طهران: زل مئات الإيرانيين الى شوارع العاصمة طهران للاحتفال بالاتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه قبل ساعات في مدينة لوزان السويسرية بين الدول الكبرى والجمهورية الاسلامية حول برنامجها النووي.

وسير المحتفلون مواكب سيارة في جادة والي العصر ما ادى الى توقف السير في جزء من هذه الجادة التي تجتاز العاصمة من جنوبها الى شمالها، فيما اطلق السائقون العنان لابواق سياراتهم بينما راح المشاة يغنون ويرقصون على الرصيف رافعين شارة النصر وملوحين بمناديل بيضاء.

وقال بهرانق علوي من خلف مقود سيارته "مهما كانت النتيجة النهائية للمفاوضات، نحن رابحون". وعلق داود غفري وهو يراقب المشهد غير المألوف في شمال طهران "صرنا قادرين الان على ان نعيش في شكل طبيعي كما بقية العالم".

وأعلن مفاوضو الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا) وايران مساء الخميس التوصل الى اتفاق اطار لتسوية الملف النووي الايراني. وهذه المرحلة الاساسية يفترض ان تفتح الطريق لاتفاق نهائي بحلول 30 حزيران/يونيو بعد مفاوضات جديدة. وهو ما فتح الباب امام التحليلات لمناقشة ابعاد هذا الاتفاق.

عودة دبلوماسية

وقال الخبير السياسي الجزائري حسني عبيدي مدير مركز دراسات وابحاث العالم العربي والمتوسطي في جنيف ان هذا "سيسمح لايران بتحسين سمعتها" على الساحة الدبلوماسية "وليس لدى واشنطن فحسب". على الصعيد الاقتصادي، ستستفيد ايران على الامد الطويل على الاقل، من رفع للعقوبات الدولية التي تضربها بقسوة منذ سنوات، مقابل الضمان الرسمي بالتخلي عن امتلاك سلاح ذري.&
&
اما الخبير في شؤون الجمهورية الاسلامية برنار اوركاد من المركز الوطني للبحث العلمي في باريس فيرى ان هذا الاتفاق يكرس هيمنة لاعبين "فاعلين كبيرين على الساحة الاقليمية هما ايران والسعودية". واضاف ان دول الخليج ستنظر الى الاتفاق على انه "قلب الموازين كما لو ان الولايات المتحدة انتقلت الى صف ايران".
&
لكن اوركاد تابع ان الاتفاق "سيجبر ايضا المتنافسين الرئيسيين اي الايرانيين والسعوديين على الجلوس الى طاولة اي انه سيكون له نتائج ايجابية".&واشار الى ان ايران "كانت حتى الآن تفرض نفسها بدون دعوة على الساحة الاقليمية وهذا يؤدي الى الحرب. بهذا الاتفاق يمكن لايران التحرك على الساحة الدبلوماسية ويمكن ان تبدأ عملية جيدة".
&
ولم تنتظر ايران التي ادرجتها الولايات المتحدة في "محور للشر" وعزلت دبلوماسيا منذ 35 عاما وشلت اقتصاديا بالعقوبات، ابرام الاتفاق بعد 12 عاما من المفاوضات، لتتحرك على الارض في اطار النفوذ السياسي العسكري.
&
وهذا يشمل لبنان عبر حزب الله او في سوريا حيث تدافع طهران عن نظام دمشق او في العراق حيث تدعم القوات الايرانية القوات النظامية ضد متطرفي تنظيم الدولة الاسلامية او في اليمن.
&
وللتدخل في هذا البلد الاخير حشدت السعودية الخصم السني لايران الشيعية، تحالفا عسكريا عربيا لمحاربة المتمردين الحوثيين الزيديين الشيعة القريبين من طهران.
&
وقال عبيدي ان "نزعة ايران الى التدخل من سوريا الى اليمن جعلتها بلدا فاعلا لا يمكن تجاوزه ويخشى بأسه".&ويتساءل الخبراء خصوصا عن انعكاسات رفع العقوبات التي تضرب ايران على المنطقة اذا وقع اتفاق نهائي.
&
وقال عبيدي ان "رفع العقوبات سيؤدي الى الافراج عن ودائع مالية لايران"، متسائلا "الن يستغل هذا البلد ذلك لتعزيز ضغوطه العسكرية في المنطقة وبرهنة مزيد من النزعة التدخلية؟ ام العكس، سيجعله الاعتراف الدولي اقل عدوانية ويدفعه الى تخفيف الضغط؟".
&
والرأي نفسه عبرت عنه المجموعة الفكرية الاميركية سوفان غروب التي قالت ان "حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة يرون ان رفعا للعقوبات ولو تدريجيا سيسمح لايران بتقديم مزيد من المساعدة عسكريا وماليا الى نظام بشار الاسد والميليشيات الشيعية في العراق وحركة الحوثيين في اليمن".
&
اما ديفيد هارتويل مدير مجلة "ميدل ايست اينسايدر" في لندن فصرح ان "الاوضاع تغيرت في المنطقة (الشرق الاوسط) في الاشهر الاخيرة وحتى في الاسابيع الاخيرة الى درجة ان ما كنا يمكن ان نأمل به، اي ان نرى ايران تتعاون بشكل افضل حول قضايا اخرى (غير النووي) يبتعد اكثر فاكثر".
&
واضاف "من الصعب ان نتوقع ان يحسن اتفاق حول النووي الامن الاقليمي بينما هناك ثلاث حروب في ثلاث دول والدولة الاسلامية في كل مكان وايران تتدخل في دول عدة".