يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصر غدًا الإثنين، ويلتقي بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وتتطلع مصر إلى جني مكاسب سياسية وإقتصادية وعسكرية من وراء الزيارة المرتقبة، منها دعم الطاقة، ومساهمة روسيا في تنفيذ البرنامج النووي، إضافة إلى تعزيز التعاون السياسي والعسكري، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الإقتصادي.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في إشارة إلى رغبة متبادلة لتعزيز التعاون وتطوير العلاقات بين البلدين، يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصر غدًا الإثنين، ويرى الخبراء السياسيون أن الزيارة مهمة للجانبين الروسي والمصري، وتعد تعبيرًا عن رغبة مشتركة في التعاون بين البلدين، ورغبة مصرية في تنويع مصادر التسليح وتنويع سياستها الخارجية، والتحرر من التبعية لأميركا.

مستقلة وحرة
ووفقًا لتصريحات نبيل زكي، القيادي في حزب التجمع اليساري، فإن زيارة الرئيس الروسي للقاهرة، ترسل مجموعة من الدلالات، منها: إن مصر أصبحت مستقلة في سياستها الخارجية، وإنها تحررت من التبعية إلى أية قوة أجنبية.

أضاف زكي لـ"إيلاف" أن زيارة بوتين للقاهرة تشير إلى أن مصر بدأت في إعادة التوازن إلى السياسة المصرية، وتنويع مصادر السلاح، ورفض الإحتكار الأميركي لتسليح الجيش المصري، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من القضايا المشتركة، التي سوف يبحثها الرئيسان الروسي والمصري، منها: مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري والتقني، والمشروع النووي المصري في الضبعة.

الملف السوري
وأوضح أن القضية السورية حاضرة بقوة في مباحثات الرئيسين، لاسيما أن الدولتين تشتركان في وجهة نظر واحدة بشأن سوريا، وهي ضرورة حل الأزمة سياسيًا، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب في سوريا لنحو أربع سنوات أدى إلى تدمير الدولة وقتل مئات الآلاف من الأبرياء.

ونبه إلى أن الزيارة تشير إلى أن هناك إتجاهًا إلى إقامة عالم متعدد الأقطاب، بدلًا من نظام القطب الواحد، الذي ظل سائدًا طوال السنوات الماضية، لافتًا إلى أن تعدد الأقطاب يساهم في إحترام القانون الدولي.

ويستبعد زكي أن تكون زيارة بوتين للقاهرة تهدف إلى إقامة تحالف إستراتيجي في مواجهة العقوبات المفروضة عليها، بسبب الأزمة الأوكرانية، وقال إن روسيا لا تسعى إلى تشكيل أية تحالفات جديدة، مشيرًا إلى أنها تعاني من حلف الناتو، وتحاول تطويق الأزمة التي تعانيها بسبب التحالفات الأميركية الأوروبية.

تعاون لا عداء
كما يستبعد أن يكون التعاون الإستراتيجي بين مصر وروسيا موجّهًا ضد أميركا، أو أن مصر تستبدل أميركا بروسيا، منوهًا بأن روسيا تعي أن مصر أهم دولة في المنطقة، كما أن القاهرة تريد إقامة علاقات مع أية دولة تقوم على الإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الخاصة.

ووصف مساعد رئيس حزب المؤتمر، تامر الزيادي، زيارة بوتين للقاهرة، بـ"المهمة والفارقة في إطار العلاقات التاريخية بين مصر وروسيا الاتحادية". وقال الزيادي في تصريحات له، "إنه من المتوقع أن تتم مناقشة عدد من الملفات، أهمها التسليح والغاز والتعاون الاقتصادي والاستثماري في إطار إعادة إحياء العلاقات المصرية الروسية التاريخية، خلال الزيارة"، مشيرًا إلى أنه "رغم الأزمات الاقتصادية التي تعيشها روسيا، فإن زيارة بوتين تؤكد على دور مصر في المنطقة وريادتها والمستقبل الاقتصادي الواعد وفرص الاستثمار الكبيرة المتاحة أمام المستثمرين الروس".

شرق أوسط جديد
تتميز العلاقات المصرية الروسية خلال الفترة الراهنة بتوافق في وجهات النظر بين الجانبين. وقال نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، صفوت النحاس، إن التوافق في وجهات النظر يلامس العديد من القضايا، لاسيما في الحرب ضد الإرهاب. وأضاف النحاس في تصريح له، أن الوفد المرافق للرئيس الروسي بوتين الذي يضم شخصيات على مستوى عالٍ وشخصيات اقتصادية بارزة يعكس اهتمام الجانب الروسي بتعزيز العلاقات بين مصر وروسيا، التي تمتاز بعمقها التاريخي، والتي سيكون لها المردود الكبير على ميزان القوى في المنطقة ويخلق شرق أوسط جديدًا.

ولفت إلى أن التعاون المصري الروسي على كل الأصعدة سواء عسكريًا أو اقتصاديًا أو في مجال الفضاء بداية جيدة لتوحيد الرؤى بين الجانبين ومواجهة الأخطار التي تحيط بمصر بموقعها الاستراتيجي وكذلك روسيا وموقفها الصارم في القضاء على الإرهاب في المنطقة والعمل المستمر من الجانب الروسي ومواقفه الحاسمة لمصلحة استقرار الشرق الأوسط.

تتطلع مصر إلى تعزيز التعاون الإقتصادي مع روسيا، وقال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والسياسية، إن هناك حزمة من المكاسب تسعى مصر إلى جنيها من وراء زيارة بوتين للقاهرة.

تعاون نووي
وأوضح لـ"إيلاف" أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا ضئيل مقارنة بعمق وتاريخية العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أن مصر تسعى إلى الحصول على مساهمة روسيا في إنشاء المحطة النووية في الضبعة، إضافة إلى صيانة وتشغيل محطات الطاقة التي أنشأتها روسيا في الماضي. ونبه عامر إلى أن مصر تسعى أيضًا إلى تطوير المجال الزراعي من خلال الإستفادة من الخبرات الروسية، لاسيما في زراعة القمح، وغيرها من الحاصلات الزراعية الإستراتيجية.

ولفت إلى أن استعادة العلاقات المصرية الروسية لحيويتها وعمقها، تستند إلى تاريخ من التعاون، مشيرًا إلى أن روسيا ساهمت في إنشاء السد العالي، كما دعمت مصر في حرب أكتوبر/ تشرين الأول، التي استعادت فيها سيناء من الإحتلال الإسرائيلي.

ووفقًا لتقرير سفارة روسيا الإتحادية في القاهرة، فإن "مصر منذ زمن طويل شريكة مهمة للاتحاد السوفيتي.. وروسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأضاف أن "الاتحاد السوفيتي ساعد مصر على إقامة 97 مشروعًا صناعيًا، من بينها سد أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومصنع الألومنيوم في نجع حمادي، الذي استمر يلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد المصري".

صادرات متبادلة
ولفت إلى أن "التعاون الاقتصادي بين البلدين استمر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ولكن فى الأعوام الأخيرة شهد نموًا ثابتًا، حيث تخطى حجم التبادل التجاري بين البلدين 4.6 مليارات دولار عام 2014 بنمو يقدر بـ80 فى المائة بالمقارنة بـ 2.945 مليار دولار عام 2013".

تشمل الصادرات الروسية لمصر ـ حسب السفارة الروسية في القاهرة ـ البترول ومنتجاته بقيمة 1.1 مليار دولار، والحبوب 980 مليون دولار، والأخشاب 431 مليون دولار، والحديد بـ412 مليون دولار، وقطع الغيار ووسائل النقل البري بـ283 مليون دولار، وزيت عباد الشمس 288 مليون دولار. وتتضمن الصادرات المصرية لروسيا بقيمة إجمالية 520 مليون دولار، وتشمل البرتقال والحمضيات بقيمة 182 مليون دولار، والبطاطس بقيمة 172 مليون دولار، والبصل بقيمة 7.34 ملايين دولار، والملابس والنسيج بقيمة 6.32 ملايين دولار.

وتشير إحصاءات الوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة إلى أن 18.2 مليون روسي زاروا مصر خلال الفترة من كانون الثاني/يناير إلى أيلول/سبتمبر 2014 بزيادة تقدر بـ32 في المائة، من بينهم 89.1 مليون سائح روسي بالمقارنة مع 65.1 مليون زائر روسي عن الفترة نفسها من عام 2013، وتعتبر مصر ثاني أكبر مقصد سياحي للروس في العالم.
&