فيما يحتفل الجيش العراقي اليوم بالذكرى 95 لتأسيسه، فقد أكد قادة وفعاليات عراقية على ضرورة العمل من أجل تقوية قدراته وإعادة هيبته وسمعته وتحريره من الولاءات الضيقة، داعين إلى بنائه على أسس وطنية سليمة وحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح للمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال ميليشيات أو جماعات مسلحة، وحيث تتصارع على تدريبه وولائه والتدخل بشؤونه الإرادات الإيرانية والأميركية.

&
أسامة مهدي: وضع قادة عراقيون صباح اليوم أكاليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في بغداد، إيذانًا ببدء الاحتفالات بالذكرى 95 لتأسيس الجيش العراقي، مؤكدين ان تحرير الموصل من داعش اقرب مما يتوقعه التنظيم، واشاروا الى ضرورة العمل من اجل تقوية قدرات الجيش واعادة هيبته وسمعته وتحريره من الولاءات الضيقة، داعين الى بنائه على أسس وطنية سليمة وحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح للمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال ميليشيات أو جماعات مسلحة، وحيث تتصارع على تدريبه وولائه والتدخل بشؤونه الارادات الايرانية والاميركية.&
&
وتنظم وزارة الدفاع العراقية صباح اليوم استعراضًا عسكريًا كبيرًا لمناسبة الذكرى 95 لتأسيس الجيش العراقي، وذلك بمشاركة مختلف صنوفه المسلحة.. كما يعطل العراق، احتفالاً بهذه المناسبة المجيدة، حيث تتوقف جميع الادارات والمؤسسات الحكومية والتعليمية عن العمل للمشاركة في هذه المناسبة.
&
وزير الدفاع: تحرير الموصل أقرب من متوقع الارهابيين وأشد هولاً عليهم
واكد وزير الدفاع خالد العبادي في كلمة بالمناسبة، أن الجيش تخطى المرحلة الصعبة وعاد من جديد يخطو نحو مستقبل واعد".. مشيرًا الى ان "نهج اعادة البناء والاصلاح وضرب الفساد والمفسدين سيستمر بوتيرة اعلى وبعزيمة امضى، على الرغم من عظم التركة وثقلها وضآلة الموارد المادية المتاحة".
&
واضاف ان معارك بيجي وتكريت والرمادي تمت بعقول وسواعد عراقية بامتياز، وان النصر لن يكتمل الا بعودة المهجرين والنازحين. واشار الى ان المعركة التي تخوضها البلاد وتدفع فيها فيضًا من الدماء ونزيفًا من الموارد هي معركة السيادة والكرامة العراقية.. مشددًا على ان السيادة العراقية لا تقبل المساومة أو الاجتهاد أو المجاملات السياسية.
&
ودعا العبيدي دول العالم الى "بذل جهود مضاعفة لدعم العراق وجيشه واقتصاده واعادة بناء المناطق المحررة وضرب الارهاب وحواضنه"، معربًا عن شكره لكل ما يقدمه الاصدقاء والاشقاء، وعلى رأسهم قوى التحالف الدولي، من دعم واسناد في الاستشارة والتدريب والتجهيز والدعم اللوجستي".
&
وشدد وزير الدفاع على ان معركة تحرير نينوى وعاصمتها الموصل من قبضة تنظيم داعش، والتي يسيطر عليها منذ عام ونصف عام، ستكون "اقرب مما يتوقعون واشد هولًا ما شهدوا ويشهدون"، في اشارة الى الجماعات الارهابية.
&
علاوي يطالب بتوفير مستلزمات النصر للجيش
وطالب رئيس إئتلاف الوطنية اياد علاوي بتوفير كل مستلزمات ومقومات النصر للجيش العراقي من تسليح وتجهيز وتدريب على العمليات النوعية الخاصة والجهد الاستخباري.
&
وقال في بيان صحفي تسلمته "إيلاف"، "سيبقى جيشنا الوطني، بملاحمه الوطنية ودفاعه عن الأمة مفخرة لكل الأجيال، تشهد على مجده سوح الوغى المعمدة بدماء آلاف الشهداء من أبنائه". واضاف "في هذا العام يعيد جيشنا المقدام بقياداته الميدانية وضباطه ومراتبه صورة النصر بأبهى حلله، وهو يمرغ بأوحال الهزيمة أنوف جرذان داعش في معارك الرمادي الخالدة، مثبتًا انه سور الوطن بوجه العاديات وساعده الذي لا يلوى في ساحات الشرف".
&
واضاف "اننا اذ نحتفل بهذه المناسبة الخالدة، يزيدنا فخرًا وفرحًا ان معركة تحرير الرمادي واخواتها وانتصارات جيشنا قد خيبت كل الرهانات الشريرة على عدم نهوض هذه المؤسسة العريقة من كبوتها التي اوقعها فيها المتآمرون والمتخاذلون او خلاصها من شراك الطائفية التي نصبها لها الموتورون".
&
وشدد علاوي على "ضرورة اعداد الخطط وتوفير كل مستلزمات ومقومات النصر من تسليح وتجهيز وتدريب على العمليات النوعية الخاصة والجهد الاستخباري".
&
الحكيم يدعو إلى تطوير القدرات التسليحية للجيش
ودعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم الى تطوير القدرات العسكرية والتسليحية للجيش العراقي. واعرب الحكيم في بيان اليوم "عن عظيم امتناننا للتضحيات الجسام التي يقدمها ابناؤنا في القوات المسلحة وهم يذودون عن حياض الوطن مع اخوانهم من الشرطة الاتحادية ومجاهدي الحشد الشعبي وابطال العشائر والبيشمركة".. داعياً الى "تطوير القدرات العسكرية والتسليحية للجيش".
&
معصوم: ضرورة بناء قوات مسلحة وتعزيز مهنيتها العسكرية
وفي رسالة الى العراقيين ومنتسبي الجيش، فقد اكد الرئيس فؤاد معصوم على أهمية تعزيز جهود بناء القوات المسلحة وتطويرها وتعزيز فاعليتها المهنية والتدريبية والتسليحية.
&
وقال معصوم انه في هذه المناسبة "نستعيد كل عام المآثر الوطنية البطولية للجيش العراقي والقوات المسلحة حيث تأتي هذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقيين في هذه الأيام التي يفخر بها الشعب العراقي بالانتصارات المهمة التي حققها مقاتلونا في مختلف قواطع العمليات في الحرب المقدسة التي نخوضها ضد الارهاب والتطرف، ودفاعاً عن حرية البلاد وكرامتها وأمن المواطنين وسلامهم واستقرارهم".
&
واضاف "لقد أكدت هذه الانتصارات أهمية تعزيز جهود بناء القوات المسلحة وتطويرها وتعزيز فاعليتها المهنية والتدريبية والتسليحية وبما يساعدها على مواصلة هذا الزخم البطولي في واحدة من أشرس المعارك التي يمكن أن يخوضها جيش منظم ضد عصابات ارهابية لا تفرّق بين مدني وعسكري ولا يردعها أي رادع عن ارتكاب الفظائع سوى أن تنال الجزاء الذي تستحق، وهو اجتثاثها نهائياً وتحرير البلد والانسانية من شرورها ووحشيتها".
&
واشار الى ان الانجاز الأهم المتحقق حاليًا هو استعادة الثقة بالجيش وبقدرته على تحقيق ما مأمول منه في حماية الشعب والمدن وتطهيرها من المجرمين.. وشدد على أهمية تعزيز القيم المهنية العسكرية في الجيش ليكون بمستوى وبمواصفات الجيوش في البلدان الديمقراطية، جيش لكل العراقيين ولحماية استقلال وسيادة البلاد.
&
النجيفي يدعو إلى جيش بعيد عن الطائفية والعرقية
وقال رئيس إئتلاف "متحدون" للاصلاح اسامة النجيفي إن هذه المناسبة تحمل دلالات كبيرة وعميقة في معناها وستظل شاخصة في عقول وقلوب العراقيين لتسجل بأحرف من نور في تاريخ العراق الحديث.
&
واضاف في بيان صحافي "لقد كسب الجيش العراقي ثقة شعبه باعتباره جيش الشعب العراقي بجميع قومياته ومذاهبه وبالأداء المتميز المتصف بالوطنية والمهنية والتضحية في سبيل أداء الواجب، وكان دائماً مع الشعب العراقي في نضاله من اجل التحرر، كما ساهم بشكل فعال في الدفاع عن قضايا الامة العربية، فاستحق التقدير والاعتزاز لتضحياته وفعله المميز".&
&&
ودعا النجيفي الى دعم وبناء الجيش بعيدًا عن الاعتبارات الطائفية والدينية والعرقية، وأن يتحقق التوازن الوطني الحقيقي في تشكيلاته كافة وإلى تقديم الرجال الأكفاء بعيدًا عن المحاصصة، وأن تتم محاربة الفساد وعدم إتاحة أية فرصة لتغلغل هذا المرض الخطير في صفوفه. وطالب المواطنين بدعم الجيش ومساندته عبر التطوع في تشكيلاته وإغنائها بدماء جديدة مخلصة وصولا إلى بناء جيش وطني قادر على مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه العراق، ومحاربة الإرهاب، وحماية مواطنيه من خطر وانفلات الجماعات المسلحة التي استهدفت المواطنين في دورهم وأماكن عبادتهم وأعمالهم. & &
&
تحالف القوى السنية: جيشنا قادر على دحر الارهاب
من جانبها، قالت الكتلة النيابية لتحالف القوى العراقية (السنية) إن العراقيين يستذكرون اليوم بمشاعر الفخر والاعتزاز البطولات الخالدة والانتصارات العظيمة التي حققها منتسبو الجيش في سفرهم الخالد في كل معارك الشرف والكرامة دفاعًا عن الوطن والامة ومقدسات العرب والمسلمين، "فكان لليوث العراق شرف المساهمة في كل المعارك العربية دفاعاً عن فلسطين الحبيبة".
&
واضاف رئيس الكتلة احمد المساري في بيان "ان الجيش العراقي الذي استطاع أن يحافظ على وحدة العراق ويصون سيادته وهويته العربية والإسلامية قادر بكل تأكيد على دحر كل أشكال الاٍرهاب والمخططات الشريرة". وقال "ها نحن نستقبل يوميا بشائر النصر على عصابات داعش الارهابية وتحرير مدينة الرمادي من دنسهم تمهيدًا لتحرير كامل التراب العراقي واعادة النازحين والمهجرين الى منازلهم وانهاء معاناتهم الطويلة وتحقيق الامن والاستقرار والعدل والسلام في ربوع الوطن".
&
جيش تتنازعه ولاءات داخلية وتجاذبات خارجية
وفي الوقت الذي يحتفل العراق بذكرى تأسيس جيشه الذي تشكلت نواته الاولى عام 1921 فإن آمال العراقيين تتطلع اليه لانقاذهم من خطر الارهاب الذي يضرب حياتهم وامالهم بقسوة، على الرغم من ان هذا الجيش يمر بمرحلة حرجة اثر انتكاسته في مدينة الموصل الشمالية، وبعدها في الرمادي، حين تمكن تنظيم "داعش" من دحره واحتلال المدينتين نتيجة ظروف تتعلق بطريقة بناء هذا الجيش الجديد وطبيعة ولاءات وكفاءة قياداته التي اتخذت منحى طائفياً وقوميًا لم يكن بعيدًا عن الفساد ايضا.
&
وسيرة الجيش العراقي منذ تأسيسه على مدى العقود التسعة الاخيرة تشير الى مشاركات وطنية في الحياة السياسية وادوار قومية في معارك العرب الخارجية، لكن هذه الادوار لم تخلُ من ممارسات تخريبية لقيادات تسلطت على شؤونه فقادته ومعه الشعب العراقي الى نكسات عسكرية وسياسية، لعل من اقساها احتلال العراق وحل جيشه عام 2003 ثم تعرضه للنكسة الاخيرة في مواجهة "داعش" في حزيران يونيو عام 2014. &&
&
وفي الوقت الذي يستعيد فيه الجيش قوته وعزيمته الآن من اجل التخلص من الارهاب، فإن مخاوف حقيقية تثار من اسلوب هيكليته وتسليحه وتدريبه. فقد توجه العراق الى اكثر من بلد خارجي ليقوم بتسليح جيشه وتدريبه، وهو امر سيؤدي الى تنوع في طرق الهجوم والدفاع التي سيسلكها في مهماته العسكرية، وبشكل قد يؤثر على كفاءته القتالية وأدائه العسكري.
&
ويشير مراقبون على الخصوص الى تناقضات تواجه الجيش العراقي، وحيث تتقدم المشهد الساعي الى اعادة بنائه وتسليحه الدولتان العدوتان ايران والولايات المتحدة الضالعتان حاليًا في قيادة وتقديم النصح والمشورة والمشاركة العملية في بعض مهماته.. وهو امر يقود الى تنازع الولاءات واساليب القتال في وقت يحتاج فيه العراق قيادة عسكرية وطنية مخلصة بعيدة عن أي ولاء حزبي أو طائفي أو قومي داخليًا ورافضة لأي تبعية خارجيًا خاصة وان العشرات من المستشارين الاميركيين قد وصلوا الى قواعد عسكرية عراقية يقابلها تدفق لقوات ايرانية على العراق يمثلها عناصر الحرس الثوري الايراني، الذين يقودون تشكيلات المتطوعين في الحشد الشعبي. & &&
&
ويؤكد المراقبون ان الجيش العراقي يواجه الان اوضاعًا وظروفًا تشبه تلك التي مرّ بها بعد حله عام 2003، حين تشكل جيش جديد تعددت فيه الولاءات والتدخلات الخارجية التي اعاقت اعادة تأسيسه على قواعد من الوطنية والكفاءة والحرفية، الامر الذي قد يخلق مشاكل مستقبلية جديدة تبقي هذا الجيش ضعيفًا خاضعًا لتجاذبات عدة تعوق مهمته العسكرية الاساسية.&
&
ويرتبط العراق حاليًا بمعاهدة التعاون العسكري الاستراتيجي الموقعة بينهما عام 2008 ثم وقع وزير الدفاع العراقي مع نظيره الايراني في طهران عام 2014 على وثيقة تفاهم تقوم القوات الايرانية بموجبها بتدريب نظيرتها العراقية.
&
الجيش العراقي.. سيرة مؤسسة وطنية حققت انتصارات ومنيت بنكسات&
تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني (يناير) عام 1921 في خطوة اولى نحو بناء الدولة العراقية الحديثة، وذلك حين تشكل فوج حمل اسم "فوج موسى الكاظم" في قاعدة عسكرية تقع في الكاظمية في ضواحي بغداد الشمالية يقوده ضباط سابقون كانوا يعملون في الجيش العثماني.
&
وتشكلت بعد تأسيسه وزارة الدفاع التي ترأسها الفريق جعفر العسكري، حيث بدأت بتشكيل الفرق العسكرية بالاعتماد على المتطوعين، فتم تأسيس الفرقة الأولى مشاة واصبح مقرها مدينة الديوانية الجنوبية، والفرقة الثانية مشاة ومقرها كركوك الشمالية.
&
وطيلة فترة عشرينات القرن الماضي الى منتصف الثلاثينات منه، حافظ الجيش العراقي على عسكريته من دون الدخول في المعترك السياسي حتى عام 1936، حيث اشترك في أول انقلاب عسكري بقيادة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي.
&
وقام الجيش بعد ذلك بدور بارز في الحروب العربية الاسرائيلية منذ عام 1948، وفي حرب حزيران 1967 وحرب تشرين 1973& وخاض حرب الثماني سنوات مع ايران عام 1980 ثم تضاعف حجمه وقوته اثر ذلك، ليبلغ عدده اكثر من مليون رجل، حيث صُنف رابع أكبر جيش في العالم من حيث عدد الأفراد، وكان يتشكل من 50 فرقة من القوات البرية.&
&
وأدخل النظام السابق الجيش العراقي بمغامرة غزو دولة الكويت في الثاني من آب (أغسطس) عام 1990، والتي انتهت بتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وإعلانها الحرب على العراق لتحرير الكويت وسُميت العملية بعاصفة الصحراء التي انهكت جيش العراق، وانتهت بفرض حصار اقتصادي على البلد.
&
وبعد احتلال القوات الأميركية للعراق وسقوط النظام السابق ربيع عام 2003، أعلن الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر حل ما تبقى من الجيش العراقي، وتم تشكيل جيش جديد مكون من 17 فرقة، لكل فرقة 4 ألوية، إضافة إلى قوات للبحرية والجوية. ثم تم تشكيل أول لواء في الجيش الجديد نهاية عام 2003 وهو اللواء الأول للتدخل سريع الذي يعتبر نواة الجيش الجديد الذي يبلغ تعداده حاليًا حوالى 350 الف عسكري. ومنذ ذلك الوقت يخوض الجيش حربًا ضد مجاميع مسلحة تخوض حرب عصابات.
&
ثم مني الجيش في حزيران (يوينو) عام 2014 بنكسة عسكرية كبيرة حين استطاع تنظيم الدولة الاسلامية احتلال مدينة الموصل الشمالية وتمدده منها الى محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك وديالى .. لكن الجيش وبدعم من تحالف دولي يضم حوالى 60 دولة عربية واجنبية يسعى حاليًا إلى استعادة قوته وتصعيد عملياته لتحرير الاراضي التي سيطر عليها التنظيم، ومنها مدينة الرمادي أخيراً، وحيث لاتزال المعارك مستمرة في اكثر من منطقة عراقية.