كشفت صحيفة بريطانية بارزة من خلال تحقيق استقصائي على صفحتها الأولى عن مصادر تمويل تنظيم (داعش) من خلال إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات المصادرة والإبتزاز التي تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام.


نصر المجالي: يقول تحقيق صحيفة (فايننشال تايمز) إن من مصادر تمويل التنظيم أيضًا جباية أموال الزكاة والضرائب والأتاوات المفروضة في المناطق التي يسيطر عليها في ظل تضييق الخناق عليه بقصف المنشآت النفطية وطرق تجهيز النفط لديه.

تحقيق استقصائي
ونفذت الصحيفة تحقيقها الاستقصائي المثير من خلال لقاءات مع أشخاص عبر الإنترنت في مناطق خاضعة للتنظيم، حيث تكشفوا عن الآلية التي يجبي بها التنظيم ضرائبه وأتاواته من التجار وأصحاب المحال في هذه المناطق، مقدمة أمثلة عملية عنها.

ويقول التحقيق، الذي نشر تفاصيله أيضًا موقع (بي بي سي العربي) إن الإيرادات النفطية تشكل ظاهريًا أكبر مصادر تمويل مسلحي الجماعة، بيد أن ما تجنيه من الجبايات المحلية والضرائب التي تفرضها والبضائع والمواد التي تصادرها سيجعل حركة الاقتصاد التي تديرها مستمرة، حتى لو نجحت خطط الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا في ضرب عمليات إنتاج وتهريب النفط الخام التي تقوم بها الجماعة وقطع طرق تهريبها.

مئات الملايين
وتقول (فايننشال تايمز) إن أصابع تنظيم الدولة الإسلامية تمتد لتصل مجمل النشاطات الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، ويجني من ذلك مئات الملايين من الدولارات سنويًا.

وتوضح أنها بعد أشهر من المقابلات مع مسؤولين ومحللين وأناس على الأرض في المناطق الخاضعة للتنظيم، توصلت إلى أن أموالًا تصب في النهاية في خزائن التنظيم تأتي من الضرائب على التجارة والزراعة والتحويلات، بل وحتى من الرواتب التي تمنحها الحكومات التي يقاتلونها. وتنقل عن أحد قياديي المعارضة السورية ممن اشتركوا مع التنظيم في عمليات عسكرية لسنوات، قبل أن يفر إلى تركيا، قوله "إنهم لا يتركون أي مصدر للمال من دون أن يصلوا إليه. وهذا (شريان) دم الحياة لديهم".

وتقول الصحيفة إن مؤسسة راند البحثية في الولايات المتحدة قدرت أن التنظيم قد جنى نحو 875 مليون دولار قبل سيطرته على الموصل في حزيران (يونيو).

دائرة غنائم الحرب
ويوضح التحقيق أن التنظيم عندما يسيطر على منطقة ما يقوم بمصادرة الموارد وسرقة البنوك والقواعد العسكرية وبيوت المسؤولين الحكوميين فيها. وقد أنشأ في كل ولاية في المناطق التي يسيطر عليها دائرة لـ "غنائم الحرب" تقوم بإحصاء ما غنمه وصادره من أصول وأموال ومعادلتها بالدولار، ومن ثم منح نسبة خمسها إلى مسلحي التنظيم.

وتباع البضائع والمواد غير العسكرية في أسواق محلية لبيع المسروقات، كما يسمح لمسلحي التنظيم بشراء هذه البضائع بنصف قيمتها المعروضة. وتنقل الصحيفة عن أحد أصحاب المحال قرب سوق في قرية الصالحية على الحدود العراقية السورية قوله "يمكنك أن تشتري أي شيء من أبواب المنازل والثلاجات والغسالات إلى السيارات والأبقار والأثاث".

وطبقًا لمصادر استخبارية ومقاتلين سابقين، فإن ما جمعه التنظيم من الضرائب والزكاة والمواد المصادرة والمسروقات يعادل ما جناه من تهريب النفط الخام، الذي يقدر بأكثر من 450 مليون دولار خلال العام الماضي. كما يجني التنظيم ما نسبته 2.5 في المئة من مدخولات المسلحين والناس الذين يعيشون في المناطق الخاضعة للتنظيم تحت باب "الزكاة".

وتقول الصحيفة إن التنظيم يجني ما يعادل 23 مليون دولار من الضرائب التي يفرضها على الرواتب التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين في مدينة الموصل طبقًا لتقديرات الصحيفة بناء على إحصاءات حكومية لعدد الموظفين.

رواتب الموظفين العراقيين
وتنقل الصحيفة عن أعضاء في اللجنة المالية للبرلمان العراقي قولهم إن الحكومة العراقية ما زالت تدفع أكثر من مليار دولار كرواتب، ويقوم التنظيم باقتطاع نسب تصل ما بين 10 إلى 50 في المئة منها. كما يأخد التنظيم أيضًا نسبة من الحوالات المالية التي ترسل إلى أناس يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرته.

كما يحصل التنظيم على 20 مليون دولار سنويًا من الضرائب التي يفرضها على محاصيل الحبوب والقطن. ويقدر تحقيق الصحيفة ما يحصل عليه التنظيم من الضرائب والأتاوات، التي يفرضها على البضائع والشاحنات التي تدخل إلى العراق عبر المناطق التي يسيطر عليها، بنحو 140 مليون دولار.

في الختام، ترى (الفايننشال تايمز) أنه على الرغم من تشديد التحالف بقيادة الولايات المتحدة في استهداف مصادر التمويل النفطية للتنظيم، إلا أنه سيجد طرقًا لجني الأموال وتمويل عملياته ما دام تدفق البضائع التجارية أو المحاصيل الزراعية والتحويلات المالية مستمرًا في المناطق التي يسيطر عليها.

&