سعى وزير الدفاع العراقي في النجف اليوم إلى تبديد مخاوف المرجع الشيعي الاعلى السيستاني من تكرار سيناريو سقوط مدينة الموصل الشمالية، مؤكدًا أنه يعمل على تولي قيادات عسكرية مهنية وشجاعة للعمليات الحربية ضد تنظيم "داعش".. فيما دعا زعيم التيار الصدري إلى إنّهاء الخلافات بين تشكيلات مليشيات الحشد الشعبي وبينها وبين الحكومة.

لندن: خلال زيارته إلى مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) اليوم، بحث وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي مع قيادة عمليات المحافظة في فرقة الامام علي القتالية التابعة للعتبة العلوية للامام علي بن ابي طالب الاوضاع الأمنية في المحافظة وعملية انتشار هذه الفرقة القتالية في حدود المحافظة مع محافظتي كربلاء والانبار، وعملية التنسيق المستمرة مع القطعات العسكرية للجيش العراقي وقوات الحدود المرابطة في صحراء المحافظة.

ثم زار الوزير مرقد الامام علي في المدينة القديمة بالنجف وسلم مكتب المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني رسالة أكد فيها الالتزام بتوجيهات المرجع ودعواته لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بعدم تكرار سيناريو احتلال تنظيم "داعش" لمدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية، وحرصه على إنّاطة مسؤولية العمليات العسكرية في قواطع المواجهة مع التنظيم بقيادات كفوءة وشجاعة.

وجاء تسليم الرسالة إلى مكتب السيستاني لعدم تمكن الوزير من لقاء المرجع الشيعي شخصيًا نظراً لعدم ترتيب موعد مسبق للاجتماع به.. لكن الوزير التقى مع المراجع الشيعية محمد سعيد الحكيم ومحمد اسحاق الفياض وبشير النجفي الذي بحث مع الوزير تفاصيل الواقع الميداني الأمني والعسكري، وأكد على ضرورة تحصين وتقوية الجيش العراقي مشددًا على أنّ الحشد الشعبي لا يعتبر بديلاً عن الجيش مطلقًا بل هو مساند له، موضحًا أن وجود الحشد وجود قانوني، وهو قوة ضاربة ضد الارهاب، وشدد على ضرورة دعم وزارة الدفاع وتعزيز قدرات الجيش وتقويته في محاربة الارهاب.

وأشارت مصادر مطلعة في النجف إلى أنّ الرسالة تضمنت تطورات العمليات العسكرية لقوات الجيش العراقي وسير المعارك مع "داعش" في مصفى بيجي ومحافظة الانبار والاوضاع الأمنية في حدود مدينتي النجف وكربلاء.

ومن جهتها، قالت وزارة الدفاع في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نسخة منه إن العبيدي سلم رسالة إلى ممثل المرجع السيستاني طلب فيها دعم القوات المسلحة من قبل المرجعية. وجاءت الرسالة إلى السيستاني بعد ثلاثة أيام من تحذير معتمد المرجع السيد احمد الصافي، خلال خطبة الجمعة الماضية، من مغبة تكرار سيناريو سقوط الموصل ودعوته إلى تحري الدقة في اختيار القيادات الأمنية.

وقال إن "على المسؤولين تحري الدقة في اختيار العناصر القيادية لاشغال المواقع المهمة التي تتمتع بالحس الوطني والكفاءة العالية، وأن يؤمنوا بأن المعركة الحالية هي معركة للدفاع عن هذا البلد من شرور الإرهابيين".

وشدد على "ضرورة الاعتماد على النفس في توفير ما تحتاجه المعركة من الوسائل الضرورية للدفاع، مؤكداً اهمية التعامل بجدية مع المعلومة الاستخبارية وعدم اهمالها".

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن واشنطن أشرفت على تدريب أول دفعة من القبائل السنية في محافظة الأنبار الغربية الجمعة الماضية، والتي شملت أكثر من ألف من المتطوعين لمواجهة تقدم تنظيم "داعش" في المحافظة، بالإضافة الى قيامها بتدريب وتسليح أكثر من 6 آلاف آخرين في المرحلة المقبلة.

&وسيطرت داعش على أنحاء واسعة من الأنبار أوائل الشهر الماضي، ما تسبب في نزوح أكثر من 100 ألف من المدنيين، لذا من المتوقع أن تشهد عملية الهجوم المقبلة ضد "داعش" تحالفًا من قبائل وقيادات محلية بالمحافظة وتحت إشراف الحكومة العراقية.

الصدر يدعو لإنهاء الخلافات بين الحشد الشعبي والحكومة

وحذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من خطورة الخلافات بين مليشيات الحشد الشعبي، وبينها وبين الحكومة، داعيًا إلى تقوية الجيش وتمكينه من مسك الاراضي التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش".

وأشار الصدر في رده على سؤال لأحد اتباعه الاثنين عن التطورات السياسية الحاصلة في العراق والمنطقة و"ضبابة" موقف التيار الصدري منها، إلى أنّ الحشد الشعبي تشكيلات جهادية لابد من تقويتها وانهاء الخلافات الداخلية التي تضرب به واعادة تقريبه إلى الحكومة، مؤكدًا رفضه أي تدخل خارجي من أي دولة كانت الا مع الحفاظ على وحدة العراق وسيادته.

وقال الصدر في جوابه الذي تضمنه بيان وزعه مكتبه الخاص، واطلعت "إيلاف" على نصه، "انا وكل المنتمين لنا آل الصدر لسنا على أهبة الاستعداد فقط، بل لبسنا القلوب على الدروع من أجل درء فتنة أعداء الدين و الحضارة". واضاف أن" الثلة الارهابية وأعداءنا وأعداء العراق والاسلام والمذهب يجب مقاتلتهم وانهاء سنة العراق وشيعته وأقلياته من انيابهم ووحشيتهم ". وقال إن "العراق والاسلام والمذهب والانسانية ثوابت يجب الدفاع عنها مضافًا إلى رص الصف العراقي".

وأشار الصدر إلى أنّ "الحوزة الشيعية والاستعمار ضرتان لا تجتمعان، لذا فقد اوقفنا العمليات العسكرية في بعض المناطق لكي لا نكون شركاء مع الارهاب الدولي وراعية الارهاب".. وقال إن" الحشد الشعبي تشكيلات جهادية يجب العمل على تقويته وانهاء الخلافات الداخلية التي تعصف به، اضافة إلى العمل من اجل تقريبه إلى الحكومة العراقية بعدما حدثت بعض الخلافات مع بعض الفصائل".

وشدد الصدر بالقول ردًا على وصف مواقف تياره بالضبابية، "لم ولن ننسحب من أي مكان في المعركة، فهو فرار من الزحف الا اذا تدخل المحتل أو افراد الجيش العراقي والقوى الأمنية وغيرها بمسك الارض وما حدث في سامراء أنه استلم الجيش الارض ثم غاب عنها، ونحن مستعدون لحمايتها بدمائنا".

وأكد الصدر على رفضه "أي تدخل خارجي من أي دولة كانت إلا مع الحفاظ على وحدة العراق وسيادته".

معروف أن الحشد الشعبي يتشكل من مليشيات شيعية مسلحة تتصارع في ما بينها من جهة، ومع الحكومة من جهة أخرى، نظرًا لاتهام عناصر فيها بممارسات طائفية في المناطق التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، الامر الذي اثار استياء الادارة الاميركية وتهديدها بوقف دعمها الجوي للعمليات العسكرية ضد التنظيم في حال مواصلة مليشيات الحشد لانتهاكاتها الطائفية.