واشنطن: يلقي شينزو ابي الاربعاء خطابا امام الكونغرس الملتئم بمجلسيه ليصبح اول رئيس وزراء ياباني يقوم بهذه الخطوة ويرتقب ان يتطرق خلاله الى تعزيز العلاقات الاقتصادية والامنية مع الولايات المتحدة في مواجهة النفوذ المتزايد للصين. ومن النادر ان يلقي سياسيون يابانيون كلمة امام الكونغرس وخصوصا امام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ.

تاتي كلمة ابي لتتوج زيارة مستمرة منذ اسبوع سعى خلالها مع الرئيس الاميركي باراك اوباما الى طي صفحة الحرب العالمية الثانية التي يستعدان للاحتفال بالذكرى السبعين لانتهائها. ويقوم ابي (60 عاما) بزيارته في الوقت الذي تحث فيه واشنطن طوكيو على تحسين علاقاتها مع الصين وكوريا الجنوبية اللتين عانتا من الانتهاكات التي مارسها الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.

وستتابع بكين وسيول خطاب ابي عن كثب. كما حثته كوريا الجنوبية على اغتنام الفرصة من اجل التعبير عن "ندم صادق" عن الاعمال الوحشية خلال الحرب العالمية الثانية بينما لم تول وزارة الخارجية الصينية الامر اهمية كبرى. وكانت حكومة ابي تبنت علنا اعتذارا صدر في العام 1995 عن التجاوزات خلال الحرب. الا ان كوريا الجنوبية تامل بان يتناول ابي تركيز اليابان المثير للجدل على القومية في المدارس وعلى زيارة الوزراء الى نصب لتكريم ضحايا الحرب، ومن بينهم اشخاص ادينوا بارتكاب جرائم حرب.

وتعتقد سيول ان طوكيو لم تعبّر عن الندم التام على التجاوزات خلال ماضيها الاستعماري، ومن بينها ارغام نساء كوريات جنوبيات على ممارسة الدعارة مع الجنود اليابانيين.
وتفضل واشنطن ان يطوي حليفاها الاسيويان صفحة الحرب، وان يركزا على تشكيل جبهة موحدة ازاء الصين. واستقبل اوباما ابي الثلاثاء في البيت الابيض على امل تعزيز علاقات التحالف بين البلدين والتي تعود الى 70 عاما.

تاتي زيارة ابي ايضا بينما تخوض الولايات المتحدة محادثات مكثفة من اجل توقيع اتفاق شراكة مع 12 دولة مطلة على المحيط الهادئ يشمل مشاركة من اليابان. وتعهد اوباما وابي الثلاثاء المضي قدما في معاهدة الشراكة التجارية التي ستشمل 40% من الاقتصاد العالمي، لكنها تستثني الصين.

من جهتها، تدفع الصين التي يتزايد نفوذها الاقتصادي باتجاه تاسيس مصرف استثمار للبنى التحتية في اسيا لمنافسة مؤسسات مشابهة في الولايات المتحدة. ونفى اوباما ان تكون بلاده تعارض هذا المصرف، الا انه شدد على اهمية الشفافية في مثل هذه المؤسسات. وقال "ما لا نريد القيام به هو المشاركة وتامين تغطية لمؤسسة لا تقوم في النهاية بما هو لصالح شعبها".

وتعهد اوباما وابي اللذين اعربا عن قلقهما ازاء تحركات الصين في بحري الصين الجنوبي والصين الشرقي، بمواجهة اي تهديدات وتعزيز قدرة الردع العسكرية لديهما. واتهم اوباما الصين بـ"القيام باستعراض للقوة" من خلال مطالبها الاقليمية وعمليات الردم التي تقوم بها في مياه متنازع عليها. وقال اوباما "هناك توترات حقيقية مع الصين حول مقاربتها للمسائل البحرية ولمطالبها".

ويعتقد عدد كبير من الخبراء ان بحر الصين الجنوبي الغني بالنفط يمكن ان يكون موضوع نزاع بين مختلف الدول التي تتنازع عليه. وجدد اوباما التاكيد على التزام بلاده "التام" في الدفاع عن اليابان، مشددا على تعهده "حماية كل الاراضي الخاضعة لادارة اليابان بما فيها جزر سنكاكو". وتطالب الصين بالسيادة على هذه الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي، والتي تطلق عليها بكين اسم دياويو.

وللمرة الاولى سيكون بامكان اليابان ان ترد مبادرة الدفاع الاميركية بفضل اتفاق تم توقيعه خلال زيارة ابي. وسيكون بامكان القوات اليابانية المجهزة والمدربة بشكل جيد ان تتدخل للدفاع عن الولايات المتحدة في ما يشكل تغييرا جذريا ودورا اكثر حزما للدولة التي يكرس دستورها مبدا السلمية. الا ان اوباما شدد "لا نعتقد ان اي تحالف قوي بين الولايات المتحدة واليابان يجب ان ينظر له على انه استفزاز". وتابع "نحن نرحب بالصعود السلمي للصين".

وكانت قضية الاستعباد الجنسي خلال الحرب العالمية الثانية وراء معارضة بعض المسؤولين الاميركيين لدعوة ابي من اجل القاء كلمة امام الكونغرس. وتقول اليابان انها سبق واعتذرت وقدمت تعويضا ماليا ونفسيا للضحايا.

واشارت مصادر دبلوماسية الى ان خطاب ابي سيتناول بعض الموضوعات التي اشار اليها خلال كلمة امام البرلمان الاسترالي في تموز/يوليو قال فيها انه ينحني امام "الفظائع والاهوال" في تاريخ اليابان. وكان ابي قال خلال مؤتمر صحافي مشترك الثلاثاء انه "حزين جدا ازاء العذابات الكبيرة" التي عانت منها النساء اللواتي اجبرن على البغاء في الصين وكوريا الجنوبية لكنه تجنب تماما تقديم اي اعتذار.

ويفيد كثير من المؤرخين ان الجيش الياباني اجبر نحو 200 الف امراة من كوريا والصين واندونيسيا والفلبين وتايوان على العمل في بيوت دعارة خاصة بالجيش الياباني. ويتعرض ابي الذي يريد طي صفحة الماضي المضطرب لبلاده لضغوط كبيرة من اجل تكرار الاعتذارات التي قام بها اسلافه.
&