السلطات العراقية توافق على نقل جثمان نائب رئيس الوزراء في عهد النظام العراقي السابق طارق عزيز إلى الأردن لكي يدفن هناك، وذلك& بعد أن جرى اختطاف الجثمان في مطار بغداد،&بينما اتهمت أرملة عزيز السلطات بممارسات لا إنسانية بحق زوجها&الراحل.&
لندن&: بعد ساعات من الاعلان عن اختطاف جثمان نائب رئيس الوزراء في عهد النظام العراقي السابق طارق عزيز من مطار بغداد الدولي، اعلن مجلس القضاء الاعلى في العراق أنه سيتم&نقل الجثمان&الى& العاصمة الأردنية عمان غدًا الجمعة، حيث أوصى عزيز بدفنه هناك.
طائرة اردنية
وجاءت موافقة القضاء هذه بعد أن اختطفت احدى المليشيات المسلحة جثمان طارق عزيز بينما كانت زوجته المقيمة في عمان قد حضرت الى بغداد لاصطحاب الجثمان ونقله على متن طائرة تابعة&للخطوط الجوية الاردنية الى عمان. لكن الجثمان اختفى من المطار وعادت&زوجة عزيز الى عمان من دونه.
لكنّ مصدرًا عراقيًا مطلعًا قال الليلة إن مجلس القضاء الاعلى وافق على نقل جثمان طارق عزيز الى العاصمة الاردنية عمان يوم غد الجمعة. واشار في تصريح نقلته وكالة "السومرية نيوز" العراقية الى أن جثمان عزيز سينقل على متن طائرة تابعة لخطوط المملكة الاردنية.
اتهامات
وقال شهود عيان إن زوجة طارق عزيز قد فوجئت في مطار بغداد الدولي باختفاء جثة زوجها مما دفعها الى توجيه سيل من الاتهامات للسلطات العراقية واحداث ضجة في المطار مهددة بعقد مؤتمر صحافي في عمان لفضح هذه الممارسات غير الانسانية حسب تعبيرها. وبررت السلطات الامنية هذا الاجراء بالزعم بوجود اوامر من جهات عليا لم تسمِها بالتحفظ على الجثة في المطار، ومنع نقلها الى عمان رغم الموافقة المسبقة التي تعهدت بها الجهات العليا أيضًا.
لكن تقارير اشارت الى مليشيا مسلحة قد اختطفت جثمان طارق عزيز، ثم استطاعت السلطات استعادته&في وقت لاحق الليلة .
وكان عزيز (79 عامًا) قد توفي في&الخامس من الشهر الجاري&في مستشفى الحسين التعليمي في مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد)، بعد ان نقل اليها من سجن المدينة اثر اصابته بذبحة صدرية، ليكون ثالث ابرز مساعدي صدام حسين الذي يتوفى بعد عام 2003 قبل تنفيذ حكم الاعدام.
أسباب إنسانية
ومن جهته، أعلن مصدر رسمي أردني أن سلطات بلاده وافقت على دفن جثمان طارق عزيز في أراضي المملكة لأسباب إنسانية وبناء على رغبة عائلته، واشار الى أنه يتم حاليًا مخاطبة السلطات العراقية بعدم ممانعة الاردن لتتخذ إجراءات هناك من قبلها لتسليم الجثمان لعائلته .
من جانبه، أكد السفير العراقي في عمان جواد هادي عباس أن "رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وافق بشروط على نقل جثمان طارق عزيز إلى عمان لدفنه وحسب رغبة عائلته، والشرط هو أن "يؤخذ جثمانه من المطار الى المقبرة مباشرة ليدفن هناك"، مشيراً الى "إمكان اقامة مجلس فاتحة أو عزاء ولكن من دون مشاكل".
&أوصى بدفنه في الاردن
وكان زياد نجل طارق عزيز قد كشف في تشرين الاول (أكتوبر) عام 2010 عن وصية أرسلها والده إلى عائلته عبر محاميه يطلب فيها أن يدفن في الأردن في حال إعدامه أو وفاته على أن يدفن في مرحلة ما بعد تحرير العراق في بلده خشية تعرض قبره للتمثيل به من قبل من أسماهم بـ"الغوغائيين".
وقد نعى حزب البعث في العراق طارق عزيز، وقال المتحدث الرسمي باسمه خضير المرشدي في بيان صحافي: "إرتفع شهيداً بإذن الله الرفيق المناضل الاستاذ طارق عزيز عضو القيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ونائب رئيس الوزراء في دولة العراق الوطنية، وهو يصارع الظلم والعدوان والمرض في سجون الاحتلال الايرانية المجرمة بعد إعتقاله من قبل القوات الاميركية الغازية عام 2003.. وتأكد بأنه لم يحظَ& بالرعاية اللازمة بعد تدهور حالته الصحية ليلتحق خالداً بمسيرة شهداء البعث والعراق والامة".&&
واشار المرشدي الى انه من المرجح دفن طارق عزيز في الأردن، حيث ترى قيادات الحزب أنه المكان الأنسب لذلك حيث تقطن عائلته بعد خروجها من العراق عام 2003 .
&محكوم بالاعدام&
&وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا قد أصدرت في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2012 حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت بحق عزيز في قضية تصفية الأحزاب الدينية .
&
سيرة ذاتية
يذكر أن طارق عزيز واسمه الحقيقي ميخائيل يوحنا، ولد عام 1936 قرب مدينة الموصل لأسرة كلدانية كاثوليكية، وكان يمثل الواجهة الدولية للنظام العراقي السابق. وقد برز على الساحة الدولية بعد توليه وزارة الخارجية خلال حرب الخليج الثانية عام 1991التي اندلعت اثر احتلال العراق للكويت في اب (أغسطس) عام 1990 .
وكان المتحدث باسم الحكومة، الأمر الذي جعله دائم الظهور في وسائل الإعلام الغربية بسبب إتقانه اللغة الانكليزية، وقام عزيز بتسليم نفسه الى القوات الاميركية في 24 نيسان (ابريل) عام2003 اثر دخولها الى بغداد في التاسع من الشهر نفسه.&
وقد ولد عزيز لاسرة متواضعة في السادس من كانون الثاني (يناير) عام 1936 في قرية تل كيف المسيحية قرب الموصل بشمال العراق ، وهو مسيحي كلداني وهي أكبر طائفة مسيحية بالعراق ووجوده في حكومة صدام كان يستخدم عادة كدليل على التسامح الديني للنظام السابق.
&وقد عيّن عزيز وزيرًا للاعلام في اواخر السبعينات من القرن الماضي، وفي عام 1977 انضم الى مجلس قيادة الثورة، وهو لجنة تضم كبار المسؤولين في حزب البعث، الذي كان يحكم العراق، وأصبح نائبًا لرئيس الوزراء في عام 1979 . ثم أصبح عزيز شخصية بارزة في الحروب الثلاث التي خاضها العراق وساعد في الحصول على تأييد الولايات المتحدة للعراق في حربه مع ايران، التي استمرت في الفترة من عام 1980 الى عام 1988، وفي اقامة علاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد السوفيتي.
وقد صعد نجم عزيز أكثر في وسائل الاعلام العالمية بعد غزو الكويت في عام 1990 والازمة التي أعقبت ذلك، حيث قام بدور دبلوماسي بارز في الفترة التي سبقت حرب الخليج عندما كان وزيرًا للخارجية وأظهر اتقانًا للغة الانكليزية وقوة أعصاب ومهارات تفاوضية.
وقد رفض رسالة من الرئيس الاميركي آنذاك جورج بوش الاب الى صدام في محادثات اللحظات الاخيرة في كانون الثاني (يناير) عام 1991 بسبب لهجتها "المهينة"، وبعد أيام بدأ التحالف بقيادة الولايات المتحدة حملة عسكرية أخرجت القوات العراقية من الكويت. وعقب ذلك أصبحت مهمات عزيز الخارجية أقل من السابق، وكانت آخر مرة ظهر فيها رسميًا في مناسبة عامة يوم 19 آذار (مارس) عام 2003 عشية الحرب للاطاحة بصدام للقضاء على شائعات بأنه ضرب بالرصاص أو انشق.
وكان عزيز رقم 43 في قائمة المطلوبين للولايات المتحدة من المسؤولين العراقيين، عندما سلم نفسه للقوات الاميركية اواخر نيسان عام 2003 بعد اسبوعين من سقوط نظام صدام، ثم ظهر كشاهد في محاكمات سابقة لاعضاء النظام السابق بمن فيهم صدام.
وفي آذار (مارس) عام 2009 حكم عليه بالسجن 15 عامًا لدوره في اعدام عشرات التجار عام 1992، ثم حكم عليه بعد ذلك بالسجن سبعة أعوام في اب (أغسطس) عام 2009 لدوره في عمليات تهجير اجباري للاكراد من شمال العراق، وفي كانون الثاني (يناير) عام 2013 نقل الى المستشفى اثر اصابته بجلطة.
&وخلال محكمة الدجيل، دافع طارق عزيز في أول ظهور له في المحكمة بقوة عن الرئيس صدام حسين ومتهمين آخرين، معتبراً الأول "رفيق دربه"، وأخاه غير الشقيق برزان التكريتي "صديق عمره".
وفي محكمة الأنفال، حمّل طارق عزيز صدام حسين مسؤولية العمليات العسكرية عام 1988 ضد الاكراد ومسؤولية قرار سحق انتفاضة في جنوب العراق عام 1991.
&
&
التعليقات