـ"إيلاف": "إن التطورات الأخيرة التي حدثت، سواء كانت تقدم قوات النظام في ريف حلب الجنوبي أو استخدام النظام للقنابل الفوسفورية، جعلنا نضع آلية جديدة لاستيعاب جميع فصائل الشمال في صفوفنا، ما سيضاعف العدد، ويفتح معارك جديدة باتجاه معاقل القوات الروسية لنذيقهم حمم القذائف والصواريخ في القريب العاجل".
&
قصف ليلي
&
لوحظ في الفترة الأخيرة شن غارات جوية روسية مع حلول الليل، في محافظات عدة من البلاد، وقد أسفر بعضها عن سقوط ضحايا من المدنيين. يبتسم يوسف الهادي، أحد مقاتلي المعارضة المسلحة، وهو يحاول تفسير سبب القصف الليلي بالقول: "يقصفون في الليل والنهار، لكن أعتقد أن سبب التركيز الليلي هو لتجنب وقوع حوادث اصطدام، فكما تعلم الاجواء كلها طيران، سواء أكان تابعاً للتحالف الدولي أو للطيران الأسدي أو حتى الروسي، بالتالي، وحتى لا تبقى الاجواء فارغة من الطيران، يتم توزيع الادوار على جميع المحتلين لقصف الاهالي وسفك مزيد من الدماء".
&
لكن أبو الوليد، القائد العسكري في جبهة النصرة، له وجهة نظر مختلفة. يقول: "القصف الليلي محاولة لاستهداف تحركات الفصائل، حيث تلجأ معظم الفصائل للتحرك ليلًا في تنقلاتها بين البلدات والقرى، لكن معظم الغارات، وخاصة الصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية والفوسفور، لم تحقق سوى مزيد من الشهداء الابرياء والتدمير، إضافة إلى أن الليل يكون فيه الهواء هادئًا وساكناً، ما يساعد على انتشار الادخنة المنتشرة من القنابل الفوسفورية بشكل اكبر، وبالتالي مزيد من الضحايا"، إضافة إلى ذلك، يتوجه الأهالي في النهار إلى خارج البلدات في حال وجود طيران ضمن الاجواء، لكن في الليل الجميع نيام في بيوتهم، ولا يستطيعون الفرار، كما قال.
&