دخلت تركيا رسميًا الحرب في سوريا بغارات على مواقع داعش، وإعلانها الحرب على حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردي، بحملات أمنية موسعة في الداخل التركي وتهديد ووعيد بقصف مواقعهما خارج تركيا.

بيروت: قصفت مقاتلات تركية ليل الجمعة السبت، في سلسلة غارات ثانية، سبعة أهداف لحزب العمال الكردستاني في قواعده الخلفية شمال العراق، وفق الحكومة التركية.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن العمليات العسكرية الجوية ضد داعش تواصلت& من دون أن يحدد عدد الأهداف التي ضربت، مشيرًا إلى أنه بالتزامن مع الغارات الجوية، قامت القوات البرية بقصف مدفعي ضد التنظيم في سوريا وضد مواقع حزب العمال الكردستاني.
وكان المسؤول الإعلامي للجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، بختيار دوغان، قال في وقت سابق، إنه "حوالى الساعة الحادية عشرة مساء الجمعة، بدأت الطائرات الحربية التركية بقصف مواقعنا في الشريط الحدودي، مع قصف مكثف للمدفعية".
وأشار دوغان إلى أن مقاتلات تركية حلقت أيضًا في أجواء جبل قنديل، شمال محافظة أربيل التي تضم عاصمة الإقليم، من دون أن تشن غارات.

لا بد منه
وهكذا، فتحت تركيا الجمعة ثلاث جبهات متزامنة: أولى عسكرية عند الحدود مع سوريا، فقصفت طائراتها أهدافًا لداعش؛ وثانية ضد حزب العمال الكردستاني المحظور، والذي تتهمه بالضلوع في هجمات ضد قواتها بعد تفجير سوروج؛ وثالثة أمنية تمثلت بحملة اعتقالات واسعة استهدفت عناصر التنظيمين ومنظمة يسارية اعتادت تنفيذ عمليات تخريبية في الداخل التركي.
ونقلت "الشرق الأوسط" عن مصادر تركية رسمية قولها إن الحملة التركية مستمرة حتى تحقيق أهدافها، والتفاهم مع الأميركيين كامل بشأن مكافحة الإرهاب بكل أشكاله، سواء المتمثل بداعش أو بحزب العمال الكردستاني.
وشدد المصدر على أن المنطقة الآمنة عند الحدود السورية "أمر لا بد منه"، مشيرًا إلى أن تركيا ستقوم بعزل حدودها عن مناطق نفوذ داعش وتنظيم "بي واي دي" (الكردي السوري) الإرهابي الذي لا يختلف عن حزب العمال الكردستاني في كونه خطرًا على الأمن القومي التركي، ومحذرا قادة التنظيم من أحلام انفصالية تراودهم. ورفض الناطق بلسان الخارجية التركية تأكيد أو نفي المعلومات التي ترددت عن وجود اتفاق أميركي - تركي يسمح باستهداف التنظيمين معًا، لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمح إلى وجود هذا التفاهم.
واستهدفت مقاتلات تركية فجر الجمعة ثلاثة مواقع لداعش داخل سوريا، في أول تدخل عسكري تركي مباشر في الأراضي السورية منذ اندلاع الأزمة في 2011. وقال بيان المنسقية العامة لرئاسة الوزراء التركية: "العملية العسكرية تأتي في إطار تطبيق ما تمخض عنه الاجتماع الأمني الخاص الذي عقد الخميس، برئاسة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، واستهدف سلاح الجو التركي ثلاثة مواقع لتنظيم داعش داخل الأراضي السورية بواسطة ثلاث طائرات من طراز إف-16، انطلقت من قاعدة القيادة الجوية الثامنة في ديار بكر، أطلقت 4 قذائف موجهة نحو مقرين ومكان تجمع تابعة لتنظيم داعش الإرهابي داخل الأراضي السورية".

مركز تنسيق
وأصدر داود أوغلو تعليمات بتشكيل مركز تنسيق لإدارة الصراع مع داعش والأحداث الإرهابية الحاصلة في مناطق مختلفة داخل تركيا، يتولى رئاسته مستشار رئاسة الوزراء كمال معدن أوغلو، وهو يضمّ كبار الموظفين من هيئة الأركان وجهاز الاستخبارات، إلى جانب مسؤولين من وزارتي الخارجية والداخلية.
وأوضح المصدر الإعلامي التابع للمركز الجديد أن هذه الغارات الجوية ضدّ مواقع تنظيم الدّولة داخل الأراضي السورية تمّت إدارتها من قِبل المركز.
ويشرف المركز أيضًا على عملية التحقيقات الحالية حول الانفجار الذي استهدف عددًا من المواطنين الأتراك في منطقة سوروج، حيث يقوم بتثبيث هوية المتورطين في هذه العملية، إضافة إلى تقديم الرعاية لأهالي الضحايا.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرنج إنّ القوات التركية تحضر نظامًا أمنيًا صلبًا لحماية الحدود مع سوريا من داعش، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومنظمات إرهابية شبيهة، بعد تفجير سوروج. وقال: "المسألة الحرجة في هذا الصدد هي منع عبور الإرهابيين إلى تركيا، واتخاذ تدابير ملموسة على امتداد الحدود ضد تهديد داعش".

حملة أمنية
وترأس داود أوغلو الخميس اجتماعًا أمنيًا طارئًا في أنقرة، وأكد بيان صادر عن رئاسة الوزراء عقب الاجتماع أنه تناول الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها البلاد من قبل داعش وبي كي كي الإرهابيين بكل أبعادها، وجرت إعادة نظر في التدابير المتخذة حيال الهجمات التي تسببت بمقتل عدد كبير من المدنيين والأمنيين. وخلص الاجتماع إلى مواصلة تطبيق كل التدابير المتعلقة بحماية النظام العام والأمن القومي بكل حرص، والإسراع في تنفيذ بقية التدابير اللازمة في هذا الشأن.
وأكد إردوغان عزم بلاده التحرك بشكل فعال ضد التنظيمات الإرهابية، قائلًا: "تنظيم داعش وتنظيم حزب العمال الكردستاني وتنظيم حزب تحرير الشعب الثوري تنظيمات إرهابية سنتخذ كل التدابير اللازمة تجاهها"، موضحًا أن القوات الأمنية التركية بدأت عملية داخلية شملت 13 ولاية، اعتقل فيها نحو 300 مشتبه بانتمائهم لهذه التنظيمات.
وأعلن داود أوغلو إلقاء القبض على 297 شخصًا، 37 منهم من جنسيات أجنبية، يُشتبه بانتمائهم للتنظيمين الإرهابيين، من خلال عمليات أمنية متزامنة في 16 ولاية تركية هي إسطنبول وقونيا وأنقرة وإزمير وشانلي أورفة وبورصة وأنطاليا وكوجايلي وأديامان وإلازيغ وبيتليس وأضنة ومرسين وبينغول وموش باتمان وشيرناق.
وبحسب "الشرق الأوسط"، قبض الأمن التركي على خالص بايانجوك، الملقب بـ"أبو حنظلة"، المشتبه بترؤس مجموعة تنتمي لداعش في إسطنبول، وزوجته. وبايانجوك متهم بالعمل على تجنيد عناصر لصالح "داعش"، وبكتابته مقالات في وسائل إعلام تابعة للتنظيم.

&