استبعد وليد جنبلاط أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قريبًا، بسبب خلافات بيزنطية محلية، وغياب التوافق الاقليمي، ورأى أن لا أفق للحل في سوريا، ما دام اللون الطاغي هناك اليوم هو اللون الإيراني.


إيلاف - متابعة: ردّ النائب وليد جنبلاط، رئيس اللقاء الديمقراطي اللبناني، العجز عن انتخاب رئيس جمهورية للبنان إلى الخلافات البيزنطية الداخلية، لكنه يستدرك قائلًا، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط": "في الوقت نفسه لا ننسى أن هناك صراعًا أساسيًا، فحزب الله وقوى سياسية كبيرة لن تتخلى عن ترشيح العماد ميشال عون، وصعب على الأقطاب المسيحيين أن يتفقوا على مرشح تسوية، ونحن في دوامة".
أضاف: "هذا الخلاف يجعلنا في مأزق، وفي الوقت الحاضر لا يبدو أن هناك انتخابًا قريبًا للرئيس".
&
محلي وإقليمي
وفي قراءته السياسية لهذا العجز عن انتخاب رئيس، يرى جنبلاط أن هناك شيئا محليا وشيئا إقليميا، "فالجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر حزب الله لها حليف أساسي هو العماد ميشال عون، وهذا ليس سرّا، ولا أرى ظروفًا عربية - إيرانية تستطيع أن تأتي بتسوية، كما حدث عندما انتخبنا الرئيس ميشال سليمان، وكانت آنذاك قطر العراب الذي توسط مع الإيرانيين ومع السوريين وقوى أخرى، وكانت تسوية انتخاب الرئيس سليمان".
ويؤكد جنبلاط أن ثمة دورًا للعامل الاقليمي كما للعامل المحلي، "وإذا وافقت الأقطاب الأربعة على تسوية تحل محليًا، بمعنى أن يتم ترشيح أحدهم بتسوية، لكن كما أراهم من بعيد لن يوافقوا، وإذا كان هناك تقارب ما في مكان ما عربي - إيراني وبصراحة أكثر سعودي - إيراني قد ينتج هذا الأمر تسوية في لبنان، وحتى ذلك الحين تسير الأمور بالتي هي أحسن، لكن علينا أن نعطي الرئيس تمام سلام حقه، لقد قام بعمل سياسي بارع بإدارة سياسية بارعة في أصعب الظروف وتحت الضربات الأمنية وغير الأمنية".
&
لا هجوم لداعش
ينفي جنبلاط في حديثه أن يكون على اطلاع على الحوار المسيحي - المسيحي، الدائر بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، لكنه يؤكد أنه أمر مفيد، "وأنا من الدعاة الأوائل للحوار، والحوار الإسلامي أيضًا مفيد جدًا، وقد فهمت أنهم سيناقشون أمورًا غير خلافية حادة، وتنقية العلاقات الإسلامية الإسلامية، وإزالة الصور، بخطاب هادئ، وكلٌ في خطاباته، السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري، سجل نقاطًا معينة، لكن الأهم أن نستطيع أن نخفف من ربط المسارات".
وكذلك يعارض جنبلاط الرأي القائل بأن تنظيم (داعش) وجبهة النصرة سيهاجمان لبنان، ويقول: "لا أعلم لماذا خرج فجأة هذا الإعلان أو هذا الشعار، لكن لست من الذين يعتقدون ذلك، علينا أن نقوم بالحفاظ على حدودنا وندافع عنها، لكن لا أرى في الوقت الحاضر هذا الخطر المحدق، ويروج في بعض الصحف أن هجومًا شاملًا سيقوم به داعش على لبنان، أنا لا أرى أن داعش اليوم بإمكانه أن يقوم بهجوم شامل، وهناك جبهات متعددة مفتوحة في مواجهته، إلا إذا كان بالفعل لديه تلك القوة الهائلة التي تتحدى الطيران والجيوش و60 دولة، عندها نكون أمام ظاهرة عجيبة، ظاهرة كونية".
ويستمر جنبلاط في رفض تسمية جبهة النصرة إرهابية، "طالما أن فيها شخصًا سوريًا فهي ليست إرهابية، ويجب أن ننتهي من هذا الجدال".
&
لون إيراني
وتناول جنبلاط المسألة السورية، وهو الذي يكرر دائمًا وقوفه إلى جانب الشعب في سوريا ضد نظامها، فقال للشرق الأوسط: "لولا دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للنظام السوري لما بقي هذا النظام، الدعم المالي والبشري والعسكري، وهناك دعم روسي لكن الدعم الإيراني هو الأساس".
أضاف: "البعد العربي يضمحلّ في سوريا، لأن قوة أساسية مركزية عربية خرجت، وإلى أن تعود لا بد من وقت، إلى أن تعود مصر لا بد من وقت طويل، وسوريا لم يعد فيها لون عربي، بل هناك لون إيراني في سوريا، وكان ممكنًا الوصول إلى تسوية منذ أمد بعيد على الموضوع السوري، لكن اليوم حتى إيران وصلت إلى أفق مسدود، إلا إذا كانت مثل الطريقة العراقية، أي بدلًا من أن تتعاطى مع دولة موحدة تريد أن تتعاطى مع دولة مفككة".
&
ماذا بقي منها؟
وإذ يعرب جنبلاط عن خشيته على وحدة سوريا، يسأل: "ما بقي من سوريا اليوم؟ حتى لو استطاع أن يسيطر بشار الأسد على حلب، وهذه فرضية صعبة، بالنهاية هجر 10 ملايين مواطن من شعبه خارج سوريا وداخل سوريا، ولن يعيدهم إلا على طريقته، ربما بطوق أمني أو طوق عسكري وبتنقيتهم طائفيًا، يرسم النظام عندها خارطة جديدة لسوريا ولن يسمح بعودة المهجرين إلا على طريقته بعد خطة عمرانية جديدة تطوق فيها الأكثرية".
يضيف: "تركيبة الشام السابقة حتى اليوم مطوقة، حمص كانت مطوقة، وحلب إلى حد ما، وهذه الأكثرية السنية لن تعود كما كانت في سوريا، ولم يكن وضعها مريحا جدا من قبل. هل هذا لصالح إيران؟ لا أدري لكن يبدو ذلك".
ويسأل من جديد: "ماذا حدث للطائفة العلوية، يبدو كأن الدعم الهائل للنظام جعل من هذه الطائفة أسيرة له إلى أن يقضى الأمر، لكن خسائر تلك الطائفة هائلة، وبالمقابل الائتلاف والمعارضة لم يتوجها بشكل إيجابي إلى العلويين كعلويين، فهم في مأزق لأن النظام يستخدمهم كدروع بشرية في كل مكان، وفي الوقت نفسه&ليس لهم مفر. قيل لي إن الميسورين منهم يغادرون كباقي الميسورين والمعتدلين من الطبقات المتوسطة من السوريين".
&
الاقليات في خطر
لا يرى جنبلاط خروجًا من النفق السوري، طالما أن الإيراني مصر على دعم النظام، "وفي أي لحظة تتخلى فيها إيران وروسيا عن دعم النظام فسوف تتغير المعادلة، لكن هناك حسابات دخل فيها النووي وغير النووي، وهي حسابات لا أستطيع أن أشخصها لكن أعلم أن الحدود السابقة سوف تتغير والكيان الجديد الظاهر بوضوح بالوقت الحاضر هو كيان كردي تابع لمسعود بارزاني، الذي كان عاقلًا وجريئًا وشجاعًا".
&
ويرى أن هناك خطرًا على مسيحيي الشرق، "ليس فقط من أعمال داعش، لكن علينا أن نذكر أنه قبل سقوط صدام كان هناك مليون مسيحي عراقي، وبعد سقوطه جرت اعتداءات كبيرة جدًا أيام المالكي وحصلت تفجيرات في الكنائس والمعابد المسيحية، ثم أتت كارثة الموصل".
&
يضيف للشرق الأوسط: "الدروز أيضًا في مأزق، لأنهم ساندوا النظام، ليس في غالبيتهم لكن فريقًا كبيرًا تكبد خسائر فادحة. دعوتهم أكثر من مرة وماذا أستطيع أن أفعل أكثر، وأعتقد أن هذه الدعوة ستلقى يومًا ما صدى إيجابيًا، لأنهم أيضًا استخدموا كوقود لمدافع النظام. حاولت أن يكون للدروز موقع متقدم بالثورة لكن فشلت، وعلى الأقل أن يكون طلبي بالحياد كي لا يتم استخدامهم من قبل النظام، كما حصل في الصيف الماضي وتكبدوا خسائر فادحة في غزوة قاموا بها على جبهة النصرة، وأجدد ندائي إلى العرب الدروز في سوريا بأن محيطهم هو المحيط العربي وبالتحديد العربي السني".
&