خطف انتباه الأردنيين ما أبداه الملك عبدالله الثاني من عتب شديد ممزوج بالغضب، على مجلس النواب، لكثرة الغياب فيه وفقدان النصاب، مشيرًا إلى أنه "لم يكن يأمل" بالوصول إلى هذه المرحلة.


نصر المجالي: خلال لقاء العاهل الأردني في قصر الحسينية، الأربعاء، برئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة ورؤساء اللجان النيابية في المجلس، فإنه نبه إلى الدور المأمول من اللجان النيابية، بوصفها المحرك الرئيس لعمل مجلس النواب، وبالشراكة مع مختلف الجهات المعنية في إقرار القوانين والتشريعات ذات الأولوية الوطنية.

ونقلت مواقع الكترونية أردنية ومواقع التواصل الاجتماعي، عن رئيس اللجنة القانونية النائب مصطفى العماوي، قوله إن الملك تحدث مع رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ورؤساء اللجان النيابية العشرين، في موضوعات مختلفة داخلية وخارجية، واستمع إلى وجهات نظرهم.

أدب ملكي
وقال العماوي: "أبدى جلالته عتبًا شديدًا، لكن بأسلوب يتسم بالأدب الملكي السامي، على كثرة الغياب وفقدان النصاب". وأضاف "على من يقدّر هذا الأسلوب الملكي الراقي أن يحترم نفسه، ويحافظ على حضور جلسات النواب".

ونقل العماوي عن الملك القول "في بعض الأحيان أتناول وجبة الإفطار في الساعة السادسة مساءً لكثرة انشغالاتي"، في إشارة إلى أن على النواب الأقل انشغالًا من الملك الاهتمام بشؤون العمل البرلماني وحضور الجلسات".

وقال الملك عبدالله الثاني بعدما أشاد بالنواب ومجلسهم والعملية الديمقراطية، "لم أكن آمل" أن نصل إلى هذه المرحلة من فقدان النصاب المتكرر. وكان فقدان النصاب أدى في جلسات سابقة إلى إقرار 7 مشاريع قوانين على الأقل من دون وجود نصاب قانوني، مما تنبني عليه مخالفة القوانين للدستور الذي يوجب حضور 76 نائبًا على الأقل لتكون الجلسات قانونية.

تعزيز الشراكة
إلى ذلك، فقد أكد الملك عبدالله الثاني خلال اللقاء على أهمية تعزيز الشراكة والتعاون بين مختلف السلطات في التعامل مع القضايا الوطنية، وبما يعود بالنفع على الوطن والمواطن ويخدم المصلحة العامة.

وأعاد التأكيد على أهمية إنجاز مدونة السلوك النيابية، بوصفها عنصرًا مهمًا في تطوير أداء أعضاء مجلس النواب، ومعالجة جميع المشاكل التي تعوق الأداء البرلماني بشكل جوهري، ومن ضمنها مشكلة عدم اكتمال نصاب حضور الجلسات.

الحوار والتشاور
ولفت العاهل الهاشمي بحضور رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، إلى أهمية تعزيز الحوار والتشاور مع الحكومة حول مشاريع القوانين المهمة في هذه المرحلة، وفي مقدمتها قانوني اللامركزية والبلديات، لما لهما من دور محوري في تعزيز التنمية المحلية.

وفي ما يتعلق بقضايا الشأن العام، أكد الملك، أن تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتوفير فرص العمل وتقليص نسب البطالة والفقر تبقى على رأس الأولويات، التي يجب أن يتم التعامل معها بشراكة ومسؤولية وطنية من قبل الجميع.

تحديات الاقتصاد
كما جرى خلال اللقاء استعراض التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها، سبل تنويع مصادر الطاقة، ودور مجلس النواب في تقديم اقتراحات للحكومة في هذا المجال، وتوضيح طبيعتها للمواطنين في مختلف محافظات المملكة.

وأشار الملك عبدالله الثاني إلى ضرورة إيلاء القطاعات الحيوية في المملكة اهتمامًا أكبر، لاسيما القطاع الزراعي وما يواجهه من تحديات، ما يتطلب وضع استراتيجية تشاركية بين مختلف الأطراف، تضمن تجاوز المشاكل التي تطال العاملين في هذا القطاع، والمنتجات الزراعية، وآليات التسويق.

واستعرض الملك من جانب آخر، التطورات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن الأردن يواصل اتصالاته مع مختلف الأطراف العربية والدولية ذات العلاقة، في سياق التنسيق والتشاور المستمر حول التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وسبل التعامل معها.

وفي ما يتعلق بالوضع على الحدود الشمالية للمملكة، أعرب العاهل الهاشمي عن اطمئنانه التام إلى الوضع الأمني على الحدود الأردنية، وذلك بجهود القوات المسلحة الباسلة ومختلف الأجهزة الأمنية الساهرة على حماية أمن الوطن والذود عنه.

عاصفة الحزم
وأشار إلى أن مشاركة الأردن في التحالف العربي العسكري (عاصفة الحزم) في اليمن تأتي استجابة للطلب الرسمي للشرعية الدستورية هناك، والمتمثلة في الرئيس عبد ربه هادي منصور، ولمنع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لهذا البلد الشقيق، الذي يقف الأردن إلى جانب وحدة شعبه وأراضيه، ويدعم كل ما من شأنه التوصل إلى حلول يتوافق عليها أبناؤه.

كما أكد أن التصدي للإرهاب والتطرف هي حرب يخوضها الأردن دفاعًا عن الدين الإسلامي الحنيف والقيم الإنسانية المثلى، ما يتطلب تبني منهجًا شموليًا لدحر "خوارج عصرنا وهزيمتهم"، منهجًا يشمل الجوانب العسكرية والأمنية والفكرية.

استقرار الخليج العربي
وأكد الملك عبدالله الثاني على أن أمن واستقرار دول الخليج العربي هي من أمن واستقرار الأردن، وأولوية بالنسبة إليه، ومصلحة أردنية خليجية مشتركة. وحول الأوضاع في العراق، أشار إلى أن المملكة تحرص على دعم جهود الحكومة العراقية في مواجهة الإرهاب وعصاباته المتطرفة، بما يضمن تعزيز أمن واستقرار هذا البلد العربي وشعبه الشقيق والحفاظ على سيادة أراضيه.

كما أكد على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، ينهي دوامة العنف هناك، ويحفظ وحدة سوريا أرضًا وشعبًا.

السلام وحل الدولتين
وفي ما يتعلق بجهود تحقيق السلام، حذّر العاهل الهاشمي من التأخر في التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، التي هي القضية المركزية وجوهر الصراع في المنطقة، ما يتطلب من المجتمع الدولي تكثيف ودعم جميع الجهود المبذولة في هذا الإطار، وبما يجنب المنطقة وشعوبها المزيد من النزاعات، التي يتغذى عليها الإرهاب والتطرف ودعاته.

في الختام، أكد الملك عبدالله الثاني أن حل الدولتين هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، ولا بديل منه، معربًا عن أمله بأن يبدأ المجتمع الدولي بتحرك مكثف لإعادة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خصوصًا بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية.