ظهرت إلى العلن مزاعم بشأن اعتداء رئيس الوزراء البريطاني الراحل ادوارد هيث جنسيًا على أطفال، معظمهم توفي.

إيلاف - متابعة: تهدد المزاعم التي تتهم رئيس الوزراء البريطاني الاسبق ادوارد هيث، المتوفى في 2005، بالاعتداء الجنسي على اطفال، بتلطيخ صورة الطبقة السياسية مع تراكم الاتهامات المماثلة عبر فترات متلاحقة. وهيث تولى رئاسة الحكومة بين 1970 و1974 وادخل بريطانيا إلى المجموعة الاوروبية في 1973 واشتهر بالرجل العازب الذي يحب الابحار والموسيقى الكلاسيكية، وتوفي عن 89 عامًا، واصبح الآن أكبر مسؤول ينضم إلى صفوف السياسيين المتهمين بالاعتداء جنسيًا على اطفال، ومعظمهم متوفى.

مارسوا أو تستروا

برزت هذه القصة مع دخول بريطانيا مرحلة حرجة في التحقيق في مزاعم بشأن شخصيات من النخبة، مارسوا او تستروا على ممارسة الجنس مع اطفال في النصف الثاني من القرن العشرين.

وقال سايمون دانكزوك، النائب في حزب العمال المعارض والناشط في هذه القضية لمحطة تلفزيون سكاي نيوز: "لا أشك على الاطلاق بوجود عدد كبير من السياسيين وغيرهم من رجال النخبة السياسية الذين كانوا يستغلون الاطفال جنسيًا، ولا يزالون على الارجح".

لكن أن يكون هيث من بينهم موضوع يثير الكثير من الجدل. فقد ظهر اسم هيث بعد أن اعلنت لجنة التظلمات الشرطية المستقلة التي تراقب عمل الشرطة الاثنين أنها تريد التحقيق في مزاعم شرطي متقاعد بشأن اسقاط التهمة عن شخص في تسعينات القرن الماضي، عندما هدد بفضح رئيس الوزراء الأسبق.

ونشرت صحيفة ديلي ميرور الثلاثاء مزاعم رجل في الستين من عمره قال إن هيث اغتصبه عندما كان عمره 12 عامًا، وذلك في سنة 1961.

تحقيقات موسعة

ويبدو أن التحقيقات في هذه المزاعم تتوسع بسرعة، مع انضمام خمسة فروع للشرطة البريطانية إلى التحقيق. فمحققون في كل من ويلتشاير ولندن وكنت وجيرسي وهامبشاير يحققون في هذه المسألة التي ستترك جرحًا كبيرًا في السياسية البريطانية إن تأكدت صحة هذه المزاعم.

ونقلت "تليغراف" البريطانية عن مصادر في شرطة جيرسي قولها إن اسم هيث يطرأ في حيثيات عملية "ويسل"، وهو تحقيق قديم في ادعاءات باعتداءات على أطفال، بينما تقول شرطة اسكتلنديارد إن اسم رئيس الوزراء الراحل يظهر أيضًا في عملية "ميدلاند"، وهو تحقيق جرى في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، بشأن تورط مسؤولين كبار في اعتداءات جنسية على أطفال.

ووجهت شرطة ويلتشاير نداءً الاثنين لكل من تعرض لاعتداء جنسي في صغره من رئيس الوزراء الراحل هيث، أو لكل من شهد اعتداءً من هذا النوع، كي يتقدموا بشهادتهم لدعم ملف التحقيق الجاري حاليًا. وقد تلقت شرطة ويلتشاير عددًا من الاتصالات الهاتفية في هذا الاطار، بحسب مصدر فيها، من دون الكشف عن تفاصيلها.

وقال متحدث رسمي بلسان الشرطة في ويلتشاير: "سيقوم المحققون بمراجعة المعلومات الواردة من أجل تصنيفها، بينما نكرر نداءنا لكل من يملك معلومات حول هذه المسألة بالتقدم بمعلوماته".

أسماء وسوابق

وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) أن شرطة اسكتلنديارد تحقق مباشرة في قضية هيث بشأن مزاعم الاساءة للاطفال. وهيث الذي تزعم حزب المحافظين، بزعامة ديفيد كاميرون الان، ليس اول سياسي يتهم بالاساءة للاطفال.

فهناك كذلك ليون بريتان وزير الداخلية في حكومة مارغريت ثاتشر، وسيريل سميث المفوض الاوروبي والنائب عن الحزب الليبرالي الذي توفي في 2010، وغريفيل جانر، النائب السابق عن حزب العمال وعضو مجلس اللوردات.

وتبين الشهر الماضي أن جهاز الاستخبارات البريطاني (ام آي 5) طلب في 1986 التستر على مزاعم بحق نائب لم يتم التعريف عن اسمه، كانت لديه ميول نحو الصبية. وهناك تلميحات إلى أن الاعتداء على الاطفال كان يتم في مجمع شقق دولفن سكوير القريب من البرلمان، حيث يسكن عدد كبير من النواب.

وتحقق الشرطة كذلك في مزاعم بأن الفاعلين، وبينهم سياسيون، كانوا يترددون على دار ألم للضيافة في جنوب غرب لندن في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

كان منضبطًا

ليس السياسيون سوى احد عناصر القضية. فتح قاض الشهر الماضي تحقيقًا بالاساءة جنسيا للاطفال في مجموعة من المؤسسات البريطانية من البرلمان إلى مقر بي بي سي ومساكن الاطفال الداخلية والكنائس.
واشار القاضي إلى تقديرات تفيد بأن طفلًا من كل عشرين تعرض للاساءة الجنسية.

وبرزت الاتهامات بالاساءة للاطفال منذ أن فضحت ميول كبير مقدمي البرامج في بي بي سي جيمي سافيل بعد وفاته في 2011.

لكن اصدقاء هيث هبوا للدفاع عنه. وقال براين بنلي، النائب المحافظ السابق لاذاعة بي بي سي: "يصعب تصديق هذه المزاعم، فهيث كان متكتما بشأن حياته الشخصية، وكان منضبطًا". اضاف: "الناس يقولون لا دخان من دون نار، حسنًا، هناك احيانًا دخان من دون نار، كما نعلم جميعًا".

وقال روبرت فودري، سكرتير هيث الخاص السابق، لصحيفة "تايمز" انه عندما عمل معه من 1988 إلى 1992 وكان معه باستمرار مرافق من الشرطة مثل كل رؤساء الوزراء السابقين، "ويبدو الامر ضربة رخيصة والواقع انه غير قادر على الدفاع عن نفسه لانه توفي".

ونادرًا ما تحدث هيث عن حياته الشخصية رغم تلميحات وسائل الاعلام على مدى سنوات إلى كونه مثلي الجنس عندما كانت المثلية تقوض الطموح السياسي. وقال سايمون دانكزوك، النائب في حزب العمال: "من المهم التحقيق في مزاعم الاساءة للاطفال مهما كان المنصب الذي شغله اي كان في المجتمع، حتى وان كان رئيس وزراء، واذا كانت هناك مزاعم جدية بارتكاب اساءة شنيعة، فلا بد من التحقيق فيها".