إسلام آباد: بعد مرور عام على الهجوم الواسع الذي يستهدف معاقل الجهاديين على طول الحدود الافغانية، يؤكد الجيش الباكستاني انه يستعد ل"الهجوم النهائي"، لكن لا تزال هناك شكوك حول استراتيجيته والحصيلة الدقيقة لهذه المعارك.

ففي حزيران/يونيو 2014 وبعد سنوات من التردد شنت اسلام اباد عملية عسكرية واسعة في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية المعقل التاريخي لحركة طالبان وحليفها تنظيم القاعدة في المنطقة، ما تسبب بنزوح مئات الالاف من سكانها.

وبعد عام يؤكد الجيش الباكستاني انه قتل 2700 متمرد ودمر اكثر من 800 من مخيماتهم وانجز نحو 90% من عمليته. لكن قطاعا في وزيرستان الشمالية يطرح مشكلة امام العسكريين يتمثل في وادي شوال وهي منطقة جبلية نائية لجأ اليها العديد من المقاتلين الاسلاميين.

فقد كثف الجيش الباكستاني الغارات الجوية على هذا الوادي خلال الاشهر الاخيرة كما نشر مؤخرا رجاله في الجوار بحسب مصادر متطابقة.

وقال مصدر امني باكستاني طلب عدم كشف هويته "نتوقع مقاومة في شوال، لذلك فان طائراتنا تقصفه حاليا لتسهيل انتشار الجنود على الارض" في الوقت المناسب.


واكد بعض سكان المنطقة لوكالة فرانس برس ارسال جنود باكستانيين مؤخرا الى جوار شوال مشيرين في الوقت نفسه الى ان جهاديين يمرون يوميا الى افغانستان المجاورة.

وقال عجب خان وهو زعيم قبلي في هذا الخصوص "ان نحو عشرين متمردا يذهبون كل يوم الى افغانستان"، مؤكدا ان شوال حيث يتواجد مقاتلون من حركة طالبان الباكستانية يبقى ساحة معركة صعبة جدا لانه منطقة جبلية مكسوة بغابة كثيفة.

ويعتبر امتياز غول مدير سي ار اس اس معهد الابحاث الباكستاني المتخصص بالمسائل الامنية ان نجاح "المهمة الاخيرة" للجيش ضد الجهاديين في وزيرستان الشمالية سيتوقف خصوصا على قدرة الحكومة على جعل المناطق القبلية كسواها من المناطق الاخرى.

فمنذ الاستعمار البريطاني تخضع هذه المناطق التي تعتبر بمثابة منطقة عازلة بين باكستان وافغانستان لقوانين مختلفة عن بقية البلاد، مع استقلال جزئي يمنح لزعماء القبائل المحلية لكنهم يبقون مسؤولين امام موظفين.

والمناطق القبلية لا تتمتع بوضع ولاية، لذلك لا تحظى لا بمجلس اعيان ولا نواب. وبحكم بعدها عن الحكم المركزي في اسلام اباد تبقى محرومة ومتخلفة وعرضة للمسلحين.

وقال غول "طالما لم تندمج المناطق القبلية مع بقية البلاد ولم تخضع للقوانين نفسها فسيكون من الصعب تطهيرها من وجود المتمردين".

الى ذلك تبقى المسألة الاساسية على المدى القصير عودة مئات الاف النازحين بسبب المعارك الى وزيرستان الشمالية، وبالتالي اعادة اعمار منطقة دمرتها الحرب لتوفير فرص العمل والاستقرار امام الشباب المحلي كما اكد طلعت مسعود الجنرال المتقاعد في الجيش.

وبالرغم من النجاحات التي يؤكدها الجيش لا تزال هناك شكوك حول النتائج الحقيقية للعملية.

فالعسكر يسيطرون فعلا على المنفذ الى المنطقة ويضاعفون المحصلات اليومية باعلانهم في كل مرة سقوط عشرات "الارهابيين قتلى". لكن مصادر اخرى تشير الى ان عمليات القصف التي لا تحصى تخلف ايضا قتلى في صفوف المدنيين.

ويتساءل اي.ايه رحمن الباحث في اللجنة الباكستانية لحقوق الانسان، وهي هيئة مستقلة، "لا نعلم الحقيقة بشأن الضحايا: كم هو عددهم فعلا؟ كم هو عدد الارهابيين؟ كم هو عدد الابرياء؟".

وقال "ان على السلطات ان تتحلى بالشفافية وتسمح بالوصول الى مسارح العمليات" للتمكن من التحقق من المعلومات الصادرة عن الجيش.


الى ذلك، تندد منظمات باكستانية ودولية مدافعة عن حقوق الانسان بالعودة بشكل كبير لتنفيذ الاعدام بمحكومين (160 في ستة اشهر) التي تقررت في كانون الاول/ديسمبر بعد المجزرة التي ارتكبتها طالبان في مدرسة في بيشاور وسقط فيها اكثر من 150 قتيلا، وانشاء محاكم جديدة عسكرية لمكافحة الارهاب يديرها الجيش وحده بمعزل عن اي رقابة مدنية.

ويعتبر رحمن ان على الدولة الباكستانية اولا ان تتصدى لاسباب التطرف، وبينها المدارس القرآنية المتطرفة التي انبثق منها بعض الجهاديين. ولفت الى ان "الحكومة استأنفت تنفيذ الاعدام بمحكومين، لكن هذه المدارس ما زالت تعيث فسادا، ولا احد يسيطر عليها".