غادر الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء السبت بنما بعد ساعات على إجرائه محادثات تاريخية مع الرئيس الكوبي راوول كاسترو. وكان هذا اللقاء المنفرد غير المسبوق منذ العام 1956 بين الرئيسين الأميركي والكوبي الحدث الرئيس في قمة الأميركيتين، التي شهدت للمرة الأولى مشاركة كوبا فيها منذ إنشائها عام 1994.


إيلاف - متابعة: اجتمع الرئيسان الاميركي والكوبي باراك اوباما وراوول كاسترو السبت في بنما في لقاء تاريخي الاول من نوعه منذ 1956 يدشن صفحة جديدة في علاقات البلدين العدوين منذ الحرب الباردة. وبدأ اللقاء المرتقب على هامش قمة الاميركيتين الاول بين رئيس للولايات المتحدة ورئيس كوبي منذ 1956، نحو الساعة 19,45 تغ.

واشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما السبت بمحادثات "صريحة ومثمرة" مع نظيره الكوبي راوول كاسترو وذلك على هامش قمة الاميركيتين في بنما. وقال اوباما بعد الاجتماع المغلق غير المسبوق منذ العام 1956 "كانت محادثات صريحة ومثمرة (...) لدينا رؤية مختلفة جدا حول طريقة تنظيم المجتمع. كنت صريحا جدا معه".

وقبل لقائهما على انفراد الذي استمر حوالى الساعة على هامش قمة الاميركيتين في بنما، ادلى الرئيسان بتصريحات مقتضبة للصحافة. وقد شكر اوباما نظيره الكوبي على "روح الانفتاح" التي تحلى بها، في حين اكد كاسترو على رغبة الجانبين في الحوار، مشيرا الى ضرورة تحلي البلدين "بالكثير من الصبر"، معتبرا انه "مع الوقع من الممكن لنا ان نطوي الصفحة وان نطور علاقة جديدة (...) حتى وان كانت توجد خلافات عميقة ومهمة".

"غزل" متبادل
من ناحيته قال كاسترو "تحدثنا عن كل شيء ولكن يجب ان نتحلى بالصبر". واضاف "كان الامر معقدا بين بلدينا، ولكن نحن مصممون على التقدم كما قال" الرئيس اوباما. وقبيل اجتماعهما، احتفل الرئيسان بانضمام كوبا الى محفل القارة بعد عقود من العزلة. وكان اوباما تحدث اولا امام نحو ثلاثين من نظرائه في القارة قائلا ان التقارب بين واشنطن وهافانا يشكل "منعطفا" بالنسبة الى الاميركيتين، مضيفا ان "جلوسي والرئيس كاسترو هنا اليوم يمثل حدثا تاريخيا".

ثم اشاد الرئيس راوول كاسترو في خطاب مطول بامانة اوباما ووصفه بانه "رجل نزيه" في خضم تطرقه الى تدخلات الادارات الاميركية السابقة في الشؤون الكوبية والاميركية اللاتينية. ثم ابدى رغبته في التقدم باتجاه "حوار محترم"، متطلعا الى "تعايش حضاري" رغم "الخلافات العميقة" بين البلدين. ويشكل هذا اللقاء السبت علامة فارقة في طريق تحسن العلاقات، الذي اعلن عنه بعد 18 شهرا من محادثات جرت بسرية كبيرة، وسمحت بطي صفحة نزاع استمر اكثر من نصف قرن.

واشادت رئيسة البرازيل ديلما روسيف بالحدث، وقالت "ان القائدان اظهرا الى اي حد يمكن ان نتقدم حين نقبل عبر التاريخ ونطوي صفحة عداوات الماضي". وكانت قمة الاميركيتين افتتحت الجمعة بمصافحة في الكواليس بينهما وتبادل بضع كلمات مع ابتسامة امام الكاميرات.

الشطب تجسيدًا
وعلى جدول اعمال المحادثات خصوصا استئناف العلاقات الدبلوماسية الذي يتأخر على الرغم من ثلاث جولات من المفاوضات على مستوى عال في هافانا وواشنطن. والعقبة الرئيسة لاعادة فتح السفارات هي وجود كوبا على اللائحة الاميركية للدول المتهم بدعم الارهاب، الذي يمنع الجزيرة الشيوعية من الحصول على مساعدة دولية. وحث كاسترو نظيره الاميركي على تسريع عملية شطب كوبا من اللائحة الاميركية للدول الداعمة للارهاب، مشيرا الى انه سيرى في ذلك "خطوة ايجابية" من واشنطن في هذا الملف.

وعلاوة على العلاقات الدبلوماسية يبقى امام تطبيع العلاقات العديد من القضايا الخلافية بينها الحظر الاميركي التام على المعاملات الاقتصادية والمالية مع كوبا المفروض منذ 1962. وشدد الرئيس الكوبي مجددا السبت على ان مسالة الحظر "يجب ان تحل".

وذكر اوباما قبيل ذلك انه طلب منذ الاعلان التاريخي عن التقارب مع كوبا، من الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون العمل على رفع الحظر لانه لا يستطيع البت في ذلك بمفرده. لكن المجلسين منقسمان جدا بشأن هذه القضية. وبانتظار قرار من الكونغرس، اتخذ اوباما سلسلة اجراءات تخفف الحظر بحدود صلاحياته الرئاسية، لكن هافانا اعتبرتها "غير كافية".

استياء أميركي جنوبي
ويفترض ان تنتهي هذه القمة التي تعقد تحت شعار "ازدهار في اطار المساواة"، نحو الساعة 21,00 تغ، بدون بيان ختامي اذ ان الولايات المتحدة ترفض اي فقرة تعبّر عن الدعم لفنزويلا في خلافها مع واشنطن التي وصفت فنزويلا ، الشريك الرئيسي لكوبا، بانها "تهديد" لامنها الداخلي. ويواجه اوباما منذ اسابيع انتقادات من دول اميركا اللاتينية التي شعرت بالاستياء من قراره الاخير توقيع مرسوم يعتبر فنزويلا الشريكة الاقتصادية الرئيسة لكوبا، "تهديدا" للامن الداخلي للولايات المتحدة.

وقال رئيس فنزويلا خلال القمة، لكن بعد مغادرة اوباما القاعة للقاء مع الرئيس الكولومبي، انه يمد يده للرئيس اوباما وطالبه بالغاء توقيع المرسوم.& وقال نيكولا مادورو "انا مستعد للتحدث الى الرئيس اوباما بهذا الشان باحترام وصدق حالما يرغب في ذلك".

وسعيا الى تهدئة، اوضح البيت الابيض انه يسعى الى فتح "حوار مباشر مع فنزويلا"، في حين اسهم كاسترو في نزع فتيل هذا الملف، معتبرا ان اعتراف البيت الابيض هذا الاسبوع بان كراكاس لا تشكل حقيقة تهديدا، يعد امرا "ايجابيا".

حديث مقتضب مع مادورو
هذا وأعلنت متحدثة باسم البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما اجرى السبت "حديثا مقتضبا" لبضع دقائق مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو على هامش قمة الاميركيتين في بنما.

وقالت كاترين فارغاس المتحدثة باسم الرئاسة الاميركية ان الرئيس اوباما كرر القول ان "مصلحتنا ليست في تهديد فنزويلا، ولكن بدعم الديمقراطية والاستقرار والازدهار في فنزويلا وفي المنطقة". واضافت ان الحديث جرى خلال مغادرة اوباما للقمة. وكرر الرئيس الاميركي ايضا "دعمه القوي لحوار سلمي" في فنزويلا.