حذر الرئيس التونسي السابق محمد منصف المرزوقي من أن براكين ستنفجر في العالم العربي إذا لم تبادر الدول إلى الاصلاح سريعًا، ناعيًا الربيع العربي الذي ذهبت أحلامه أدراج الرياح.

بيروت: قال الرئيس التونسي السابق محمد منصف المرزوقي أن العالم العربي يشهد مرحلة لم يشهد لها تاريخ الأمة العربية مثيلًا في خطورتها وتردداتها، وإن كل الأحلام التي جاء بها الربيع العربي ذهبت أدراج الرياح، وذلك في خلال محاضرة ألقاها الإثنين بالعاصمة المغربية الرباط، نظمها منتدى الكرامة لحقوق الإنسان في المغرب.

براكين ستنفجر

أوضح المرزوقي في محاضرته أن العالم العربي شهد انهيار مجموعة من الدول والأنظمة، "وأن الأنظمة التي نعتقد أنها لن تنهار يمكن أن تنهار سريعًا، ما لم تقم بإصلاحات عميقة وتسير فيها إلى أبعد مدى"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول التركية للأنباء.

ووصف المرزوقي ما يعيشه العالم العربي بأنه مرحلة انتقالية ومنعطف تاريخي تفاقمت فيه قوى التدمير، "وكانت أصعب مما نتصور، فالعالم العربي يشهد أكبر عملية تدمير في تاريخه الحديث، وهناك أشياء فعلًا يجب أن تدمر، ولا حسرة عليها، كحدود سايكس بيكو والأنظمة الاستبدادية والجامعة العربية، وهناك براكين كثيرة ستنفجر، لحسن الحظ أو لسوئه، في كل البلدان ما لم تذهب إلى أبعد مدى في الإصلاحات".

وتابع المرزوقي: "إذا كنا نرى في العالم العربي أن الجزء التدميري أكبر، فقد علمتنا الحياة أن هناك قوة خلق وإبداع لا تندثر وهذه القوة تمنع التشاؤم"، مضيفًا& هناك قوة خلق جبارة تحت هذا الركام وهناك قوة موجودة ستدفع، "ولن تتخلى أبدًا عن مطلب العدالة الاجتماعية والمطلب الغريزي للعدل، وهذه القوة كامنة في الشباب والتعطش للعدالة الاجتماعية، ويجب أن تكون لنا ثقة مطلقة في قوى الخلق والإبداع ولا نكون أوصياء عليها".

أدراج الرياح

وفي الشأن التونسي، قال المرزوقي إن الثورة التونسية لم تفشل، لكنها تعيش مرحلة جزر، وستعود إلى مرحلة المد. واستطرد بالقول : "العالم العربي شهد كذلك انهيار منظومة إقليمية وأحلامها، فاتحاد المغرب العربي موجود في غرفة الانعاش ولا أحد يجرؤ على القول إنه مات، والاتحاد الخليجي هو الآخر يعاني، والجامعة العربية يجب أن تحال على التعاقد، لأنها فاقت مرحلة الإنعاش السريري، وأن وراء انهيار الأنظمة والمنظومات الإقليمية تراكم أزمات سياسية".

وقال المرزوقي إنه يشك كثيرًا في إمكان عودة العراق وسوريا إلى سالف عهدهما.

وأضاف: "كل الأحلام التي حملها الربيع العربي ذهبت أدراج الرياح، والربيع العربي تحول كابوسًا في سوريا واليمن وثورة مضادة شرسة ستدفع في مصر إلى نوع من الحرب الأهلية"، متهمًا النظام المصري الحالي بالذهاب بقوة نحو الفاشيةوالرجوع إلى ما قبل الاستبداد. ودعا المرزوقي إلى مصالحة وطنية في مصر، وإلى حل سياسي في سوريا.

أم الأزمات

وقال المرزقي في محاضرته إن العودة إلى الطائفية والعشائر جزء من الردة، "ولا يجب السكوت على دور إيران في دعم الاستبداد في سوريا وما يقع في العراق واليمن، ويجب ألّا نقبل هذه السياسات من إيران، ويجب أن تكون علاقاتنا معها ومصالحنا متبادلة، وليست مبينة على الغطرسة من أي طرف".

واعتبر المرزوقي أن العالم العربي يعيش أزمة أخلاقية ووصفها بـ"أم الأزمات"، وقال: "لقد فشلنا لأننا لم نفهم أن معركتنا هي معركة قيم وأن التقدم الاقتصادي والسياسي يبنى على مجموعة من القيم، فلا توجد ثورة ولن توجد ثورة إن لم تكن هناك ثورة أخلاقية".

ودعا الرزوقي في نهاية المحاضرة إلى إحياء الاتحاد المغاربي، مشيرًا إلى أن هذا "الاتحاد المغاربي ضرورة قصوى، فلا مستقبل لتونس في حدود تونس، ولا مستقبل للمغرب في حدود المغرب، والمستقبل في فضاء أوسع".

أضاف: "في انتظار أن يتحقق الاتحاد المغاربي مشروع المستقبل، يجب إحياؤه من طرف المجتمع المدني في الدول المغاربية الخمس (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا)".

&