ليبرفيل: أخذ الرئيس التشادي ادريس ديبي مهمة التصدي لبوكو حرام على عاتقه متجاهلا التوازنات في القارة السمراء، في حين لا يخفي حلفاؤه الغربيون ارتياحهم لمواقفه هذه وباتوا يغضون النظر عن تجاوزاته داخل بلاده.

وقال دبلوماسي غربي قبل سنوات ان "ديبي رجل مقاتل قبل اي شيء اخر". وديبي الذي وصل الى السلطة بقوة السلاح في 1990، حارب سنوات ضد حركات تمرد كانت تريد الاطاحة به، لكنه عمد الى تسليج حركات تمرد اخرى للقتال في السودان.

وعندما بدأ النفط التشادي يتدفق فعلا في 2008، عمل سريعا على تجهيز جيشه بعتاد حديث، متجاهلا شروط البنك الدولي الذي اصر مقابل قرض منحه لبلاده، تخصيص جزء من عائدات الذهب الاسود لقطاعي التعليم والصحة.

وقد هزم ديبي المتمردين في تشاد وبات يضطلع بدور الشرطي الاقليمي وبالتالي الافريقي مع قوة متمرسة في القتال.

ولم تخف البلدان الغربية التي انتقدت في السابق تراجع الديموقراطية في تشاد، سرورها حاليا وهي ترى القوات التشادية تقاتل في مالي الى جانب الفرنسيين ضد "الجهاديين" على بعد الاف الكيلومترات من نجامينا.

كما انها مسرورة اليوم لرؤيته يتزعم القتال ضد بوكو حرام، فيغطي بذلك عجز الجيش النيجيري وابوجا في مواجهة المجموعة الاسلامية. وتغاضت البلدان الغربية ايضا عن دور ديبي في ازمة افريقيا الوسطى حيث صب الزيت على النار من دون ان يتمكن في وقت لاحق من اطفاء الحريق.

ما هي احوال الديموقراطية وحقوق الانسان في بلد يمسك فيه ديبي مقاليد الحكم منذ 25 عاما؟ اجاب ديبلوماسي فرنسي "يجب ان نعرف ما نريد"، فيما وضعت باريس قيادة عملية بارخان ضد المجموعات الاسلامية في منطقة الساحل الافريقية في نجامينا حيث للفرنسيين قاعدة عسكرية.

وفي تصريح لمجلة "جون افريك" الاسبوعية، قال وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لو دريان "يجب ايجاد توازن بين الهدف الديموقراطي والضرورة الامنية (...) والاولوية اليوم امنية".

واشاد الرئيس فرنسوا هولاند من جهة اخرى "بشجاعة تشاد" التي تدخلت ضد بوكو حرام، من دون انتظار تشكيل قوة امنية.

وقد شكك ديبي الحريص على مصالح بلاده التي تهددها بوكو حرام، بهذه القوة، ووضع جيرانه امام الامر الواقع بارسال قواته الى الكاميرون ثم الى النيجر.

وفي قمة الاتحاد الافريقي في اديس ابابا اواخر كانون الثاني/يناير، تخلى الرئيس التشادي عن اللغة الخشبية الديبلوماسية واعتمد لغة القائد قائلا بلا لف او دوران "نحن في الميدان مع اشقائنا الكاميرونيين لان اجتماعات كثيرة عقدت ولا افعال ملموسة ...".

واضاف "لا نستطيع الانتظار حتى اتخاذ هذا القرار او اعطاء هذا الاذن. اننا نتدخل وعلى جميع ذوي الارادات الحسنة ان يتبعوننا ويدعموننا في تحركنا".

وفي اختصار، هو الزعيم، على رغم تناقاضات مواقف نيجيريا التي تمتدح "المجهود المشترك" لبلدان المنطقة، لكنها تنزعج من "الفكرة المغلوطة التي تفيد أن نيجيريا تفتقر الى القوة والدفاعات، وهذا ما اضطرها الى قبول المساعدة من تشاد والكاميرون"، كما قال لوكالة فرانس برس المتحدث باسم الجيش التشادي الجنرال كريس اولوكولاد.

وانزعج الاتحاد الافريقي ايضا من طلب بلدان بحيرة تشاد بقيادة ديبي دعم الامم المتحدة قبل المرور به .

ومن وجهة نظر الكاميرون، بعث تدخل ديبي ارتياحا شديدا. واشاد الرئيس بول بيا الذي نادرا ما يدلي بتصريحات علنية، "بهذا التصرف الاخوي والتضامني" للرئيس التشادي.

الا ان انتقادات قد برزت. فبعض الكاميرونيين يتخوفون من اضرار جانبية في بلادهم يتسبب بحصولها الجنود التشاديون الذين غالبا ما يعتبرون من المتهورين.

وفي تشاد، وقفت المعارضة التي كانت تنتقد التدخل في مالي ومقتل جنود تشاديين في جبهة بعيدة، وراء ديبي هذه المرة.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال زعيم المعارضة صالح كبزابو "هذه حرب مبررة"، لكنه اوضح ان المعارك لن تمنع "المظالم نفسها وعمليات الخطف نفسها وعمليات النهب نفسها".