كوفينو: لطالما تخيلت اللاجئة الفلسطينية زهراء زعرورة انها ستقضي بقية عمرها في مدينة حمص السورية حيث كانت تعيش، مفترضة ان اللجوء مرة واحدة في الحياة اكثر من كاف.
لكن مع تفاقم عنف الحرب في سوريا اضطرت المرأة البالغة 84 عاما الى الفرار مرة ثانية لبدء حياة جديدة في اوروبا، ولم تتمكن من الوصول أبعد من قبرص، ومن حظها انها ما زالت على قيد الحياة.
"كان زوجي يعمل وكانت حياتنا جيدة. لكن اضطررنا الى المغادرة بسبب الحرب"، قالت زهراء بعد انقاذها الاحد مع اكثر من 100 شخص كانوا على مركب ظل تائها لثلاثة ايام تحت شمس المتوسط الحارقة.
"بيوتنا تحولت الى ركام، كل شيء دمره القصف".
زعرورة هي واحدة بين كثير من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان الذين ينضمون باعداد متزايدة الى مئات الاف السوريين الفارين من الحرب عبر رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول الى اوروبا.
كان الزورق ينقل 115 لاجئا من بينهم 54 من النساء والاطفال، وانطلق من ميناء طرطوس السوري وتوقف في طرابلس شمال لبنان لنقل مزيد من الاشخاص.
وافاد مسؤول في مركز الايواء في كوفينو في جنوب قبرص حيث تم ايواء اللاجئين ان اغلبيتهم فلسطينيون "من لبنان وسوريا".
شهد الفلسطينيون، الذين طرد الكثيرون منهم من منازلهم مع قيام دولة اسرائيل عام 1948، بعضا من اسوا الفظائع في الحرب السورية المستمرة منذ اربع سنوات ونصف وقتل فيها اكثر من 240 الف شخص.
ففي مخيم اليرموك اكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا قرب حيث كان يعيش قبل الحرب حوالى 160 الف نسمة لم يبق سوى 18 الفا بعد سنوات من المعارك والحصار وفق وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الانروا).
من بين الفلسطينيين الذين انقذوا في قبرص محمد حسين حسن، الذي جلس يتصفح صورا على هاتفه ارسلها له شقيقه الذي وصل الى برلين بأمان.
وصرح "شاهدت عبر التلفزيون الاف المهاجرين على الطرقات، ما شجعني على المغادرة".
وضمن الطوابير الطويلة للاجئين السوريين الذين تدفقوا عبر الحدود اللبنانية فر الكثير من الفلسطينيين من سوريا الى البلد الصغير المجاور.
ويعيش مئات الاف الفلسطينيين في 12 مخيما غير رسمي للاجئين في لبنان، وتقدر الامم المتحدة حاليا ان العدد ارتفع الآن الى 450 الفا يشكلون حوالى 10% من عدد سكانه.
وبالرغم من غياب خطر الغارات الجوية يؤكد الفلسطينيون الفارون من سوريا الى لبنان ان الحياة في المخيمات تزداد صعوبة واكتظاظا.
وقال غسان ناصر الفلسطيني من مخيم شاتيلا في بيروت "ليس لنا بلد ولبنان لا يعطينا اية حقوق (...) كنا نعيش في هذه الظروف...لكن اليوم لم نعد نحتملها".
على عكس حسن، يؤكد ناصر انه لم يتحمس للمغادرة بعد رؤية مشاهد المهاجرين على الطرقات وفي القطارات متجهين الى شمال اوروبا.
وقال "اردنا الهجرة حتى قبل الحرب في سوريا".
وبالرغم من ان زهراء كانت تقيم قبل النزاع في مخيم فلسطيني في حي بابا عمرو في حمص، فهي تعتبره "بيتها" وتقول ان "المعيشة فيه كانت جيدة، عكس ما هي الحال في لبنان".
واضافت انها تجهل ان كانت ستتمكن من الوصول الى شمال أوروبا مثل مئات الالاف من اللاجئين الفارين من الكابوس السوري.
تقع قبرص العضو في الاتحاد الاوروبي على بعد 100 كلم من الساحل السوري، لكنها تمكنت حتى الان من تفادي تدفق كبير للاجئين الى سواحلها حيث يفضل اغلبهم الذهاب ابعد من الجزيرة.
وفيما يامل الجزء الاكبر من اللاجئين الذين يتم انقاذهم ونقلهم الى قبرص مواصلة المسير الى شمال اوروبا، بدأ البعض اجراءات تسجيل طلبات اللجوء في الجزيرة.
في نهاية العام الفائت تم انقاذ حوالى 300 لاجئ على متن مركب مشابه للذي استقله ناصر وحسن وزهراء، مقابل السواحل القبرصية، بينهم عدد كبير من الفلسطينيين.
واكد يحيى الشابي الفلسطيني من دمشق الذي كان على متن ذاك المركب على ضرورة معاملة الدول المضيفة جميع الفارين من النزاع بنفس القدر من التعاطف.
وقال "ينبغي عدم التمييز بين السوريين والعراقيين والفلسطينيين".
لكن حسن يرى ان الدول العربية تتحمل مسؤولية كذلك لضمان رعاية الفلسطينيين اللاجئين بسبب الحرب. ويقول "بالنسبة للدول العربية، نحن الارهابيون. كلما حدث امر، يقولون الحق على الفلسطينيين. لا نريد مالهم، كل ما نريد هو العيش بكرامة. الدول العربية فشلت".
التعليقات