أثار رئيس المركز العراقي لإدارة التنوع الشيخ غيث التميمي الكاظمي خلال مشاركته في قمة المناخ (كوب ٢١) بباريس تموز الماضي، جدلاً، حيث قال إنه رئيس العراق وليس فؤاد معصوم، وشرب القهوة مع الرئيس الفرنسي هولاند، وتحدث عن التصحر والخطر الذي يهدد دجلة بالجفاف، ودعم مشاريع إنعاش الأهوار، ولفت الأنظار مجددًا لأهمية إدارة التنوع في العراق.
محمد الغزي: يرى الشيخ غيث التميمي أن التمسك بالعملية السياسية الحالية في العراق هو إصرار على مزيد من العنف، ويؤكد ان الطائفية نتيجة طبيعية لمجتمع يفضل الميليشيات على جيشه الوطني فيطرح الدعوة لجمهورية موزوبتاميا العظمى في حديثه عن موت العراق&ويصف الفقه بأنه حلقة مضرة في التراث الديني، وأن لوائح حقوق الانسان فهي متون مقدسة انسانيا أكثر من الكتب الدينية، وفيما ترحم على يهود العراق بتأبينه الدكتور نعيم دنكور، فانه تحدث عن اقتراب خريف الثورة الإسلامية الإيرانية وأن الخامنئي سيكون آخر ولي فقيه.
&
وهنا نص الحوار:
&
"أنا رئيس العراق في باريس وليس فؤاد معصوم"، ما الذي يختبئ وراء هذه العبارة؟
&
الحقيقة أنا لا أستهدف شخص الرئيس معصوم وإنما اردت أن اضع علامة استفهام كبيرة على فقدان المجتمع الدولي ثقته بحقيقة تمثيل السلطات العراقية بمختلف مؤسساتها الدستورية للشعب وتعبيرها عن شرعية وطنية!! وفي قبالة ذلك قدرة المواطن العراقي (الفرد ) الناشط سواء كان عالماً أو اكاديمياً أو فناناً او رياضياً أو مفكرًا أو مثقفًا أو رجل دين متنوراً على تمثيل بلاده.
&
هل استطاعت العملية السياسية حفظ وحدة الشعب العراقي؟
&
حاولت أن اكتب عن تعميق الشرعية في النظام السياسي، وذلك من خلال مفاهيم تحيد الانفعالات، التي رافقت تلك العملية بدءًا بالخطوة الاولى للتغيير وحتى التحالفات (العرقطائفية )، اصرارنا على العملية السياسية التي بنيت على أساس مكوناتي هو اصرار على مزيد من العنف والارهاب والصراعات والاستنزاف ومزيد من مافيات السياسة وتجار الدين وقادة الموت وزعامات الميليشيات، وهذه العوامل كافية لتفكيك النسيج الاجتماعي في العراق.
&
الانقسام في الشعب العراقي بلغ العمق.. من يتحمل هذا الامر برأيك؟
&
تحول العراق الى الجمهورية على يد العسكر كان أقسى ضربة تلقتها الهوية المفترضة، والتي كانت النخب العراقية تحوكها بخيوط من حرير وهذا لا ينزه الملكية من اخطاء جسيمة، ولا يتهم الجمهورية كنظام حكم، وانما رفض تدخل العسكر ورجال الدين والزعماء القبليين في تحديد مصير الشعوب.. الطائفية نتيجة طبيعية لمجتمع يفضل الميليشيات على جيشه الوطني ويتخذ رجال الدين زعماء له ويتخلى عن شخصياته العلمية والاكاديمية والثقافية والسياسية.
&
تدعو الى عدم الدفاع عن هذه العملية السياسية ولا عن الأحزاب التي تمثلها.. ما البديل إذن؟
&
أعتبر العملية السياسية هذه ميتة سريرياً، والتمسك بها ظلم للبلد وتفريط بمصالح الشعب ولا اعتقد بوجود حلول سهلة وبسيطة كل الحلول معقدة وكلما استمرت العملية السياسية ستزداد التعقيدات اكثر لذلك ادعو المجتمع الدولي والامم المتحدة ومجلس الامن الى تحمل مسؤولياته في العراق واحمل الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة فقد قتلت أميركا الدولة العراقية مرتين الاولى باحتلالها باسلوب غير مدروس والثانية بالانسحاب بشكل غير مسؤول.
&
الحلول تبدأ بإيقاف هذه المهزلة بعقد مؤتمر وطني موسع من اجل الحوار والمصالحة بشكل جاد وشجاع وواضح برعاية الامم المتحدة واعلان حكومة انتقالية من شخصيات مهنية وفنية غير مرتبطة بأي جهاز سياسي أو حزبي ولا تمثل طوائفها ولا قومياتها ومجلس اتحادي انتقالي لحكماء لا يتجاوز ٣٦ خبيراً بدرجة بروفيسور متخصص بمواصفات مهنية عالية بواقع اثنين عن كل محافظة عراقية ومجلس للاباء المؤسسين لا يتجاوز ١٨ شخصاً يضعون الخطوات الصحيحة لتأسيس دولة عادلة بسيطة غير معقدة بناء على فكرة جوهرية اسمها (المواطنة) ووفقها تتشكل الدولة وليس العكس كما هو الحال من عام 1958 الى الان حيث المواطن مطلوب منه ان يتشكل وفق الدولة.
&
تقول إنك واهم بوطن اسمه (العراق)، هل تعتقد أن مشروع تقسيم البلاد قائم؟
&
لا أعتقد أن (الدولة العراقية ) كانت ذات ملامح راسخة أصلا لذلك الانقسامات تتوسع ولا أظن أن التقسيم الثلاثي (كوردستان وشيعستان وسنستان) ممكن في العراق انه سيجلب المزيد من الحروب والفقر والصراعات للمنطقة وليس للعراق وحده.
&
ربما البحث عن صيغ أفضل اسهل وانجح مثل تشكيل مجلس اتحادي واعلان العراق اقليمين عربي وكردي،&أو تقسيمه الى مناطق على أساس أقاليم إدارية ولكن لا ينبغي القبول بالصيغ الاميركية والسعودية القطرية التركية ولا الصيغ الايرانية لا جميع هؤلاء لا يريدون مصلحة العراق.
&
ما الذي تعنيه بموت العراق لتنهض (جمهورية موزوبتاميا العظمى)؟
&
العراق ما قبل الأديان الابراهيمية كان أعظم مصدر للحضارة الانسانية واستطاع ان يستعيد المبادرة في العصر الذهبي في الدولة العباسية اذا استعاد العراق قدرته على التحكم بصحراء الجزيرة العربية وبلاد فارس، فإنه سيحكم الشرق وهذا ممكن لو استعاد ذاته وابتعد عن صراع المذاهب والايديولوجيا وفتح بغداد لمناقشة التراث بشكل محايد كما كانت في عهد العباسيين.
&
أي الطريقين تختار لادارة الدولة التراث الفقهي أو الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان واللوائح الملحقة بها؟
&
الفقه حلقة مضرة في تراثنا الديني، ويجب ان نعلن مراجعة جادة له وحقيقية، ونرفع عنه هالة القداسة التي نسبت له زورًا، ولا نسمح بتأثيره في فضائنا الاجتماعي دون مراجعته بشكل اكاديمي وعلمي محايد ومنصف، اما لوائح حقوق الانسان فهي متون مقدسة انسانيًا اكثر من الكتب الدينية لانها اسهمت في تحول البشرية الى المساواة والحريات والديمقراطية وضمنت لهم الكرامة وهذه الاشياء في جوهرها اهم من الكتب الدينية التي انشغلت في تصنيف الناس الى مؤمن وكافر، واوجدت المبررات للقتل المقدس والتمييز المقدس والاضطهاد المقدس.
لماذا تخشى على تدريس الجغرافية والتاريخ بالعراق في المستقبل؟&
&
الجغرافية والتاريخ والدين والوطنية مواد مضرة بابنائنا في حياتهم الدراسية، لانها لا تنمي لديهم المهارات ولا تسهم في تطوير ذكائهم ولا ثقافتهم بل على العكس انها تعطل لديهم عملية التركيز المطلوبة في العلوم وتقتل فيهم مهارات الرياضة والفن.
&
دراسة الدين في مناهجنا مشوهة اذ لا يوجد بالاصل دين مشترك، هناك اديان وفي نفس الاديان توجد مذاهب وفي كل هذه ثمة صيغ وروى مختلفة الى حد كبير.
هل تعتقد أن الشعب العراقي لم يعد بإمكانه أن يتفاعل إلا مع خطاب ثأري، وهو ما يعلن موت مفردة تسامح؟
&
التسامح مفردة لا معنى لها في قاموس العراق الثقافي والاجتماعي والسياسي، فالعراقيون شعب متكاره ويتفاعل مع خطاب ثأري عنفي ويعد خطاب التسامح والسلام من افعال الجبناء لهذا لا يتم الاحتفاء بالحسن مثل الحسين .. التسامح يعني وجود قاعدة (من؟ يسامح من؟ على ماذا؟ ) وبظني كل هذه الاسئلة تستلزم توفر الاجوبة على اسئلة تستلزم جهود جبارة ومراحل تحول اجتماعية وسياسية نحو الديمقراطية مستندين لآليات عدالة انتقالية.
ما الذي تعينه لك ظاهرة رفع صور رجال الدين في الشوارع؟
&
المجتمعات التي تهتم بصور رجال الدين هي تلك المجتمعات التي اعلنت تخليها الكامل عن الله والقيم الروحية في الدين وماتت لديهم النزعة الايمانية وتحولوا الى قبائل طائفية.. حين يتحول رجل الدين فضلاً عن الدين نفسه الى هوية اعلم بان الله مات في نفوس ابناء ذلك المجتمع وضمائرهم.
&
واغلب الصور ترفع لرجال مزدوجي الوظيفة اقصد رجال حكم وسلطة وزعماء احزاب وحكام يرتدون لباسًا دينيًا، وهم شخصيات مختلف فيها بل ان بعضهم يعتبر من اسباب الصراعات في المجتمع العراقي، ورفع صورهم يهدف للتعبير عن الغلبة وهو منطق استفزازي لا اخلاقي اطلاقا.
&
تقول "لا قيمة لكل ما خططنا له من أجل وطن يحفظ الكرامة مادام القرار بيد أشخاص بنرجسية الجعفري ورعونة المالكي وتردد العبادي".. هل تهاجم هؤلاء الأشخاص أم مرجعيتهم السياسية؟
&
البعض تصورني أتحدث عن هؤلاء الاشخاص (أفراد) والحقيقة انا اتحدث عن مؤسسة سياسية انتجتهم وهي التحالف الوطني (الشيعي) والمحاصصة (العرقطائفية )هذه المؤسسة وهذه المحاصصة عدوانية لكل احلام وتطلعات العراقيين بالرفاه والأمان والسلام وجلبوا لنا كل ازمات التاريخ وقتلوا فرحتنا بالتغيير.
ما مصير التنوع في العراق.. وهل هوية العراق مهددة بالانقراض؟
&
واحدة من أقسى التحديات التي واجهت العراق هي عملية افراغه من تنوعه ومكوناته بشكل منظم ومدروس وانا اعتقد ان الامور اذا استمرت بهذا المستوى التصاعدي الرهيب فإننا مقبلون على عراق بلون الدم فقط.
&
تقول إن الخامنئي ذاهب وإيران باقية، ما شكل ايران الباقية برأيك أو التي ستكون بعد الخامنئي؟
&
الخامنئي هو آخر ولي فقيه سيحكم ايران وبعده ستعيش ايران خريف الثورة الاسلامية وستنتج نفسها من جديد.
هناك من يقول وكأنك رجل دين شيعي تابع للكنيسة الانجيلية؟
&
لا يهمني كثيراً في أي خانة يتم تبويبي بصراحة كل ما يهمني أن أقول ما اعتقده بشكل واضح وحر سواء تقبله الاخرون او لم يتقبلوه لأني افهم معنى الخروج عن النص، ولكن دعني اعترف أني أستفيد من فضاء رحب يتيحه التشيع تاريخيًا للمتمردين أمثالي، فالشيعة أقل شهوة للتكفير والقتل بالنتيجة.
تترحم على يهود في العراق.. بتأبينك السير نعيم دنكور.. ما الذي يعنيه لك الفرهود في التاريخ العراقي بالنسبة للتسامح؟
&
أود أن أدعو العراقيين لمراجعة ذاكرتهم هل يتذكرون ان يهوديًا سرقهم او قتلهم او ظلمهم؟ اسرة دنكور هي أول من طبع القرآن الكريم في مطابع دنكور، وهي أولى المطابع التي دخلت العراق في مطلع القرن العشرين. العراقيون اليهود بنظري هم داود سمرة مؤسس الشريعة القانونية العراقية التي كانت تعد الافضل في المنطقة وتنافس عالميًا حينها، واليهود بنظري ساسون حسقيل، فيلسوف السياسة المالية العراقية، واليهود مير بصري وغيره.. اليهود قدموا للعراق كل الخير وكان جزاؤهم سياسات ظالمة وجائرة ولا أخلاقية من العهد الملكي والى الآن، ولو قدمنا لهم كل الاعتذارات فإننا لن نخلص من ذلك العار.
التعليقات