نصر المجالي: في إطار الحرب الكلامية المشتعلة بين طهران وأنقرة، فإن هذه الأخيرة وجدت ضالتها في تقرير أميركي يتحدث عن تورط إيران في الاتجار بالبشر.

وأظهر تقرير لوزارة الخارجية الأميركية لعام 2015 أن إيران شهدت خلال السنوات الأخيرة، زيادة في حالات الاتجار بالبشر، والعمالة القسرية، والدعارة، قائلا إن الحكومة الإيرانية لا تبذل الجهد الكافي لوقف الاتجار بالبشر.

وكانت تركيا، في مؤشر لانهيار العلاقات مع إيران، اتهمت وسائل إعلام إيرانية رسمية وغير رسمية بتشويه سمعتها، وقالت إن الحملة بلغت ذروتها في الأوان الأخير، لا سيما من قبل وسائل الإعلام المعروفة بقربها من الحرس الثوري الإيراني.

وقارن تقرير لوكالة أنباء (الأناضول) التركية الرسمية بين ما أسمته حملة التضليل الإعلامي في إيران، مع نظيرتها ضد تركيا في الإعلام الغربي، وسط انخراط وسائل إعلام تابعة للمرشد الإيراني الأعلى، ورئاسة الجمهورية في نشر الأنباء الكاذبة.&&&

وقالت الوكالة إن من أبرز النقاط التي يعمل الإعلام الإيراني على ترويجها بهدف تضليل الرأي العام، الادعاء بأن "تركيا تدعم الإرهابيين في الشرق الأوسط، لاسيما تنظيم داعش"، حيث تقوم المواقع المرتبطة بإيران بشكل مباشر وغير مباشر، بنقل الأخبار الملفقة استنادًا إلى بعضها البعض.&

التقرير الأميركي

وإلى ذلك، ففي محاولة للرد على حملات الإعلام الإيراني، وجدت وكالة أنباء (الأناضول) في التقرير الأميركي ضالتها لمهاجمة إيران وانتقادها.

وأوضح التقرير الأميركي أن إيران بلد مصدر وعبور وهدف للرجال والنساء والأطفال، ضحايا تجارة الجنس والعمل القسري، وتقوم جماعات الجريمة المنظمة، باستغلال النساء والفتيات والفتيان الإيرانيين، في تجارة الجنس، داخل إيران وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وأوروبا.

ووفقا للتقرير، أجبر المهربون نساء وفتيات إيرانيات على الدعارة، في إقليم شمال العراق، عام 2013. وشهدت الفترة من 2009 إلى 2015، ارتفاعًا ملحوظًا في نقل الفتيات من إيران إلى دول الخليج، حيث تقوم جماعات الجريمة المنظمة باستغلالهن جنسيًّا أو إجبارهن على الزواج. كما أن عدد الفتيات المراهقات اللاتي يعملن في الدعارة في مدن طهران وتبريز وآستارا، يشهد ارتفاعًا مستمرًّا.

عصابات الجريمة

وتجبر عصابات الجريمة المنظمة، وفقا للتقرير، أطفالا إيرانيين ومهاجرين، على التسول في شوارع المدن، ومنها طهران، وتستخدم العنف الجسدي والجنسي والمخدرات، كوسائل لإجبارهم على ذلك، كما يتم إجبار بعض الأطفال على العمل في ورش عمل صغيرة.

ويجبر المهربون، المهاجرين الأفغان، بما فيهم الفتيان، على العمل القسري في قطاعي البناء والزراعة في إيران، ويتعرض الفتيان الأفغان للاستغلال الجنسي من قبل أرباب العمل، والمضايقة أو الابتزاز من قبل رجال الأمن والمسؤولين الحكوميين وفقًا للتقرير.

واعتبر التقرير أن الحكومة الإيرانية لا تلتزم بشكل كامل بالحد الأدنى من معايير القضاء على الاتجار بالبشر، ولا تبذل مجهودا كبيرا لفعل ذلك، ولا تنشر معلومات عن جهودها لمكافحة تلك التجارة، ولا تعمل على تطوير الشفافية فيما يتعلق بسياساتها وفعالياتها المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، ولا تقوم بجهد كافٍ لبناء شراكة مع المنظمات غير الحكومية لمكافحة الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهدا ملحوظا لتقليل الطلب على تجارة الجنس، والعمالة القسرية، والسعي لممارسة الجنس مع الأطفال، لدى الإيرانيين الذين يسافرون للخارج.

لا حظر للاتجار بالبشر

وبخصوص القوانين المتعلقة بالاتجار بالبشر في إيران، قال التقرير إن القانون الإيراني لا يحظر جميع أشكال الاتجار بالبشر، وأشار إلى قانون إيراني صدر عام 2004، يحظر التجارة في الأشخاص عبر التهديد أو استخدام القوة والإكراه وإساءة استخدام السلطة، أو استغلال ضعف الضحايا لإجبارهم على الدعارة أو العبودية أو العمالة القسري. ويقرر القانون عقوبة السجن حتى 10 سنوات لمن يتاجر في أشخاص بالغين، وعقوبة الإعدام للجرائم ضد الأطفال. ويرى التقرير أن عقوبة الاتجار في البالغين، لا تتناسب مع العقوبة التي يقررها القانون الإيراني لمرتكبي الاغتصاب وهي الإعدام.

واعتبر التقرير أن الحكومة الإيرانية مستمرة في جعل الضحايا يدفعون الثمن، حيث أشار إلى أن النساء من ضحايا الاستغلال الجنسي معرضات للاتهام بارتكاب الزنا، وهو إقامة علاقة جنسية خارج إطار الزواج، وعقوبته الإعدام.

وفي الأخير، أشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية إلى أن الحكومة الإيرانية لا توفر إحصاءات رسمية عن التحقيقات والملاحقات القضائية والإدانات المتعلقة بالاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودا ملموسة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تقدم الدعم للمنظمات غير الحكومية التي تقدم خدمات محدودة لهؤلاء الضحايا.