القدس: قررت المحكمة الاسرائيلية العليا مساء الاربعاء تعليق امر الاعتقال الاداري بحق الفلسطيني المضرب عن الطعام منذ شهرين محمد علان، في قضية اثارت الرأي العام الفلسطيني ووضعت حكومة اسرائيل في موقف حرج.

لكن ارفع هيئة قضائية في اسرائيل اكدت ضرورة بقائه في المستشفى بانتظار اتخاذ قرار بشان مستقبلة. وافاد نص الحكم الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس انه "نظرا الى الحالة الطبية لصاحب الدعوى فسيبقى في الرعاية الطبية المركزة (...) ما يعني انه في الوقت الحالي ونظرا الى الحالة الطبية للمضرب عن الطعام، فان امر الاعتقال الاداري لم يعد ساريا".

وشكلت قضية علان (31 عاما) المضرب عن الطعام منذ شهرين ما عرّض حياته للخطر، ضغوطا على السلطات الاسرائيلية التي تعتقله من دون توجيه التهم له منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وتخشى ان تؤدي وفاته اثناء احتجازه الى اغضاب الفلسطينيين واثارة التوتر.

واستعاد علان وعيه الثلاثاء بعد ان كان غائبا عن الوعي لايام عدة، الا انه توعد بالعودة الى الاضراب عن الطعام في حال لم تحل اسرائيل قضيته خلال 24 ساعة. ولم يتضح ما اذا كان عاد الى الاضراب عن الطعام. ونص الحكم على ان "العائلة والاصدقاء يستطيعون زيارته ليس كسجين، وطبقا للتعليمات الطبية المعتادة في زيارة المرضى".

واضاف "بعد ان تستقر حالته، اذا طلب علان نقله الى مستشفى اخر عليه ان يتقدم بطلب للسلطات، وفي حال وجود صعوبة او خلاف فانه ستكون من الممكن العودة الى المحكمة". وقد طالب نادي الاسير سلطات الاحتلال بالاعلان الفوري عن اطلاق سراح علان "وذلك بعدما اتضح ان دماغه اصيب بضرر بعد سلسلة فحوصات جرت له اليوم".

وقبل جلسة المحكمة، قدمت السلطات الاسرائيلية عرضا جديدا لعلان لوقف اضرابه عن الطعام بانتظار اجابة منه، في محاولة جديدة للتوصل الى حل لا يظهر اي تنازل من الطرفين. لكن هذه الجهود باءت بالفشل وفق ما افاد مركز عدالة القانوني. ونقلت وكالة وفا الرسمية للانباء عن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع الاربعاء ان النيابة العسكرية الاسرائيلية عرضت الافراج عن علان في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وعدم تجديد اعتقاله الاداري مقابل فك اضرابه عن الطعام.

واكد مركز عدالة رفض العرض واعلن في بيان موقع ايضا من محامي علان "نطالب باطلاق سراحه فورا، حالته الصحية سيئة جدا وتدهورت اكثر هذا الصباح، ونرفض تأخير الافراج عنه". ولم يتبين ما اذا كان القرار صادرا من علان نفسه او اذا كان في حالة صحية تسمح له بذلك. وكان جميل الخطيب، احد محامي علان، قال انه توجه صباح الاربعاء الى مستشفى برزيلاي في عسقلان غالبا من اجل نقل الاقتراح الاسرائيلي.

وشدد المحامون على ان موكلهم لن يشكل اي تهديد في حال اطلاق سراحه خصوصا بعد تدهور حالته الصحية. وعلان مضرب عن الطعام منذ 18 حزيران/يونيو احتجاجا على اعتقاله الاداري. وبحسب القانون الاسرائيلي الموروث من الانتداب البريطاني، يمكن اعتقال مشتبه فيه من دون توجيه تهمة اليه بموجب قرار اداري قابل للتجديد لفترة غير محددة زمنيا من جانب السلطات العسكرية، وهو ما يعتبره معارضو هذا الاجراء انتهاكا صارخا لحقوق الانسان.

ويتزامن موعد الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر مع انتهاء الاعتقال الاداري الثاني لعلان. واعتقل علان في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ووضع قيد الاعتقال الاداري لستة اشهر قبل تمديد اعتقاله ستة اشهر اخرى. وكان علان دخل في غيبوبة الجمعة ووضع على اجهزة التنفس الاصطناعي واعطي حقنة وريدية من المياه والاملاح.

ويوجد حاليا نحو 5700 معتقل فلسطيني في السجون الاسرائيلية، بينهم 379 قيد الاعتقال الاداري لجأ العديد منهم الى الاضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم ولم يمت اي فلسطيني مضرب عن الطعام في السجون الاسرائيلية منذ الثمانينيات. وحذرت حركة الجهاد الاسلامي من انها لن تلتزم بالتهدئة مع اسرائيل في حال حصول ذلك. والتوتر لم يهدأ اصلا في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ وفاة الطفل الرضيع علي دوابشة ووالده حرقا بعدما اشعل مستوطنون النار بمنزل العائلة في 31 تموز/يوليو.

وتصاعدت بالنتيجة العمليات الفردية ضد اسرائيليين ينفذها فلسطينيون قتل ثلاثة منهم على يد الامن الاسرائيلي خلال ثمانية ايام فقط. ولا تريد الحكومة الاسرائيلية ان تبدو في مظهر المتنازل امام مطالب الاسرى المضربين عن الطعام، حتى ان وزير الامن الداخلي جلعاد اردان حذر في الاسبوع الحالي من اطلاق سراح علان.

واعاد الاربعاء قبل جلسة المحكمة تأكيد معارضته اذ يرى ان الافراج عن علان "يشجع على الاضراب عن الطعام بين الموقوفين الامنيين ليكونوا بذلك وجدوا طريقة جديدة لابتزاز دولة اسرائيل". وكانت وزارة العدل عرضت الاثنين الافراج عن علان "في حال موافقته على الذهاب الى الخارج لفترة اربع سنوات" وهو امر رفضه محاموه قبل استيقاظه من الغيبوبة، ليؤكده هو لاحقا.
&