يعاني الآشوريون السوريون من سلسلة من الضغوط والتهديدات، كما يعاني منها السوريون جميعًا، وهناك حملات اعتبرها الآشوريون مقصودة من أجل "التغيير الديمغرافي" التي رآها أحد الناشطين مؤشرًا واضحًا إلى مخطط تقسيم البلاد، ومن بين هذه الحملات قرار الإدارة الذاتية في المناطق الكردية "بحماية ومصادرة ممتلكات المهاجرين والنازحين" وطالب بعدم تطبيقه.

بهية مارديني: قال جميل دياربكرلي مدير المرصد الآشوري لحقوق الإنسان "إن تطورات الأوضاع في سوريا باتت تعطي مؤشرات واضحة إلى أن هناك مخططًا يسعى إلى تقسيم البلاد، على أساس إثني ومذهبي، وما يحصل اليوم في الجزيرة السورية، وفي مناطق الساحل السورية، إضافة إلى مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، أكبر دليل على المخططات".

استئصال مبرمج

وأضاف "لا يمكن فهم العمليات الإرهابية في السويداء واللاذقية والحسكة أخيرًا، إلا ترجمة واضحة للتقسيم في سوريا، فالجميع اليوم يحمي مناطقه، ويرسم لها حدودًا لا أعتقد أنها ستكون آلية".

بالعودة إلى موضوع الجزيرة السورية والقرار الأخير الصادر من "الإدارة الذاتية حول مصادرة وإدارة ممتلكات المهاجرين والنازحين" التي تدير المناطق الكردية في سوريا، هاجم ديار بكرلي هذا القرار، وقال وكأنه "لا يكفي أن الحرب السورية إقتلعتهم من جذورهم ومن بلادهم، ليأتي هذا القانون ويمحي أي أثر لهم، ولا يترك لهم أي مجال للعودة بعد هدوء الأحوال".

وأضاف "طبعًا القانون لا يستهدف الآشوريين المسيحيين فقط، بل كل مكونات المنطقة من عرب وكرد، لكنّ المسيحيين في الجزيرة هم من هاجروا، ولهم الكثير من الأملاك والأراضي، التي لا يزالون يمتلكونها، وهم يأملون بتحسن الأوضاع ليعودوا إليها، ويعيشوا كما كانوا في السابق، ولكن في حال تطبيق هذا القانون، فلن تكون هناك عودة، وسيضمحل عندها الوجود المسيحي التاريخي في المنطقة، طبعًا إضافة إلى وجود ممارسات أخرى من شأنها هرب ما تبقى منهم أيضًا، منها سوق الشباب للقتال مع قوات حماية الشعب إجباريًا".

غير شرعي

وفي بيان حول ما قال إنها "حلقة جديدة من مسلسل التغيير الديموغرافي في محافظة الحسكة السورية"، عبّر المرصد الآشوري لحقوق الإنسان "عن بالغ القلق حيال ما يجري في محافظة الحسكة السورية، من ممارسات وانتهاكات لا قانونية، تدل على إحداث تغيير ديموغرافي خطير في المنطقة، وتساهم في إنهاء الوجود التاريخي للآشوريين المسيحيين في معاقلهم الرئيسة في سوريا، حيث أقرّ ما يسمى "المجلس التشريعي للإدارة الذاتية" التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) يوم الثلاثاء المصادف في 15 أيلول / سبتمبر 2015، قانون إدارة وحماية أموال المهاجرين والغائبين، وتشمل الأموال والممتلكات المنقولة وغير المنقولة، ووضعها في خدمة المجتمع وسكان الإدارة الذاتية".

واعتبر المرصد في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه أن "هذا القانون غير شرعي"، و"ليس إلا حلقة في سلسلة الانتهاكات التي تمارسها قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تحت مسمى "الإدارة الذاتية"".

واعتبر البيان أنه "كان قد سبق هذا القانون العديد من الانتهاكات التي من شأنها زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في المنطقة، تمهيدًا لإحداث تغيير ديموغرافي، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: سيطرة الحزب على مجمع مدارس الأمل التابعة لطائفة السريان الأرثوذكس في مدينة الحسكة، تدمير وسرقة المنازل والكنائس والمدارس في القرى الآشورية الواقعة على الشريط الشمالي من نهر الخابور، والتي بقيت تحت سيطرة قوات حماية الشعب الكردية، إبان احتلال تنظيم داعش الإرهابي للقرى الآشورية الواقعة على الشريط الجنوبي لنهر الخابور، عملية الاغتيال التي طالت اثنين من قادة ميليشيا "حرس الخابور" الآشورية في بلدة تلّ تمر في محافظة الحسكة، إضافة إلى اعتقال شباب المحافظة بطريقة تعسفية، وسوقهم للقتال إلى جانب قوات حماية الشعب الكردية (ypg)".

تطهير عرقي

وحول القانون الصادر من (المجلس التشريعي للإدارة الذاتية) أكد البيان "أنه ﻻ أساس قانونيا له من حيث جهة اﻻختصاص، لأنها هيئة تشريعية أنشئت بقرار سياسي من سلطة الأمر الواقع، وﻻ وﻻية لها، مما يجعل القوانين التي تصدرها معدومة من الناحية القانونية، كما إنه ﻻ توجد جهة مخولة بتنفيذ أحكام هذا القانون، وتنعدم بالتالي إجراءات تنفيذه لكون سلطة الأمر الواقع مصدرة القانون قد ﻻ تستمر سلطتها لفترة طويلة، وهذا رهن التطورات الميدانية والسياسية، لكونها تسلمت إدارة شؤون المحافظة من الحكومة السورية قبل انسحابها الشكلي من بعض المناطق. والقانون المدني السوري، والأحكام المتعلقة بالاستيلاء، ﻻ يزال هو الساري، وﻻ يجوز الاستيلاء إﻻ بقرار قضائي صادر من محاكم شرعية تستمد سلطتها من الدستور، إضافة إلى ذالك فإن القانون له أبعاد سياسية لكونه يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي لأبناء المحافظة".

وناشد المرصد الآشوري لحقوق الإنسان "المجتمع الدولي المتمثل في هيئة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، وكل المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون حقوق الإنسان، إضافة إلى الدول التي تدعم وتموّل هذا الحزب وإدارته الذاتية، العمل على منع تنفيذ هذا القانون اللاشرعي، والذي يشكل سابقة خطيرة في حياة السوريين، لكون هذه الانتهاكات ترتقي إلى أن تكون نوعًا من أنواع التطهير العرقي، والتمييز بحق المنطقة وسكانها"، بحسب البيان.