تلوّن البحر بالأحمر بدم 21 قبطيًا أعدمهم داعش في ليبيا انتقامًا لكاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين. فمن هما وما قصتهما؟


مروان شلالا من بيروت: قتل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في ليبيا 21 مسيحيًا مصريًا، وأعلن أن قتلهم نحرًا أتى انتقامًا لمسلمات قال إنهن تعرضن للاضطهاد من قبل "الأقباط الصليبيين في مصر"، مهددًا باختطاف وقتل المزيد من "رعايا الصليب من أتباع الكنيسة المصرية المحاربة".

وفي مجلته "دابق"، قال داعش إن نحر هؤلاء الأقباط& انتقام لكاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، ولأخوات أخريات تم تعذيبهن وقتلهن على يد الكنيسة القبطية في مصر.

وقالت دابق إن هذا هو الانتقام الحقيقي، بعد 5 سنوات على الهجوم الذي استهدف إحدى الكنائس في العاصمة العراقية بغداد، "وفي ذلك التوقيت، كانت الدولة الإسلامية بعيدة عن مصر، وكان من الصعب استهداف الأقباط الصليبيين هناك، وبعد 5 سنوات من العملية المباركة، منَّ الله على الدولة الإسلامية في ليبيا وسيناء، وأماكن أخرى، تمكنها من سهولة إلقاء القبض على الأقباط الصليبيين، أتباع شنودة، ومؤيدي السيسي". فمن هما&كاميليا ووفاء اللتين انتقم لهما داعش ليبيا؟

قسطنطين

وفاء قسطنطين مولودة في العام 1956، مهندسة زراعية كانت متزوجة من الكاهن المصري مجدى يوسف عوض، راعي كنيسة أبو المطامير في محافظة البحيرة، وأنجبت منه ولدًا وبنتًا. صار ابنهما مينا مهندسًا، وحصلت ابنتهما شيري على بكالوريوس في العلوم.

في 2006، قيل إن وفاء أعلنت إسلامها بعد سماعها حلقات للإعجاز العلمي للقرآن، بحسب ما قال الدكتور زغلول النجار. إثر هذه الاقاويل حول دخولها في الإسلام، ثارت ثائرة الأقباط، وقاموا بتظاهرات حاشدة في الكنيسة، وأعلنوا أن قسطنطين أجبرت علي الدخول في الدين الإسلامي، في موجة أسلمة تطال المسيحيات، من النساء ومن القاصرات، في قرى الدلتا المصرية.

تدخل مبارك

أثارت قضيتها الرأي العام المصري، إلى أن تدخل الرئيس المصري حينها حسني مبارك، وأمر بتسليم الفتاة للكنيسة. ساقتها الكنيسة إلى بيت للراهبات في منطقة النعام في القاهرة، حيث بقيت لعدة أيام، قبل أن تنقل إلى دير الأنبا بيشوي، حيث التقت البابا شنودة وأمر بتعيينها في الكاتدرائية، ومنع عودتها إلى بلدتها مرة أخرى.

ومنذ ذلك الحين، لم تظهر وفاء أبدًا، وأعلن أن البابا شنودة رفض بشكل نهائي ظهورها، لأن هذا سيسبب الكثير من المشاكل للكنيسة.

ويروى أن عددا من أفراد الأمن بصحبة رجال دين مسيحيين اقتادوها إلى دير وادي النطرون في محافظة البحيرة، ما زاد تكهنات متضاربة حول مصيرها.

وأشارت بعض التقارير إلى أن الكنيسة أمرت بقتلها عقابًا لها على فعلتها، إلا أن شقيقها أدلى بتصريحات صحافية مقتضبة في 2008، أكد فيها أنها تعيش مع أسرتها بسلام.

شهيدة العصر

قال عنها زغلول النجار لصحيفة الخميس الإسبوعية المصرية: "أنا قمت بإهداء آخر كتاب لي إليها، وسميتها شهيدة العصر، لأنها أثبتت باعتزازها بتوحيد الله سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله الواحد الأحد هو أفضل منة في الوجود، وهي قالت في آخر مؤتمر صحافي "أنا أسلمت بسبب مقال د. زغلول النجار"، وهذا يكفيني شرفًا".

كانت هذه الحادثة سببًا في قيام تنظيم القاعدة في العراق باقتحام إحدى كنائس بغداد وقتل أكثر من 50 مصلّيًا فيها.

كاميليا

هي كاميليا شحاتة زاخر مسعد، المولودة في 22 تموز (يوليو) 1985 في دير مواس، معلمة مصرية في مدرسة دلجا الإعدادية. وهي زوجة القس تادرس سمعان، كاهن دير مواس في المنيا، وحاصلة على بكالوريوس العلوم والتربية تخصص تاريخ طبيعي من جامعة المنيا في 2006.

وقد سرت إشاعات في مواقع إسلامية في الإنترنت باعتناقها الإسلام إلى قيام تنظيم دولة العراق الإسلامية بمجزرة سيدة النجاة في العراق.

أسلمت

في العام 2010، تقدم زوجها ببلاغ عن اختفائها، فشهد مركز دير مواس في المنيا داخل مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية تظاهرات حاشدة شارك فيها مئات من المسيحيين، احتجاجًا على غموض يسيطر على اختفاء كاميليا.

وطالب الأقباط المصريون أجهزة الأمن بسرعة التحرك لكشف غموض اختفاء زوجة الكاهن، بعدما ترددت أنباء أنها تعرضت للاختطاف، وبعد أنباء عن ظهورها في الجمعية الشرعية الإسلامية بالمنيا، وبعد قيام& مفتاح محمد فاضل "أبو يحيى" بكشف صور تظهر كاميليا وهي تشهر إسلامها، مؤكدًا أنها لجأت إليه لمساعدتها في اعتناق الإسلام وحمايتها.

حضر عيد لبيب، عضو مجلس الشورى المصري، إلى مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية، وأوضح بصورة غير مباشرة للمعتصمين فيها أن كاميليا اعتنقت الاسلام بإرادتها.

اختفت

بعد أربعة ايام من اختفاء كاميليا، أعلن الأمن المصري العثور عليها، وتسليمها للكنيسة، التي قالت إن أسباب الاختفاء تعود&إلى مشاكل عائلية. وبعد عودتها إلى أحضان الكنيسة، صرح الأنبا أغابيوس، أسقف دير مواس، في حديث متلفز بأن كاميليا تحت رعاية الكنيسة، التي تعمل "غسيل مخ لغسيل المخ الذي عُمل لها".

اختفت كاميليا عن الأنظار، وطالب مفكرون ونشطاء أقباط في&الكنيسة بإظهارها لنفى شائعة إسلامها، ومنهم الدكتور رفيق حبيب المفكر القبطى الذي يميل إلى قصة إسلامها، لان ذلك يبرر الغضب والإصرار على إعادتها.

وانتقد الكاتب علاء الأسوانى موقف الدولة في إعادة كاميليا شحاتة للكنيسة بعد إسلامها، وتلويح البابا شنودة بتدويل قضية كاميليا إذا لم تحضرها أجهزة الأمن فورًا. كما انتقد المفكر القبطى جمال أسعد تواطؤ الدولة مع الكنيسة في أزمة كاميليا، وتسائل: "لماذا تسلم الدولة من يشهرون إسلامهم إلى الكنيسة بما يهدر القانون وحقوق الإنسان؟".

ظهرت

قامت بعض المواقع الإسلامية بنشر مستندات وصور شخصية لكاميليا قيل إنها كانت قد تركتها مع الأسرة التي استضافتها في بيتها حين اشهار إسلامها، كما بثت قنوات فضائية إسلامية برامج تؤكد إسلامها.

وخرجت تظاهرات في مسجد الفتح في ميدان رمسيس في القاهرة تنديدًا بما سموه احتجاز الأقباط الذين أسلموا داخل الأديرة والكنائس.

وأكد شباب رابطة جامعة القاهرة أن الدستور والقانون كفلا لجموع المواطنين الحق في اختيار عقائدهم وطالب المتظاهرون بعزل البابا شنودة. كما طالبوا بكشف مصير كاميليا ووفاء المختفية.

تزامنت هذه الوقفة مع أخرى في الإسكندرية في مسجد القائد إبراهيم بالمنشية، احتشد فيها الآلاف لهم نفس المطالب.

وفي لقاء على الهواء على قناة الحياة المسيحية، ظهرت كامليا شحاته من مكان مجهول في 8 أيار (مايو) 2011 وأعلنت عدم صحة ما تردّد عن اعتناقها الإسلام، مؤكدة أن ما حصل كان بسبب هروبها من البيت بسبب خلافات زوجية لا أكثر.