فيما توقع الحكومتان البريطانية والفرنسية اتفاقية لتخفيف أزمة اللاجئين عند مدينة كاليه الفرنسية، تشمل تعزيز إجراءات الأمن عند الميناء، يأمل اللاجئون في عبور محطة الدخول إلى بريطانيا سريعًا عبر النفق الأوروبي.

بهية مارديني: أزمة ميناء كاليه ليست جديدة ولكنها تفاعلت مؤخرًا بعد موت بعض المهاجرين الذين يحملون جنسيات عدة.

ويحاول مئات المهاجرين التسلل عبر النفق الأوروبي في الأسابيع الماضية على أمل العثور على قطار أو شاحنة متوجهة إلى بريطانيا. وقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص خلال هذه المحاولات منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي فيما تخشى الدول الاوروبية من أعداد أكبر ومن مهاجرين اقتصاديين يبحثون عن فرص أفضل خارج بلادهم.

مؤيدون وضحايا!

وقال الصحافي الفلسطيني راشد عيسى الذي يعيش في فرنسا "إن السوريين من الهاربين إلى كاليه للدخول إلى بريطانيا من المؤيدين للنظام السوري ومن ضحايا النظام أيضا بالاضافة إلى شريحة غير المهتمين البتة بما يحدث".

وتحدث لـ"إيلاف" عن تاجر سوري من بين الذين التقاهم في المدينة، وقال عنه هو مقل في كلماته يحاول التركيز على هدفه. وكان الواضح انه من الاشخاص الذين تركوا اثرا لدى عيسى إذ أوضح "هو تاجر دمشقي كان لا يتكلم الا نادرا" ولكنه عرف منه انه كان يسكن في حي المهاجرين في دمشق والذي يسكنه رأس النظام، وترك سوريا لان عمله توقف.

الغني و"الدرعاوي"

وكانت الامور غريبة في كاليه اذ يقف التاجر الغني بجانب الشخص "الدرعاوي"، نسبة لدرعا، المعدم والذي ذاق ويلات الحرب مع أهله. وقال "إن أغلب السوريين من محافظة درعا جنوب سوريا". وأشار إلى أن الكثيرين منهم أتوا حديثا من درعا وقالوا "براميل النظام لم تترك لنا ما نستظل به بالإضافة إلى حصار الخبز والماء والكهرباء والدواء".

وأكد أن السوريين بشكل عام في كاليه لا يهتمون بالسياسة والمهم لديهم العبور إلى المحطة الاخرى، مضيفا "لا اقول هذا لأثبت ان السوريين يرغبون في العيش المشترك بل اقول هذا لان محنة وخطر الانتقال تغنيانهم عن كل شيء آخر".

وأضاف أن "عدد السوريين أقل من بقية الجنسيات بشكل عام حملوا معهم همومهم ومعاناتهم وتجاربهم القاسية ورحلتهم الصعبة وفي جعبتهم رواية جاهزة لسردها أمام الأجهزة المختصة".

ولكن أمام السلطات المختصة مهمة صعبة فالكثير من المهاجرين العرب قالوا إنهم ينوون تقديم أنفسهم في بريطانيا كسوريين كما أن هناك إيرانيين في المخيم سيدعون الأمر نفسه.

وأكد عيسى "الجميع يستغل مأساة السوريين، قال لي أكثر من شخص يحملون الجنسيات العراقية والمصرية انهم سيفعلون ذلك".

وتحدث لاجئ سوري في بريطانيا لـ"إيلاف" عن معاناة سفره، رافضا كشف هويته. وقال إنه يعمل كصيدلي، وأضاف أنه انتظر ليحصل على اللجوء أكثر من عام ونصف تقريبا ليثبت انه سوري لان لهجته مختلفة فهو من الجولان ولم يقنع المترجم أو المسؤولين أن جنسيته سورية.

رحلات طويلة

رحلات طويلة يخوضها السوريون للدخول إلى كاليه وهناك من وصل إلى بريطانيا الا ان بعضهم أمضى أكثر من ستة أشهر للوصول إلى هدفه وبعضهم غادر كاليه إلى مدن فرنسية أو إلى أوروبا بعد التشديدات الاخيرة.

هذا وقالت الداخلية الفرنسية إن وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، ستسافر إلى كاليه يوم الخميس القادم للتوقيع على الاتفاق مع نظيرها الفرنسي برنار كازنوف، والذي يركز على تحسين الأمن في الميناء.

اتفاق فرنسي بريطاني

ويزور الوزيران موقع النفق الأوروبي معا ليشاهدا الوضع عن كثب ويزوران الجمعيات الخيرية التي تساعد المهاجرين.

ومن المفترض أن يشمل الاتفاق تعزيز الأمن في الموقع ومواجهة الشبكات الإجرامية التي تعمل في الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى تعزيز العاملين في المجال الإنساني والمسؤولين المحليين لمساعدة أولئك الأكثر عرضة للخطر، وبحث الدعم الإنساني للمهاجرين ولم تكشف الحكومة البريطانية او الفرنسية عن تفاصيل الاتفاق.

وأعلنت الحكومة البريطانية الشهر الجاري أنها خصصت 11 مليون دولار لتحسين السياج حول موقع محطة "يوروتانل" في كوكيل خارج كاليه.

وحذر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من أن الأزمة يمكن أن تستمر طوال الصيف، ووعد بـ"تعزيز السياج وبمزيد من الموارد ومزيد من الفرق المزودة بالكلاب" لمساعدة الشرطة الفرنسية في عملياتها لضبط اللاجئين.