&ثمة سجال دائر في تونس اليوم حول فرض منع النقاب بعدما ادت بذلك أصوات كثيرة، خصوصًا أنه بات يُشكل تهديدًا للأمن القومي، مع تخفّي الارهابيين خلفه.
&
مروان شلالا: تعالت الأصوات في تونس منادية بضرورة بمنع النقاب في الأماكن العامة والشوارع، محذرين من مخاطره على أمن البلاد وهويتها، بعدما تغيرت نظرة التونسيين سلبًا إلى هذه العلامة من علامات التدين الاسلامي، وذلك بعدما ثبت استخدام العناصر الإرهابية النقاب للتخفي بعيدًا عن عيون الأمن، وبعدما تحول غطاءً شرعيًا لتسهيل تنقلاتهم في اثناء تنفيذهم الجرائم الإرهابية.
&
صارت ضرورة
&
وقررت وزارة التربية التونسية رسميًا منذ أسبوعين تفعيل قرار منع ارتداء النقاب داخل المؤسسات التعليمية، وبدأت حملتها بإيقاف معلمة ومسؤولة إدارية عن العمل بعد تمسكهما به. لكن ذلك غير كاف بحسب مطلقي حملات حظر اللباس على المواقع الاجتماعية، الذين يدعون إلى تعميم القرار كي يشمل باقي المؤسسات العمومية والشارع، لأنها برأيهم مسألة ضرورية لإنجاح خطة مكافحة الإرهاب.
&
وتحت عنوان "معًا من أجل حماية تونس من خفافيش الظلام"، تروج صفحة في موقع فايسبوك بأن منع النقاب صار طلبًا ملحًا يقي المجتمع من خطر المسلحين الارهابيين. ونقلت شبكة سي أن أن بالعربية عن الناشط التونسي عماد زبيدي قوله إنه لا يشعر نفسه آمنًا بوجود المنقبات، وبات يخاف على نفسه وأبنائه وبلده مما يمكن أن يظهر من تحت النقاب.
&
أضاف: "بصراحة أشك في لابسي النقاب دائمًا وفي تصرفاتهم، حتى إن كانت عفوية، لم أجد إلى الآن أي معنى أو تفسير لإخفاء الوجه".
&
مع المنع
&
قال فاضل عاشور، الناطق الرسمي لنقابة الأئمة بتونس، إنه مع التوجه الحكومي لمنع النقاب الذي ليس لباسًا شرعيًا، "بل هو خاص بقبيلة معينة في الجزيرة العربية، ولباس للبدويات يعبر عن جانب طبقي أكثر من جانب شرعي".
&
أضاف عاشور: "من يروّجون لهذا اللباس يريدون خلق مجتمع موازٍ لا يمثل التونسيين".
&
وقالت الصحفية آمنة القابسي إن هذه المبادرة في محلها وفي وقتها، "فتغطية المرأة وجهها يجعلها خفية عن الأنظار، ويجعل التواصل معها صعبًا، وبالتالي يجعلها محل شبهات وتتبعات".
&
أضافت لشبكة سي أن أن بالعربية: "يجوز للدولة تقييد بعض الحريات مثل منع النقاب في حال تحوله إلى خطر على أمن وسلامة المجتمع، وعلى المنقبة أن تزيل من تفكيرها أن وجهها يمكن أن يثير الفتنة".
&
أما الشيخ فريد الباجي، رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية، فلا يرى مانعًا في حظر النقاب في الأماكن العامة، مع تشديد الرقابة عليه في الشارع.
&
أضاف أنه يدعم الدولة إذا قررت منع النقاب في الأماكن العامة، "لأن ارتداءه يتعارض مع الأمن القومي التونسي وسلامة المجتمع، خصوصًا بعد استعماله في العمليات الإرهابية، وعلى المنقبات في الشارع التزام كشف وجوههن إذا اقتضت الضرورة التثبت من هوياتهن".
&
ليس في الشارع
&
أكد الشافعي ظفرالله، الناشط حقوقي في المجلس الوطني للحريات، إنه مع منع النقاب في الوظيفة العمومية لكن ضد منعه في الشوارع.
&
قال: "يجب عدم فرض منقبات علينا في الإدارة أو فرضهن على أبنائنا لأننا نحن من يدفع لهن الضرائب ومن حقنا إبداء رأينا وملاحظاتنا والتواصل مع أناس هوياتهم مكشوفة، وإذا تم قبول النقاب في الإدارات العمومية، فيجب قبول الرجال الملثمين أو النساء العاريات بإسم حرية اللباس".
&
اضاف ظفرالله أن منع النقاب في الشارع سيخلق شرخًا كبيرًا في المجتمع، "ويوسع الحاضنة الشعبية للإرهاب خصوصًا أن دولًا مثل بريطانيا تؤيده، فإن حظرته الدولة التونسية سيقولون هذه الدولة أقل إسلامًا من بريطانيا".
&
ولا يوجد في تونس قانون يمنع النقاب، كما أن الدستور التونسي الجديد نص في فصله رقم 21 على أن الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة.
&
وقال أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد إن الدستور الجديد كفل توازن الحريات في فصله 49، الذي ينص على أن القانون يحدّد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها، ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها.
&
أضاف سعيد: "من حق السلطة التشريعية في الحالات التي ترتبط بالأمن العام أن تسن قانونًا يمنع بعض الممارسات التي تبدو في ظاهرها جزءًا من الحريات الفردية والعامة على أن لا يتم المساس من جوهر الحق المكفول دستوريًا".
&
التعليقات