توفي في اسطنبول التركية اليوم كبير المعارضين العراقيين للعملية السياسية العراقية رئيس هيئة علماء المسلمين السنية الشيخ حارث الضاري عن عمر يناهز 73 عاما إثر مرض عضال حيث عرف بمواقفه الحادة ضد الحكومات التي اعقبت سقوط النظام السابق عام 2003.
أسامة مهدي: لطالما اعتبر الراحل الشيخ حارث الضاري العملية السياسية في العراق "صنيعة المحتل الاميركي"، وعُرف بمعارضته الشديدة للتدخل الايراني في شؤون العراق الأمر الذي اضطره الى مغادرة البلاد والانتقال بين دمشق وعمان واسطنبول بعد ان اتهمته بغداد وواشنطن بالإرهاب.
"علماء المسلمين" تؤكد مواصلة مسيرة الضاري
نعت هيئة علماء المسلمين العراقية الخميس أمينها العام الشيخ حارث الضاري الذي وافاه الاجل صباح اليوم الخميس عن عمر ناهز 73 عاما اثر مرض عضال.
وقالت في بيان صحافي اطلعت "إيلاف" على نصه: "بقلوب مؤمنة بربها صابرة محتسبة تنعى هيئة علماء المسلمين إلى أبناء الشعب العراقي والأمتين العربية والإسلامية؛ وفاة أمينها العام الشيخ المجاهد والعالم الرباني (حارث سليمان الضاري) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته".
واضافت الهيئة ان الراحل "عاش حياةً حافلة بالعطاء ابتدأها بتحصيل العلم الشرعي وتربية الأجيال وتخريج العلماء والدعوة إلى الله، وأنهاها بالجهاد في سبيل الله والوقوف بحزم أمام مخططات الأعداء الذين كانوا وما زالوا يتربصون بأمتنا الدوائر، ويسعون الى النيل منها، وقاد في هذا السبيل مؤسسة كبيرة أوقفت جهدها وجهادها لتحرير العراق من الاحتلال الغاشم وهيمنة الظلم وعدوان الظالمين"، مؤكدة ان الشيخ الضاري "كان من أكثر علماء عصره معاناةَ واستهدافاً وتعرضاً للأذى وأكثرهم& صبراً وعزيمة& وثقة بالله وإصراراً على المضي قدماً في طريق الجهاد لتحقيق أعظم غاياته" بحسب الهيئة.
واكدت هيئة علماء المسلمين البقاء "متمسكة بثوابتها ومنهجها ومواصلة مسيرة الشيخ وجهاده حتى تحرير العراق وإعادته إلى أهله وأمته" كما قالت.
وقد توفي الضاري اليوم في تركيا، وهو أحد علماء السنة في العراق ويقيم في العاصمة الأردنية عمان منذ الاحتلال الأميركي للعراق وهو من أكبر المناهضين للاحتلال ولطريقة الحكم الحالية في العراق.
وهو خريج جامعة الازهر حيث حصل على شهادة الليسانس العالية بكلية أصول الدين والحديث والتفسير ثم دخلت الدراسات العليا وحصل على شهادة الماجستير في التفسير عام 1969.
ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الحديث عام 1978 وعاد بعدها إلى العراق وعمل في وزارة الأوقاف ثم نقل إلى جامعة بغداد استاذا حيث قضى في التعليم الجامعي أكثر من 32 عاماً لحين تقاعده بعد ان عمل في عدة جامعات عربية ومنها جامعة اليرموك في الأردن وجامعة عجمان في الإمارات المتحدة وكلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي أيضاً في الإمارات العربية وعاد إلى العراق في تموز (يوليو) عام 2003 بعد سقوط نظامه السابق.
الشيخ الارهابي
وتعتبر الحكومة العراقية الضاري ارهابيا وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه وهو يعتبر نفسه من الخط الوطني الذي يدافع عن وحدة الشيعة مع السنة ويعتقد أن الشيعة ليسوا مسؤولين عن حوادث القتل الجماعي التي تعرض لها السنة بعد الاحتلال في 2003.
وللضاري مواقف مضطربة من الأحداث في العراق بعد 2003 فهو من جهة يؤيد انتفاضة ما يسمى بالمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي ويؤيد في الوقت نفسه التقارب مع الشيعة الذين يؤيدون الاحتلال ويعتبرونه تحريرا من نظام حكم صدام حسين الذي يعتبرونه نظاما معاديا لهم، ثم يؤيد قتل عناصر الجيش العراقي الحالي الذي يعتبر الشيعة المكون الأساسي له.
ويساعد الضاري بعض قوى التي تعتبرها بغداد ارهابية وتنتسب إلى السنة مثل القاعدة وبعض فصائل المعارضة المسلحة.
وتتهم الحكومة العراقية الضاري بإدخال مجاميع من القاعدة إلى ساحات اعتصام الرمادي ما مهد لرئيس الوزراء السابق نوري لمالكي اقتحام الساحة اواخر عام 2013 والتي كانت تعد أهم ساحة اعتصام للسنة في العراق ما اثار مواجهات موسعة بين الحكومة والجماعات المعارضة المسلحة اعتبرت ممهدة لدخول تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" الى العراق واحتلال مناطق شاسعة منه وحيث تدور حاليا معارك دامية للقضاء عليه وتحرير المناطق التي سيطر عليها منذ حزيران (يونيو) عام 2014.&
الضاري ونجله على قائمتي الارهاب الاميركية والاردنية
&
وفي اواخر عام 2008 وضعت وزارة المالية الأميركية ثلاثة عراقيين من بينهم الشيخ حارث الضاري تحت طائلة أمر رئاسي يقضي بتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم داخل الولايات المتحدة ومنع المواطنين الأميركيين من إجراء أي تعاملات تجارية معهم كونهم يهددون السلام والاستقرار في العراق.
ووصفت الوزارة في بيان هؤلاء الأشخاص بأنهم إرتكبوا أو أداروا أو دعموا أعمال عنف ضد مواطنين عراقيين ومسؤولين حكوميين بالإضافة إلى قوات التحالف وتلقى بعضهم دعما من فيلق القدس الإيراني.
وأشار البيان إلى أن حارث الضاري قام في أيار (مايو) من ذلك العام بإصدار أوامره إلى قادة تنظيم القاعدة في العراق، بمهاجمة قوات التحالف ومجالس الصحوة وقامت خليتان تابعتان للقاعدة وكلتاهما تحت سيطرته بزرع عبوات ناسفة في الطريق الذي سلكته قافلة تابعة لقوات التحالف وشنت كذلك هجوما بالاسلحة الخفيفة على نقاط تفتيش تابعة لعناصر الصحوة.
وقالت الوزارة ان الضاري قد اعطى أوامره لجماعة مرتبطة بالقاعدة هي "أنصار السنة" بخطف أربعة من الصحافيين الأجانب في كانون الاول (ديسمبر) عام 2005.
وفي تشرين الاول (أكتوبر) عام 2006 أشرف الضاري على خطة تم إحباطها لاحقا لإدخال عبوات ناسفة إلى داخل المنطقة الخضراء بهدف اغتيال قيادات عراقية وأميركية وسفيري الولايات المتحدة وبريطانيا في بغداد، كما اصدر أوامره في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 لمستشار في هيئة علماء المسلمين بشن هجمات ضد القوات العراقية وقوات التحالف في العراق.
واتهم بيان وزارة المالية الأميركية الشيخ الضاري أيضا بإعطاء مساعدات مالية وعينية إلى جماعات التمرد المسلح وأخرى إرهابية، مشيرا إلى أنه قام في نيسان (أبريل) من العام 2008 بالسفر إلى لبنان وسوريا والأردن والسعودية لطلب تبرعات مالية وعينية حتى يتمكن من تمويل اثنين من الجماعات الإرهابية في بغداد.
والجماعتان إستخدمتا هذه التبرعات التي سلمها لها الضاري، حسب البيان، لشراء كميات كبيرة من المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات وكذلك شراء أسلحة وعبوات ناسفة ومنصات إطلاق صواريخ الهاون.
وفي الفترة ذاتها، قام الضاري بتمويل جماعة مسلحة مرتبطة بالقاعدة تدعى "جيش المجاهدين" عبر تبرعات من "مستثمرين" أجانب لتنفيذ عمليات مسلحة.
واشارت الوزارة الاميركية الى أن الضاري قام في حزيران (يونيو) من عام 2006 بتقديم دعم مالي ولوجستي للقيام بهجمات ضد القوات العراقية وأنه قام بتأسيس شركة لتكون واجهة لتلقي الأموال حيث قام عن طريقها بتحويل خمسة ملايين دولار لتمويل هجوم بأسلحة كيماوية ضد القوات العراقية.
كما وفر الضاري ملاذا لهؤلاء المسلحين عن طريق السماح لهم باستخدام مزرعته الخاصة وأبنية ملحقة بها ودفع تكاليف إيواء المقاتلين الأجانب في العراق.
وكان من بين العراقيين الذين طالهم المنع كل من أحمد حسن كاكه العبيدي الذي وصفه البيان بأنه كان يعمل في جهاز مخابرات النظام السابق وأكرم عباس الكعبي أحد قادة جيش المهدي فضلا عن شخص إيراني يعمل مع فيلق القدس المتهم بتدريب ميليشا جيش المهدي، ورواء الأسطة زوجة مشعان الجبوري، وهي سورية الجنسية.
كما وضعت وزارة المالية الأميركية محطتين تلفزيونيتين تابعتين لمشعان الجبوري وتبثان من سوريا تحت طائلة العقوبات ذاتها. وأضاف البيان أن& المحطتين مملوكتان للجبوري وتديرهما زوجته الأسطة.
&
وفي نيسان (ابريل) عام 2010 أدرجت الحكومة الأردنية مثنى حارث الضاري نجل الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق على "القائمة الموحدة المتعلقة بالإرهاب" والتي تضم شخصيات تفرض عليها عقوبات بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1267.
وقالت معلومات إن "ادراج الحكومة لاسم مثنى حارث الضاري جاء استجابة لطلب من مجلس الامن الدولي عممته وزارة الخارجية على وزارة المالية والبنك المركزي ومؤسسات سوق رأس المال في المملكة".
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة انذاك في التعميم "ارفق كتاب القائم بالاعمال بالانابة في نيويورك، ورسالة من رئيس مجلس لجنة الامن المنشأة بموجب القرار 1267، والمتضمنة ادراج اسم المدعو مثنى حارث الضاري الى القائمة الموحدة".
واضاف ان "الرسالة تتضمن المعلومات المتوفرة لدى لجنة العقوبات التابعة للقرار من قبل جهة الادراج والتي تفيد بأن المدعو موجود في الاردن، بالاضافة الى المعلومات السرية الخاصة بالمدعو والاجراءات التي يجب على الدول ان تتبعها نتيجة ادراج الاسم".
واوضح التعميم ان "لجنة مجلس الامن تشجع الدول التي تتلقى اخطاراتها، حول ادراج الاسماء بأن تقوم بإعلامها بالخطوات التي قامت بها لتطبيق الاجراءات".
كما أعلنت وزارة الخزانة الاميركية في اذار (مارس) عام 2009 فرض عقوبات مالية جديدة ضد مثنى حارث الضاري الذي تتهمه بدعم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
كما حصلت الحكومة الأميركية على دعم الحكومة العراقية، لادراج مثنى حارث الضاري على قائمة الاشخاص والمجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان التي تفرض عليهما عقوبات بموجب قرار الامم المتحدة الرقم 1267.
وتشمل هذه العقوبات خصوصا تجميد ممتلكات الضاري في الولايات المتحدة وحظر الرعايا الأميركيين من التعامل معه.
واتهمت وزارة الخزانة الأميركية في بيانها مثنى الضاري بالسعي منذ آب (اغسطس) عام2008 "لاعادة احياء التمرد في العراق من خلال تشكيل كل انواع التنظيمات المتمردة" التي تهاجم القوات الاجنبية.
ومثنى الضاري هو المتحدث الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين السنة التي تم تشكيلها بعيد اجتياح العراق في 2003 برئاسة والده وجعلت من الدفاع عن حقوق السنة هدفا لها.
التعليقات