مما يلفت النظر في معرض الكتاب المقام حالياً في مدينة جدة السعودية، التنوع والغنى، فتجد كل أطياف المختلفين يصولون ويجولون بين الكتب التي وفرتها 440 دار نشر من 25 دولة.&
&
ولكن الحدث الأبرز في ثاني أيام المعرض؛ كعادة غالب الفعاليات الثقافية السعودية؛ لم يكن شأنا له علاقة بالكتاب، بل كان له علاقة بـ"المحتسبين"، وهو لفظ يطلق على متشددين إسلاميين ينشطون غالبا في الفعاليات الثقافية أو ما يخص المرأة، ويقولون أنهم ينكرون المنكر وخصوصا الاختلاط بين الجنسين أو ظهور المرأة على غير ما يفهمونه ديناً.&
&
مرّ المحتسبون من خلال المئات من النساء من مختلف التوجهات، المنقبة والمحجبة والحاسرة إلا قليلاً، فتجاوزوهن وذهبوا لقاعة قصية كانت تشهد حينها أمسية شعرية للشاعرة السعودية أشجان الهندي، فحاولوا إيقافها، وعن ذلك قالت أشجان الهندي "هذا يثبت، إنهم لا ينظرون للمرأة، لا يهمهم شكلها، ولكن يزعجهم صوتها"، وأضافت "أعرف جيداً أن صوت المرأة يتعبهم، وهو في هذه الحالة يعني تمكينها، يعني انعتاق، وهذا هاجس يؤرقهم".&
&
حين سألت "إيلاف" الشاعرة الحاصلة على العديد من الجوائز محليا وعربيا ودوليا عن هذا الحدث قالت " أنا أتفهمهم، أشفق عليهم، فهم متوترون وخائفون، لا أريد إقصاءهم، كما لا أسمح لهم بإقصائي، وإن كانوا يريدون إسكاتي فلن يتم لهم ذلك".&
&
بعد أن اعترض الأمن المحتسبين، قال أحد المحتسبين رافعاً صوته للحضور: هل يرضيكم ذلك؟، فقال الحضور نعم يرضينا، فذهبت الجملة وسماً على صفحات "تويتر" يتعارك حولها السعوديون بين مؤيد ومعارض، لكن السمة الملحوظة حتى الساعة أن المحتسبون لهم أيضا "لجان إليكترونية" تؤدي واجبها جيداً وبإخلاص.&
&
تعود أشجان الهندي للحديث فتقول: "لقد سكتت المرأة وأُسكتت كثيراً، فصار كل تنازل من ذلك عن شبر يعني فقدان متر، والتنازل عن المتر يعني فقدان ميل، وهكذا"، وتضيف "لست غاضبة منهم، أنا مستمتعة جداً، علينا أن لانقسوا عليهم ونحتويهم، فمبدئي الأساس أن كل مادون الوطن يمكننا التفاهم عليه والتحاور حوله".&
&
وعن هجوم "محتسبي" تويتر عليها تقول الشاعرة : "أستغرب أن يحكي أحدهم باسم الله، باسم الدين، ثم يكيل لك الشتائم والسباب والقذف"، وتضيف متعجبة "هؤلاء متوترون، وقطعاً لا يمثلون ديننا ولا إسلامنا ولا عاداتنا ولا حتى مفاهيم الأدب والأخلاق، ولكني أسامحهم، علي أن أتسامح معهم، ولو لم أفعل لكنت مثلهم، لقد دربت نفسي كثيراً على هذا المبدأ".&
&
انتهت الأمسية بقصيدة كان اسمها "الخاتمة"، ولكن الشاعرة أشجان غيرتها بعد الأمسية، قالت أني أسميتها "القاصمة"، لأنها "فعلت شيئاً ما، لقد أتعتب أناس كثيرون كانوا يعتقدون أنفسهم أوصياء".
&
وفي زوايا تويتر، تحت وسم "نعم يرضينا"، أو وسم "طرد محتسبين في معرض جدة"، يقال كثيراً أن الأمور تغيرت، وأن ماكان يسميها السعوديون بـ"الغزوات" قد انتهت، ذلك لأن تاريخ الفعاليات الثقافية والمرأة مع المحتسبين ظلت سنوات طويلة وهي تشهد العديد من هذه الغزوات التي تنتهي غالبا بفوز المحتسبين أو بالتعادل، حيث توقف الفعالية ويستمر المعرض، أو توقف ندوة ما وتستمر الفعالية.
&
ولأشجان الهندي العديد من المؤلفات والدواوين، منها (مطر بنكهة الليمون)، (للحلم رائحة المطر)، و(غيوم أبكارا)، و كانت رسالتها للماجستير (أثر التراث في الشعر العربي المعاصر) قبل أن تحصل على الدكتوراه من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية من لندن العام 2005.
التعليقات