يرتفع مؤشر التلوث البيئي عن الحد الصحي المطلوب في 90% من المدن الصينية، بحسب معطيات بنك البيئة الدولي، ولهذا تتحمس الصين لتغيير نظرة العالم إليها كـ"أكبر ملوث للبيئة" في العالم.
&
تفوقت الصين على العالم مرة، في مجال تنقية بيئة المدن، حين نجحت في إحلال الدراجات النارية الصغيرة العاملة بتقنية خلايا الوقود (الهيدروجين) محل السيارات في حركة النقل في مدنها الكبيرة. والظاهر أنها ستتفوق على العالم ثانية في هذا المجال، لأنها أنتجت أول قطار للمدن (ترام أو مترو) يعمل بتقنية خلايا الوقود.
ومعروف أن الدولة الغربية الرائدة في هذا المجال، وهي فرنسا (شركة استروم للتقنيات البديلة)، حددت عام 2018 لطرح أول قطار يعمل بهذا النوع من الطاقة البديلة.
&
مكلفة كهربائيًا
وعلى أية حال، تبدو ألمانيا متفوقة في مثل هذه التقنية في المجال العسكري فقط، وسبق لها أن أدهشت العالم بغواصتها التجسسية الصغيرة العاملة بخلايا الوقودU212 ، التي تسمى الغواصة الهامسة.
لكن ألمانيا ستكون أول مستورد للقطار الصيني الهيدروجيني لاستخدامه في شبكات الطرق القصيرة بين المدن، بهدف تنقية أجواء المدن من ثاني أوكسيد الكربون وذرات السخام. وكانت ألمانيا بانتظار القطارات الهيدروجينية من فرنسا، إلا أن الصين فاجأتها بمنتجها الجديد.
ومعروف أن الترام والمترو يعملان بالكهرباء، وبالتالي فهما أبعد بكثير من تهمة تلويث البيئة، لكن هذا النوع من النقل يتطلب بناء هياكل ارتكازية باهظة الثمن بهدف ايصال الكهرباء إلى القاطرات، كما أن استهلاكها من الطاقة الكهربائية عالٍ جدًا. وليس غريبًا حينها أن تسجل مديريات النقل والسكك الحديدية الألمانية خسائر سنوية دائمة بسبب ارتفاع كلفة الكهرباء.
&
حرارة وبخار ماء
المهم في القطارات الهيدروجينية التي تنتجها شركة "سيفانغ" الصينية (سكك حديد الصين الجنوبية)، هو انها لا تطلق ما يلوث البيئة من مراجلها، فضلًا عن بخار الماء والحرارة. واعتمدت "سيفانغ"، التي تتخذ من مدينة كنغداوو على الساحل الشرقي مقرًا لها، تقنية تعيد استخدام الحرارة الزائدة الناتجة عن التفاعل في تدفئة عربات المسافرين. وواضح أن قطارات تعمل بتقنية خلايا الوقود لا حاجة لها بالأسلاك الكهربائية التي تتقاطع في الشوارع وتفسد منظر المدن الجميلة.
وتقول مصادر "سيفانغ" انها تعمل منذ سنوات طويلة على هذه التقنية، وانها أمضت السنتين الأخيرتين في تشذيب التقنية والتغلب على مشاكلها قبل طرحها في السوق. واعتبرت هذه المصادر اطلاق بخار الماء في الشوارع "تنقية" لأجواء المدن وترطيبًا لها، وخصوصًا في المناطق القليلة الرطوبة.
&
مداها 100 كم
تعتبر الصين أن&قطارات من مدى 100 كم قطارات مخصصة للنقل داخل المدن (ترام) بحكم أراضيها المترامية بالأطراف، لكن ألمانيا تجد قطارات من هذا المدى صالحة أيضًا للنقل بين المدن القريبة من بعضها. يكفي كمثل أن نشير إلى ولاية الراين الشمالي فيستفاليا الألمانية التي يسكنها نحو 20 مليونًا، ولا تزيد مساحتها عن 34 ألف كم مربع.
وعلى هذا الأساس يقول ليانغ جيانينغ، من شركة سيفانغ، إن معدل المسافة المعتادة بين نهايتي محطتي ترام في الصين لا تزيد عن 15 كم، وهذا يعني إمكانية القطار على قطع مثل هذه المسافة خمس مرات قبل أن يحتاج لإعادة الشحن في محطات شحن الهيدروجين. وتتسع عربات الترام إلى 60 جالسًا، وما مجموعه 380 راكبًا، مع الواقفين. ويضيف جيانينغ أن الصين منذ العام 2013 أصبحت من رواد تقنيات الطاقة النظيفة في العالم، وتخصص 30% من ميزانيتها لانتاج مصادر الطاقة البديلة.
&
خلايا الوقود
تحول تقنية خلايا الوقود المواد الكيميائية إلى كهرباء بشكل مستمر من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية. وخلايا الوقود مصدر أكثر كفاءة للطاقة مقارنة بحرق أنواع الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة. وتصل فاعلية العديد منها حاليًا إلى 60% ومع وجود تطويرات تقنية قليلة رفعت كفاءتها إلى 100% قريبًا.
وللمقارنة، تعمل التوربينات بكفاءة تتراوح من 40 إلى 50%، بينما تعمل محركات الاحتراق الداخلي بكفاءة تتراوح من 10 إلى 20%.
وتستخدم خلايا الوقود الهيدروجين كوقود بدلًا من مصادر الطاقة التقليدية التي تلوث البيئة. ولذلك، فهي تصدر القليل من الانبعاثات الملوثة أو لا تصدرها على الإطلاق، وفقًا لنوع خلية الوقود. ويعتبر الماء، والحرارة في بعض أنواع هذه التقنية، الناتجين الأساسيين لعمليات خلية الوقود.&
&
17 محطة جديدة&
من يلاحظ الإحصائية التي طرحتها شركة "تقنية أنظمة لودفيغ بولكوف" الألمانية وشركة فحص التقنيات، يرى كم هي جديدة ومحدودة تقنية خلايا الوقود في العالم، إذ افتتحت في العام 2014 فقط 17 محطة للتزود بالهيدروجين على المستوى العالمي، منها اثنتان في شمال أميركا، وثلاثة في آسيا و 12 في أوروبا. وهكذا ارتفع عدد هذه المحطات إلى مجرد 184 محطة في العالم، وهناك محطة واحدة في جنوب أميركا (البرازيل) ولا وجود لأية محطة في افريقيا واستراليا والشرق الأوسط.
واعتبرت الإحصائية هذه الفوارق اعتيادية بالنظر إلى تعدد الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة بين من يحبذ طاقة الريح ومن يحبذ الطاقة الشمسية. ويبدو الاهتمام العالمي بتقنية خلايا الوقود محصورًا بين كاليفورنيا والمانيا واليابان والصين وفرنسا.
&
غواصة صامتة
لم يكن الكثيرون في هذا العالم على دراية بوجود مثل هذه الغواصة الألمانية العاملة بتقنية خلايا الوقود إلى أن طالبت اسرائيل ألمانيا بتزويدها بغواصتين منها. وكتبت صحيفة "بيلد" واسعة الانتشار حينها أن اسرائيل طالبت ألمانيا بتزويدها بغواصتين صامتتين متطورتين من طراز يو-212. وتعتبر هذه الغواصات من أكثر سابرات أغوار المحيطات تطورًا بالنظر لسرعتها الفائقة، وهدوء محركاتها، واستخدامها تقنية خلايا الوقود (الهيدروجين) في توفير الطاقة اللازمة لحركتها.
&وتم تصنيع الغواصة يو-212 في ترسانة &HDW(هوفالدتزفيركة) البحرية في مدينة كيل الشمالية على بحر البلطيق. وبيعت منها حتى الآن نسخ قليلة إلى شركة "وان ايكويتي بارتنرز" الاميركية قبل أن يتم شراء شركة HDW من قبل عملاق الصناعة الألمانية ثوسون-كروب.
ويبلغ طول "الغواصة الصامتة" 50 مترًا، وعرضها 7 أمتار، وزنها 1500 طن، ويكفي طاقم من 27 ملاحًا لقيادتها.&
&
&
التعليقات