شهدت محافظات العراق الوسطى والجنوبية والعاصمة بغداد اليوم تظاهرات احتجاج، عبّرت عن الغضب من بطء الإصلاحات وعدم جديتها، ومن استقطاع نسبة من مرتبات الموظفين والمتقاعدين، كما نددت بتوغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية، وأحرقت العلم التركي.


أسامة مهدي: في ساحة التحرير في وسط بغداد تظاهر المئات من المواطنين والناشطين المدنيين، مطالبين بإصلاح القضاء ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، ومنددين باستقطاع 3 % من رواتب الموظفين والمتقاعدين في موازنة 2016، إضافة إلى توفير الخدمات العامة.

ودعا المتظاهرون في احتجاجاتهم، التي تابعتها "إيلاف" عبر قنوات محلية، دعوا رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى الحضور شخصيًا إلى أماكن التظاهرات للاستماع إلى مطالبهم بشكل مباشر. وشددوا على ضرورة تنفيذ إصلاحات تكون حقيقية وشاملة. كما دعوا إلى معالجات حكومية لأزمات البلاد بعيدة عن المحاصصة والانتماء الحزبي.

كما جدد المتظاهرون مطالبتهم بملاحقة المفسدين ومحاسبتهم واسترجاع الأموال العامة المنهوبة وإنهاء المحاصصة الحزبية والطائفية وتحقيق الدولة المدنية. وفي بيان لهم حصلت "إيلاف" على نصه، قال المتظاهرون إن الأسابيع والأشهر تمضي، والشعب يواصل احتجاجاته المدنية السلمية، ويستمر في مختلف أنشطته المتنوعة بخطاب مسؤول وانضباط عال. واضافوا "نذكر هنا رئيس البرلمان ونوابه ولجان المجلس المختلفة بأن التاريخ لن يرحم، وان المستقبل - والمستقبل القريب - سيضع الجميع امام متغيرات ونتائج لن يفلت منها احد".

واضافوا "اذ يعبّر الحراك الشعبي عن مطالب شعبية عامة ووطنية عابرة لكل الانتماءات الطائفية والاثنية، فإن اتخاذ موقف اللامبالاة منها والتعالي عليها، انما يعني تغاضيا عن مطالبها وازدراء لها، ولا سيما عندما يصدر من ممثليه". ودعوا الى:
- اصلاح سياسي وقضائي حقيقي يضع العراق والعراقيين على طريق الحياة الانسانية الكريمة.
- مكافحة الفساد وفتح ملفاته والبدء فعليًا بتقويض مرتكزاته السياسية والاقتصادية عبر اجراءات قضائية وحكومية وبرلمانية محددة وفعالة.
- اعادة النظر في جميع مرتكزات الخدمات بشكل جدي وحقيقي واجراء تغيرات حقيقية في بنية الخدمات لتصل لكل المواطنين.

غضب متظاهري المحافظات من بطء الإصلاحات
وفي محافظات البلاد الوسطى والجنوبية فقد خرج الالاف من المواطنين مطالبين بإصلاحات حقيقية ووقف الاستقطاعات من رواتب الموظفين والمتقاعدين، كما دعوا بحسب وكالات أنباء محلية تابعتها "إيلاف" إلى ملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم واسترجاع اموال الشعب التي نهبوها.

ففي السماوة مركز محافظة المثنى (220 كم جنوب بغداد) تظاهر المواطنون الجمعة، مطالبين بتحسين الخدمات وتنفيذ الاصلاحات الحكومية واقالة المفسدين ومحاسبتهم. كما طالب المتظاهرون بخروج القوات التركية من البلد، واتخاذ موقف قوي رادع تجاه هذا التجاوز. واكدوا استمرارهم في تظاهراتهم على الرغم من ضعف الاستجابة لمطالبهم من قبل الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية. وطالبوا بكشف الذمم المالية للمسؤولين، محذرين من تأخر وعدم جدية الاصلاحات، ومحمّلين العبادي مسؤولية ضعفها.&

اما في العمارة مركز محافظة ميسان (365 كم جنوب بغداد) فقد تظاهر المواطنون محتجيّن على تأخر الاصلاحات وعدم محاسبة الفاسدين ومهرّبي النفط العراقي، ومستنكرين استقطاع نسبة 3% من رواتب الموظفين والمتقاعدين. ودعا المتظاهرون الى تشغيل المصانع والمعامل المعطلة وتشجيع الصناعة الوطنية في هذه المحافظة، والضغط على وزارات الدولة لصرف المستحقات المالية لموظفيها، وعدم التذرع بضعف الموازنة المالية والتقشف.&

كما خرج المتظاهرون في مدينة الخالص في محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) استنكارًا لهجوم القوات النيجيرية على شيعة البلاد ودعمًا لزعيمهم الشيخ الزكراكي، الذي رفعوا صوره. وفي محافظة القادسية تظاهر محتجون في مركزها الديوانية (180 كم جنوب بغداد) مطالبين بتنفيذ إصلاحات أوسع، ومنددين بالتوغل العسكري التركي في الاراضي العراقية.

اما في محافظة بابل فقد تظاهر المئات امام مبنى مجلس المحافظة في مركزها الحلة (100 كم جنوب بغداد) مطالبين بالاصلاحات وبحلّ المجلس واقالة المحافظ صادق مدلول السلطاني. ودعوا الحكومة المحلية الى معالجة جدية لانهيار الخدمات والبنى التحتية، واكدوا غضبهم لتصاعد البطالة وتفشي الجريمة. اما اهالي محافظة كربلاء فقد تظاهروا في مركزها كربلاء (110 كم جنوب بغداد) مطالبين بمحاسبة الفاسدين والمتسببين بخرق سيادة البلاد. ورفع المتظاهرون يافطات تندد بالتدخل التركي، ثم قاموا بحرق العلم التركي هاتفين "نحن عراقيون ..لا اتراك ولاايرانيون".

وفي محافظة واسط تظاهر المئات من أهالي مدينة الكوت مركزها (160 كم جنوب بغداد) للمطالبة بالإصلاحات الحقيقية ومحاربة الفساد والمفسدين، رافضين اي إصلاحات ترقيعية، لا أساس لها من التطبيق. وشددوا على ان محاربة الفساد وملاحقة المفسدين من سراق المال وكبار المسؤولين الذين اثروا على حساب الشعب هدف أساس لا يمكن التنازل عنه.

وفي محافظة النجف تظاهر المئات في مركزها النجف (160 كم جنوب بغداد) مجددين مطالبهم بتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد ومؤكدين استمرار تظاهراتهم حتى تحقيق مطالبهم. اما في مدينة الناصرية مركز محافظة صلاح الدين (375 كم جنوب بغداد) فقد تظاهر المئات مطالبين بإصلاح حقيقي وملاحقة جدية للفاسدين، رافضين استقطاع 3% من رواتب الموظفين والمتقاعدين ومحتجين على التوغل التركي.&&&
&
انخفاض موارد العراق أكبر تحدّ بعد الارهاب
ويوم الخميس الماضي صادق مجلس النواب العراقي بالغالبية على موازنة البلاد العامة للبلاد للعام المقبل بمقدار 100 مليار دولار، وعجز 22 مليارا، وبسعر 45 دولارا لبرميل النفط.

من جهته اكد رئيس الوزراء حيدر العبادي ان التحدي الاخطر الذي يواجه العراق الى جانب الارهاب يتمثل في انخفاض اسعار النفط عالميًا مع خوض البلاد حربًا ضد الارهاب، تكلفها مبالغ طائلة، اضافة الى التوسع في الإنفاق، الذي حدث سابقًا، والاستمرار في دعم القطاع الزراعي والصحي والتربوي والرعاية الاجتماعية وغيرها.. مشددًا على القول: "الا اننا ورغم هذه المصاعب والتحديات فاننا سننجح ونكون اقوى".

وقال العبادي في كلمته اثناء لقائه جمعًا من النخب والكفاءات من مختلف شرائح المجتمع وتباعتها "إيلاف" اليوم "إن هناك تحديات عديدة، فعندما دخلت داعش إلى العراق في العام الماضي، رأى البعض ان العراق انتهى وذهب للتقسيم، ولكننا اليوم ابعدنا الخطر عن بغداد، ونحقق الانتصارات، وحررنا مساحات واسعة من الاراضي، على الرغم من ان البعض يحاول التقسيم، الا اننا ابعد عن ذلك".

واشار العبادي الى ان الاصلاحات لا يمكن ان تتم مع وجود التعقيدات والروتين، وهناك من الفاسدين من يحاول ان يبقي هذه التعقيدات، لانهم يستفيدون منها، ولكن البعض عن جهل يرفض عملية تسهيل الاجراءات، لانه يقاوم اي شيء جديد، ويعتقد ان هذه الاجراءات السابقة صحيحة، ويجب التمييز بين النوعين.. مؤكدا ان الحكومة مستمرة في الاصلاح وبتسهيل الاجراءات ولا تراجع عنها.

يذكر ان العبادي وضمن حزم الاصلاحات التي اطلقها في التاسع من آب (اغسطس) الماضي قد ألغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، ومناصب نواب رئيس الحكومة الثلاثة، كما اعفى 123 وكيل وزارة ومديراً عامًا من مناصبهم واحالهم على التقاعد.. وايضا قرر تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلاً من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعًا فقط. كما قام بتقليص مرتبات المسؤولين الكبار والغاء غالبية عناصر حماياتهم واعادتهم الى القوات الامنية.

ويشهد العراق منذ حوالى أربعة اشهر تظاهرات احتجاج واسعة، يطالب خلالها المحتجون بدعم من مرجعية السيستاني بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وانهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء.
&