بحث الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسي في الرياض الأحد ملفات مشتركة غالبيتها ساخنة، كالوضع المستجد في اليمن، والمستعر في سوريا، وتشكيل قوة عربية مشتركة تدحر التطرف.

الرياض: انتهت القمة المصرية - السعودية في الرياض الأحد، وأكد الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي بنهايتها أنها تأكيد على عمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، مع حرصهما على تعزيزها في المجالات كافة.

اليمن وسوريا

عرض الجانبان في المباحثات تطورات المنطقة والعالم. وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف إن المحادثات بين الملك سلمان& والسيسي تناولت الأوضاع في اليمن وضرورة تداركها، "تلافيًا لآثارها السلبية في أمن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر". وأضاف في بيان: "أعرب الرئيس المصري خلال المحادثات عن تأييد بلاده المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية لليمن ووحدة شعبه، وأهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لعدم السماح بالمس بأمن البحر الأحمر، أو تهديد حركة الملاحة الدولية".

وتناول البحث الأزمة السورية، وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية إن السيسي شدد على أن اهتمام مصر يركّز على الحفاظ على الدولة السورية ذاتها وحماية مؤسساتها من الانهيار، مؤكدًا أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري، ويحفظ وحدة الأراضي السورية، ويحول دون امتداد العنف والإرهاب إلى دول الجوار السوري.

تفويت الفرصة

وتابع يوسف: "السيسي أوضح أن جهود مكافحة الإرهاب في ليبيا لا تتعارض مع دعم مصر لجهود المبعوث الأممي لإيجاد حل للأزمة من طريق الحوار، كما شدد على ضرورة وقف إمدادات المال والسلاح للميليشيات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا، وأهمية دعم المؤسسات الرسمية الليبية، وعلى رأسها البرلمان المنتخب والجيش الوطني، إضافة إلى مساندة الحل السياسي، وصولاً إلى تحقيق الأمن والاستقرار للشعب الليبي".

وأشار يوسف إلى أن لقاء القمة المصرية السعودية شهد تأكيدًا لأهمية مجابهة محاولات التدخل في الدول العربية، أيًا تكن مصادرها، "وتفويت الفرصة على من يحاولون بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء، وذلك حفاظًا على النظام العربي الذي نهدف إلى ترميمه وتقويته في مواجهة محاولات اختراقه وإضعافه، إذ أعرب الزعيمان عن تطابق مواقف البلدين إزاء سبل مواجهة التحديات في منطقة الشرق الأوسط، والذي يعد ركيزة أساسية للتضامن العربي".

القوة المشتركة

ومن أهم المواضيع التي تطرق إليها البحث بين الزعيمين العربيين مسألة تأسيس قوة عربية مشتركة، ينادي بها السيسي لتكون هي صمام الأمان العربي والاسلامي من تمدد ظاهرة التطرف والارهاب.
ونقلت "الشرق الأوسط" عن مصادر عربية تأكيدها أن مصر ستطرح أمام القمة العربية المقبلة، المقرر عقدها في نهاية آذار (مارس) الحالي، مشروع تأسيس هذه القوة العربية المشتركة، لمواجهة الاضطرابات الأمنية التي تشهدها المنطقة ومكافحة التطرف. ولا بد أن الاجتماع الأحد قدم دفعًا لهذه الفكرة.

وأشارت تلك المصادر إلى أن إشارات إيجابية داعمة للمشروع وردت للرئاسة المصرية من بعض الدول العربية المؤثرة، في ظل النتائج المحدودة لأعمال التحالف الدولي ضد الإرهاب، والذي تقوده الولايات المتحدة منذ منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، بمشاركة أكثر من 40 دولة في العالم. وأوضحت المصادر أن المشروع المصري، في حال إقراره، سيكون الحل الأمثل لمكافحة التنظيمات المتطرفة، وفي طليعتها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

في وقت حساس

وفي هذا السياق، نقلت "الشرق الأوسط" عن أحمد القطان، السفير السعودي لدى مصر، قوله إن هذه القمة جاءت في وقت حساس تمر فيه المنطقة العربية باضطرابات وقلاقل تتطلب تضافر الجهود المخلصة لمواجهتها. أضاف: "اللقاء ناقش الكثير من الأمور التي تهم البلدين والأمة العربية والإسلامية والأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وبحث آخر المستجدات التي تسبق تنظيم مصر للمؤتمر الاقتصادي الذي سينعقد الشهر الحالي في شرم الشيخ، وتوفير الظروف المناسبة لنجاحه من أجل دعم القاهرة في هذه المرحلة، كما كانت مكافحة الإرهاب من بين الموضوعات التي تطرق لها لقاء الزعيمين".

وأوضح قطان أن العاهل السعودي والرئيس المصري أكدا أن العلاقات بين البلدين تاريخية وأزلية ومتينة، "ولن يسمحا لأحد بأن يصطاد في الماء العكر من أجل الإساءة لتلك العلاقة التي تتطور يومًا بعد يوم".

علاقات أزلية

كما قال عفيفي عبد الوهاب، السفير المصري لدى السعودية، للصحيفة نفسها إن الرياض والقاهرة متيقظتان ومنتبهتان لأي محاولات من أي جهة أو طرف للنيل من علاقتهما الراسخة. أضاف: "بغض النظر إن كانت هناك جهات أو فئات تسعى سعيًا خبيثًا لتعكير صفو العلاقات بين مصر والسعودية، فإنني أؤكد أنها لن تنال بأي شكل من العلاقات بين البلدين، فهي أكبر وأقوى وأسمى وأعلى من مثل هذه المساعي الملغومة".

ولفت إلى أن العلاقات بين البلدين أزلية، مؤكدًا أنها ستستمر إلى الأبد، "حتى تقوم الساعة ستكون على ما هي عليه، من حيث التضافر والتعاون والتنسيق"، مشددًا على أن هذه العلاقات تتميز بالتنسيق والتعاون والتشاور بصدد كل المسائل ذات الاهتمام المشترك، ومؤكداً على&أن تشاور قيادتي البلدين يتجاوز العلاقات الثنائية إلى كل ما يتعلق بقضايا المنطقة العربية والسلم والأمن الدوليين.

وأردف عبد الوهاب قائلًا: "كما يعلم الجميع، فإن العالم العربي والعمل المشترك العربي، لن تقوم له قائمة إلا من خلال التنسيق والتعاون والتشاور المستمر ما بين السعودية ومصر"، مشيرًا إلى أن الحوادث والمواقف التاريخية تثبت وتؤكد ما ذهب إليه في هذا الإطار.