أقر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم أن الفساد والروتين المتراكمين في الدولة بحاجة إلى معالجات ثورية، مشيرًا إلى أنّ اصلاحاته الحالية تصطدم بالجهلة والمتضررين منها، لكنه شدد على تصميمه الاستمرار بها مقراً بعدم القدرة على توفير الأسلحة للقوات التي تحارب تنظيم "داعش".

لندن: قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في كلمة خلال اعمال ورشة تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية المنعقدة في بغداد الاثنين، تحت شعار "النهوض بالقطاع الزراعي من اجل دعم الاقتصاد الوطني" وتابعتها "إيلاف" ان بعض الاجراءات البيروقراطية تساهم بعرقلة العمل والاصلاحات الجارية الان، ولذلك تم اتباع مشروع لتبسيط هذه الاجراءات ورفع الحلقات الزائدة المعرقلة.. مؤكدًا أنه ستتم محاسبة من يتسبب بهذا الامر.

وأشار إلى أنّ المواطنين يريدون الاصلاح "ونحن نعمل ومستمرون بتنفيذه ولكن هناك عقبات تراكمية نعمل جاهدين لتجاوزها وهناك محاولات لعرقلة هذه الاصلاحات وبالاخص من المتضررين منها ونقول لهم اننا سنستمر بها وبتخفيض الانفاق الحكومي حتى لو ارتفعت أسعار النفط لان هذا المنهج خاطىء ومضر بالدولة".

وأضاف أن الاجراءات الروتينية اليومية تعيق الاصلاحات لوجود عوائق ومعرقلات في أجهزة الدولة تقف بوجهها، ولذلك فإن الامر بحاجة إلى معالجات ثورية.

وقال إن في العراق 4 ملايين موظف وهي نسبة عالية مقارنة مع عدد سكان البلاد البالغ 36 مليون نسمة.. مستدركًا بان هذا لن يدفع لاتخاذ اجراءات للاستغناء عن أعداد منهم ولكن معالجة الامر مستقبلا لان زيادة عدد الموظفين بهذا الشكل زادت من الروتين.. واصفًا هذا الترهل في الجهاز الاداري للدولة بأنه فساد ايضا.

وأوضح ان هناك امكانية للخروج من الأزمة بشكل اقوى "ولكن نحتاج للصبر الايجابي وعدم اليأس".. مبينًا "اننا في الوقت الذي نعمل من اجل تنفيذ الاصلاحات ونواجه هذه التحديات الاقتصادية والمالية فاننا نخوض حربًا مع عصابات داعش الارهابية وحيث لايمكن الاستسلام للارهاب الذي عاد بالموصل والمناطق التي يسيطر عليها إلى عصور الظلام.

وشدد بالقول "لذلك يجب ان نحقق النصر لكني لا أستطيع أن أوفر جميع الأسلحة التي تحتاجها القوات المسلحة والحشد الشعبي للانتصار على الارهاب، ولذلك يجب أن نوازن بين الانفاق الحكومي والاحتياجات العسكرية".

وأكد على ضرورة وجود شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص بعد ان ظل المواطن في الدولة الاشتراكية السابقة يعتمد على الدولة في تأمين جميع متطلبات حياته من السكن إلى العمل.. مستدركا بالقول لكن الظروف تغيّرت الان بعد تخلي الدولة عن الكثير من التزاماتها السابقة، وهو ما يتطلب تنفيذ الاصلاحات التي يدعو لها المواطنون، وهذا امر لايمكن تنفيذه الا بتغيير عقلية البشر والقوانين.

وأوضح أن الكثير من قرارات الاصلاح تحتاج إلى وقت لتظهر نتائجها بسبب الترهل والفساد وضياع اموال الدولة نتيجة انخفاظ اسعار النفط، وكذلك بسبب الانفاق الزائد بشكل مقامر قال إنه لايمكن المحاسبة عليه نتيجة اشتراك جهات عدة فيه... مشددًا على انه مصر على الاصلاح ومضاعفة قراراته على هذا الطريق موضحًا ان موارد النفط لم تعد تكفي لدفع مرتبات موظفي الدولة.

ودعا العبادي العراقيين إلى الصبر على الحل للمشكلات التي تواجهها البلاد والسير بالاتجاه الصحيح بانتظار نتائج الاصلاح.. واقر بوجود ضغوط تمارس عليه لاعطاء نتائج سريعة للاصلاحات.. موضحا أن هذا خارج قدرات مؤسسات الدولة لان الكثير ممن اسماهم بالجهلة واصحاب الامتيازات المتضررين منها يقفون بالضد منها.. وقال "لكن على هؤلاء أن يدركوا أن الإصلاح هو للجميع وسينقل اوضاعهم إلى الافضل ولايمكن تحقيق الاصلاح وهناك مواطنون جياع لان هذا سيؤدي إلى فقدان الامن والاستقرار".

وأشار إلى أنّه ليس مستعدًا للمجاملة في تنفيذ اصلاحاته وفقدان اصدقاء ومقربين يتضررون من الاصلاح بسبب فقدانهم لامتيازاتهم.. مؤكدًا أن الاصلاح سيفقده ايضًا بعض التأييد السياسي.. غير انه أشار إلى أنّه مستمر بضغط النفقات ولن يطلقها حتى ولو زادت اسعار النفط، منوهًا إلى أنّ هذه الزيادات ستخصص لتوفير الخدمات وخدمة مصالح المواطنين الاخرى.

وأضاف العبادي أن الثروة الحيوانية&ما زالت لغاية الان ليست بالمستوى المطلوب ويجب العمل لتطويرها والاستفادة منها بشكل أكبر. وأكد على ضرورة الاهتمام بالقطاع الزراعي ووضع اجراءات حقيقية لمساعدة الفلاح على تطوير الثروات الزراعية والحيوانية وتوسيع دائرة المستفيدين من هذين القطاعين باقامة مصانع تعتمد على ما ينتجانه.

واليوم اعدم عناصر تنظيم "داعش" ثلاثة اساتذة في جامعة الموصل بتهمة عصيان اوامر التنظيم وسط الموصل، بحسب سكان محليين ابلغوا الوكالة الوطنية العراقية اعدام حسن جاسم محمود وقاسم العلاف&& وطارق معتز المتيوتي بسبب رفضهم اوامر فرضها التنظيم على اغلب اساتذة جامعة الموصل منذ سيطرته في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي على الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية.

وأضافوا إلى أنّ الاساتذة الثلاثة جميعهم في كلية التربية بجامعة الموصل واعدموا في سوق باب الطوب وسط مدينة الموصل رميًا بالرصاص وامام جمهرة من الناس مبينين أن جثث الاساتذة الثلاثة وصلت إلى مركز الطب العدلي بالموصل.

التحقيق في 53 ملف فساد في وزارة المالية

وبالترافق مع ذلك، فقد اعلنت محكمة النزاهة والجريمة الاقتصادية وغسيل الاموال في بغداد عن وجود 53 قضية فساد مالي واداري تتعلق بوزارة المالية.

ونقلت السلطة القضائية الاتحادية في بيان صحافي الاثنين اطلعت على نصه "إيلاف" عن إيهاب عبد الرضا قاضي تحقيق النزاهة في بغداد قوله ان المحكمة تنظر حاليًا في 53 ملفًا، تخص وزارة المالية وتتعلق بتهم فساد مالي واداري، وان قسمًا من هذه الملفات قد بلغ مراحل متقدمة، وستحال إلى المحكمة.

واوضح ان المتهمين في هذه القضايا بعضهم بدرجة مدير عام ووكيل وزارة.. مشيرًا إلى مفاتحة مكتب المفتش العام في وزارة المالية لتقديم التحقيق الاداري وبيان مقدار الضرر في المال العام المتحقق بسبب ملفات الفساد هذه.

وكانت الحكومة اقرت في التاسع من الشهر الماضي حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة ووافق عليها البرلمان بعد يومين مرفقا اياها بحزمة اصلاحات إضافية مكملة.

واتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات لا سيما المياه والكهرباء ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين. وتلقى هذه المطالب دعمًا مهمًا من المرجعية الشيعية العليا بدعوتها للعبادي ليكون اكثر جرأة وشجاعة ضد الفساد.

وتشهد بغداد ومدن أخرى في 10 محافظات اخرى هي كربلاء والنجف والديوانية والمثنى وذي قار وواسط وميسان والبصرة (جنوب) وبابل وديإلى (وسط) منذ 7 اسابيع تظاهرات احتجاج ايام الجمعة ضمن الحراك الشعبي الاسبوعي للدعوة للاصلاح وضرب الفساد والطائفية.