يعتبر الكثيرون أن اعتماد الأمن الذاتي لمحاربة "الإرهاب" في لبنان قد يؤدي في ما بعد إلى حرب أهليّة بين اللبنانييّن، لأنه يبقى على الدولة وحدها مسؤوليّة حفظ الأمن في لبنان.

بيروت: يعتبر الكثيرون في ظل نمو ما يسمى بالأمن الذاتي، إن كان لدى المسيحيين في مواجهة "داعش"، وكذلك لدى حزب الله، أن محاربة "الإرهاب التكفيري" يكون من خلال مؤازرة الجيش اللبنانيّ والدولة اللبنانيّة، وليس عبر التسلّح والأمن الذاتي، لأن هذه الطريقة لا تؤدي سوى إلى الإنحدار السريع نحو الإشتباك الداخلي.

فهل الأمن الذاتي اليوم بداية لتقسيم لبنان؟ يقول النائب نضال طعمة ( المستقبل) ل"إيلاف" :" لا شك إنه يؤدي إلى تقسيم لبنان، ويعيدنا بالذاكرة إلى الحرب الأهليّة، لانها بدأت بأمن ذاتي، ورأينا ويلاتها، ثم عدنا وتحاورنا.

ويضيف:" يجب أن نضع كل إمكانياتنا بيد الدولة اللبنانيّة، كي تقوى، ولم يعد هناك داع من أن يشعر كل فريق بأنه مستهدف وخائف، يجب أن يكون هناك قناعة جماعيّة بدعم الدولة اللبنانيّة.
ويلفت طعمة إلى ان هناك البعض ممن يُذكِّر بعودة الحرب ويقرع طبولها
لكنها مرفوضة، ونحن نتذكر الحرب كي نتعلم منها، ويجب تطبيق إعلان بعبدا لننأى بأنفسنا عن الأحداث حولنا، وما يجري في سوريا، شئنا أم أبينا، يلسعنا بناره اذا لم ننأى بأنفسنا عنه.

ويؤكد طعمة أن الأمن الذاتي اليوم بداية لفرط عقد هيبة الدولة اللبنانيّة، وبداية لفرط كل المؤسسات الامنيّة، والحكوميّة، من مجلس وزراء الى مجلس نواب، وبداية إلى تقسيم لبنان ولكن ليس إداريًا بل ذاتيًا وأمنيًا.
هل يحلّ حزب الله وبعض القوى المسيحيّة مكان الدولة اللبنانيّة من خلال اعتمادها للأمن الذاتي؟ يرى طعمة في ما خص حزب الله أنه لا يؤمن اصلاً بالدولة اللبنانيّة، وحجّته انه يحمي نفسه في ظل غياب الدولة، وهذا العذر أقبح من الذنب نفسه، واليوم على حزب الله أن يؤمن بالدولة ويدعمها ويساعدها، ويضع مجهوده مع الدولة، اليوم حزب الله مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران، وبولاية الفقيه، وكل ما يأتيه من أوامر يمتثل لها من خلال مقولة "نفذ ثم اعترض".

ويضيف طعمة "يجب أن يعود حزب الله إلى لبنانيّته ويقرر أن يبقى على علاقة جيدة مع كل الدول ما عدا اسرائيل طبعًا، لا يجب أن نكون تبعييّن لأحد، بل إلى لبنان فقط ومؤسسّاته وسلاح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على كافة الاراضي اللبنانيّة، ويتابع طعمة :" حزب الله من خلال الأمن الذاتي يلغي الدولة اللبنانيّة من أولها إلى آخرها".

الفكر التقسيمي

بدوره يعتبر النائب نبيل نقولا (تكتل التغيير والإصلاح) في حديثه ل"إيلاف" ألا احد يطمح في لبنان إلى الأمن الذاتي، إلا الفئات التي لديها الفكر التقسيمي، ولكن عندما تغيب الدولة هناك من يحل مكانها والفراغ هو من يملأه الآخرون، وواجبات الدولة القيام بكل ما أوتيت للحفاظ على الأمن في كل لبنان.

ويؤكد نقولا أن الأمن الذاتي مرفوض بتاتًا، لأنه يؤدي إلى التقسيم وعشنا ذلك خلال الحرب اللبنانيّة، عندما كانت هناك حماية ذاتيّة لكل منطقة، رأينا في النهاية كيف انتهت إلى حرب شوارع ضمن المناطق التي كانت تتدّعي بأنها تقوم بحماية ذاتيّة.

ويؤكد نقولا أن الدولة عادت اليوم لتحمّل مسؤولياتها، وحزب الله يفضل ذلك، لاننا كلنا نعرف أن الحماية الذاتية تؤدي في النهاية الى انشقاقات داخل المناطق التي تعتبر نفسها محمية ذاتيًا. ويؤكد نقولا أن أي خلافات اقليميّة ودوليّة نتأثر بها كلبنانيين أيضًا، لأن من الأساس لم نعرف كلبنانييّن أن نحمي أنفسنا من خلال الإتفاق في ما بيننا وعدم السماح باعتماد كل منطقة أمنها الذاتي.