بعد سلسلة من الخسائر العسكرية، والكلام عن المرحلة الصعبة التي يمر بها النظام السوري، بعد 4 سنوات من الحرب، يسعى الجيش الى استعادة مشفى جسر الشغور، حيث يُحاصر عدد من قوات النظام، وذلك لرفع معنويات الشارع السوري.
بيروت: جعل النظام السوري مسألة استعادة مشفى في مدينة جسر الشغور في شمال غرب سوريا أولوية، في محاولة لرفع معنويات الشارع السوري بعد سلسلة الخسائر العسكرية، وشد أزر جنوده الذين لا يزال حوالى 150 منهم محاصرين في المبنى.
وسقطت جسر الشغور القريبة من الحدود التركية في أيدي مقاتلي المعارضة، وعلى رأسهم جبهة النصرة في 25 نيسان (ابريل)، وتحصن حوالى 150 جنديًا في مشفى المدينة، الذي اقتحم مقاتلو المعارضة وجبهة النصرة الاحد قسماً منه، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، بينما يقول مصدر امني سوري إن عدد عناصر القوات النظامية في المشفى 120.
ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام ابو عبدالله: "هناك ضباط وجنود محاصرون داخل المشفى وهذا له رمزية خاصة، لا سيما أن سقوط جسر الشغور ترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا في الشارع السوري".
وجاء سقوط جسر الشغور بعد شهر على سقوط مدينة ادلب، مركز المحافظة، بينما خسر النظام ايضًا مناطق واسعة في الجنوب في المنطقة الحدودية مع الاردن خلال الفترة نفسها. واثارت هذه الخسارة قلقًا في اوساط المؤيدين للنظام، الذي ارسل تعزيزات ضخمة الى المنطقة.
ويقول وضاح عبد ربه، مدير صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات، "المعركة رمزية لأنها تريد أن تثبت أن الجيش لا يترك جنوده على أرض المعركة من دون دعم، واستراتيجية لأنها تفتح الباب على منطقة اللاذقية الحيوية بالنسبة الى السلطات".
&
لن يتخلى عن جنوده
ووعد الرئيس السوري بشار الاسد في السادس من ايار (مايو) بأن "الجيش سوف يصل قريبًا الى اولئك الابطال المحاصرين في مشفى جسر الشغور من اجل متابعة المعركة ودحر الارهاب".
ويؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن من جهته أن "النظام يريد أن يبعث برسالة قوية مفادها انه لن يتخلّى عن جنوده كما حصل في الطبقة" في محافظة الرقة (شمال)، الصيف الماضي.
وانتشرت بعد معركة مطار الطبقة، التي حصلت في آب (اغسطس) الماضي، صور مروعة على مواقع التواصل الاجتماعي لعشرات الجنود الذين قتلوا على أيدي تنظيم داعش، وتم اعدام الكثيرين منهم ميدانيًا وقطع رؤوس بعضهم والتمثيل بجثث آخرين. وافاد المرصد أن عدد الجنود الذين قتلوا في حينه وصل الى مئتين.
ونقل مسؤول سوري عن ضابط موجود داخل المستشفى المحاصر في جسر الشغور، "حصلنا على ماء وطعام وما يكفي من السلاح والذخائر. ننتظر عودة الجيش الى المدينة".
وقال المسؤول إن لا وجود إلا لجنود داخل المشفى، في وقت ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن هناك مئة مدني في المشفى الى جانب الجنود.
وقتل اربعون مقاتلاً على الاقل في صفوف جبهة النصرة والفصائل الاسلامية في معارك الاحد، و32 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين له. وتمكن المقاتلون للمرة الاولى منذ اسبوعين من اقتحام احد ابنية المشفى الواقع عند الاطراف الجنوبية الغربية لجسر الشغور، من دون أن يسيطروا عليه بالكامل.
وبدأت قوات النظام السوري هجومًا مضادًا في اتجاه مدينة جسر الشغور السبت واحرزت تقدمًا، وباتت، بحسب المرصد السوري، "على بعد كيلومترين تقريبًا من المشفى الوطني" المحاصر.
&
النظام في مرحلة صعبة
واوضح مصدر أمني سوري أن العقيد سهيل الحسن المعروف بقربه من الرئيس بشار الاسد، والملقب بـ"النمر"، يقود معركة استعادة المشفى. وكان الحسن ظهر في شريط فيديو تم تناقله على شبكة الانترنت وهو يشكو من نقص الذخائر الذي اضطره الى سحب رجاله من جسر الشغور.
واشار المصدر الى أن الحسن مصمم على الانتصار في هذه المعركة و"الانتقام" لخسارته.
ويقول ابو عبدالله "إنها ليست &المرة الاولى التي يحاصر فيها جنود ويتمكنون من الصمود كما جرى في مطار منغ (في محافظة حلب) وفي سجن حلب المركزي حيث صمدوا لأكثر من عام ونصف عام قبل فك الحصار عنهم".
الا أن الفارق أن معركة جسر الشغور تأتي بعد خسارة ادلب ومعبر القنيطرة مع القسم المحتل من اسرائيل من هضبة الجولان ومعبر نصيب الحدودي مع الاردن، ما اثار تكهنات باحتمال انعكاس ذلك سياسيًا على النظام.
وكتب جيفري وايت في تحليل صادر عن مركز "واشنطن اينستيتيوت" للدراسات حول الشرق الاوسط بعد سقوط جسر الشغور، "مهما كان الوضع، النظام يمر في مرحلة صعبة جدًا. (...) الوضع العام يؤشر الى فشل في القدرات العسكرية بعد اربع سنوات من حرب الاستنزاف"، معتبرًا أن على النظام "أن يعيد النظر في استراتيجيته العسكرية والسياسية".
في المقابل، تبدو المعارضة وكأنها انتعشت بعد طول انحدار. وقال رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجا في مؤتمر صحافي عقده الاثنين في اسطنبول إن "التقارب بين دول المنطقة (السعودية وقطر وتركيا) ينعكس بشكل ايجابي. وهذا واضح في تغيير موازين القوى في سوريا في الشهرين الاخيرين".
&