بعد عام على إقامة تنظيم "داعش" المتطرف "خلافته الإسلامية"، بات خطر التطرف يدق أبواب أوروبا، ولم يعد مجرد ملف خارجي، إذ إن التنظيم وجد موطن قدم في القارة العجوز من خلال المقاتلين الأجانب، كما تعتقد أجهزة استخبارات أوروبية،&وتسابق دول الاتحاد الأوروبي الزمن لمنع أي نشاطات محتملة للتنظيم المتطرف على أراضيها.&
&
إيلاف- متابعة: أعلن تنظيم "داعش" المتطرف عن قيام ما سمّاه "الخلافة" قبل عام، ودعا زعيمه "أبو بكر البغدادي" المسلمين في كافة أنحاء العالم للانضمام والقتال في صفوفه بالعراق وسوريا والعيش في ظل "دولة الإسلام".
&
ومع اجتياح التنظيم مدنًا عراقية وسورية عديدة تزايد قلق الأوروبي شيئاً فشيئاً من تمدد التنظيم وتمتعه بقاعدة انطلاقة إلى عمليات خارج الحدود، وضاعف هذا القلق ارتفاع عدد المقاتلين الأجانب في صفوفه وخاصة أولئك القادمين من الاتحاد الأوروبي.&

آلاف الأوروبيين بداعش
&
وعلى الرغم من الجهود الأوروبية الرامية للحد من سفر مواطنيها الراغبين في القتال إلى جانب التنظيم المتطرف، غير أن عدد المقاتلين الاجانب واصل الارتفاع، حيث تحدثت الامم المتحدة عن ارتفاع بنسبة 71 في المائة خلال تسعة أشهر بين تموز (يوليو) 2014 ونيسان( ابريل) 2015.&وتشير الاحصاءات إلى أن أعداد المقاتلين الاوروبيين في سوريا والعراق ارتفعت عدة آلاف.
&
ووفق المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن، فإن عدد المقاتلين الاجانب في سوريا والعراق تخطى 20 الفًا بحلول يناير (كانون الثاني)، نحو 20% منهم من أوروبا الغربية.
&
إجراءات ومعضلة
&
وهذا الاستقطاب الكبير الذي حظي به التنظيم، دفع بالحكومات الاوروبية إلى فرض اجراءات غير مسبوقة ومثيرة للجدل لمواجهة تصاعد الفكر المتطرف على أراضيها. فتخبطت بمحاولتها إيجاد حلول لهذه الظاهرة، فوجدت نفسها بين أمرين: ضمان الأمن في البلاد والحريات المدنية، خصوصًا عندما تلجأ إلى حظر السفر على بعض الأشخاص.
&
ومن الأمثلة عى ذلك، صادرت فرنسا 60 جواز سفر منذ &شباط (فبراير). ووافق مشرعوها على تعزيز اجراءات الرقابة عبر السماح بوضع كاميرات مراقبة في المنازل وأجهزة تجسس على الحواسيب الخاصة بأي شخص يخضع لتحقيقات بشأن الارهاب حتى من دون الحصول على مذكرة قضائية، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.
&
&وفي بريطانيا، صادق البرلمان أيضًا على تشريع مماثل في الشهر نفسه، يتضمن بندًا مثيرًا للجدل يمنع الأئمة "المتطرفين" من إلقاء كلمات في الجامعات.
&
وبدأت كل من ألمانيا وهولندا والدنمارك بمصادرة بطاقات الهوية وجوازات السفر لمنع من يشتبه بأنهم متطرفون، من مغادرة البلاد، ويُتوقع أن تلجأ بلجيكا قريبًا إلى الإجراء ذاته.

الأمن أولاً
&
ويخشى المحلل انثوني دووركين من مركز المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، من أن الكفة اصبحت تميل لصالح ضمان الأمن، على حساب احترام الحريات المدنية.
&
ووفق دووركين، فإنه "من المهم جدًا أن يعكس ردنا على الارهاب بعض المرونة، خصوصًا أننا لن نتخلص أبدًا بشكل كامل من مشكلة الارهاب". مضيفًا أنّ "الكثير من اجراءات الرقابة هذه لم تثبت أي تغيير نوعي. وعلى سبيل المثال، نعلم أن السجون هي من بين أهم مراكز التطرف، وبالتالي فإن سجن أي أحد قادم من سوريا، لن يؤدي إلّا إلى نتيجة عكسية"
&
ويعتقد مسؤول رفيع المستوى في ادارة مكافحة الارهاب في منظمة الامن والتعاون في أوروبا، أن الاجراءات الوقائية المشددة قد لا تكون مضمونة بالكامل.
&
ويشرح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه "من السهل نوعًا ما السفر إلى الخارج من دون جواز سفر بالنسبة للارهابيين وحتى عودة المقاتلين الاجانب إلى البلاد، وذلك عبر اللجوء إلى شبكات تهريب".
وبالنسبة له، فإن التحدي يكمن في أن تبقى عمليات مكافحة الارهاب "متكافئة ومن دون تمييز" وفي معرفة أن "الاشخاص الذين لديهم وجهات نظر متطرفة ليسوا بالضرورة ارهابيين". ويضيف أن "حرية التعبير هي في الحقيقة أمر شائك، وأن عتبة البلوغ إلى درجة تجريم حرية التعبير يجب أن تكون مرتفعة جدًا"..
&
العودة القاتلة&
&
ويكمن الخوف الاساسي لدى الحكومات الاوروبية، في عودة هؤلاء المقاتلين من مناطق النزاع، مع خبرة قتالية واسعة لشن هجمات على الاراضي الاوروبية.
&
وفي تقرير حديث، حذرت الاستخبارات البريطانية من أن عدد البريطانيين الذين تدربوا كـ"المتطرفين" أصبح أكثر من أي وقت مضى، كما ان أكثر من نصف المواطنين الـ700 الذين توجهوا إلى سوريا عادوا إلى البلاد.
&
وجاء في التقرير حول قدرات التجسس، فإن "التهديد الذي تشكله عودتهم إلى البلاد لا يقتصر على التخطيط لهجمات بل يكمن أيضًا في جذب شركائهم نحو التطرف وفي تيسير العمل وجمع التبرعات".
&
ضعف التنسيق
&
وترى كامينو مورتيرا مارتينيز من معهد الاصلاح الاوروبي أن "أنظمة تبادل المعلومات موجودة ولكن لا يتم استخدامها دائمًا". وتضيف أن هناك دولاً عدة في اوروبا "لا تثق ببعضها بالضرورة، فالاستخبارات البريطانية قد لا تزود رومانيا بالمعلومات لأنها تتخوف من الفساد ومن تسريب تلك المعلومات".
&&
وعلى الرغم من أن 15 دولة من أصل 28 في الاتحاد الاوروبي اعتمدت على انظمة تبادل معلومات خاصة بها ومصممة على شكل اتفاقات موجودة حاليًّا مع الولايات المتحدة وكندا واستراليا، فإن البرلمان الاوروبي يصر على ضرورة تبني قوانين لحماية البيانات قبل أن تتبع دول القارة كلها السياسة ذاتها.
&
وتقول مورتيرا مارتينيز: "اذا كان الارهابيون اذكياء قليلاً فإنهم يستطيعون ايجاد ثغرات" في هذه القوانين. وتوضح أنه "بالنظر إلى أن الوكالات (الاستخبارية) داخل البلد ذاته تجد صعوبة في تبادل المعلومات في ما بينها، فمن الممكن أن نتخيل ترددهم في مشاركة تلك المعلومات مع يوروبول (شرطة الاتحاد الاوروبي)، أو أي أجهزة دولية أخرى".
&
&