وافق نظام الأسد، تحت ضغط دولي، على إيصال المساعدات إلى مضايا الجائعة، بينما يفاوض عناصر حزب الله أهلها على إخراجهم مقابل شراء بيوتهم وأراضيهم بأثمان بخسة.
بيروت: أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في بيان الخميس تلقيه موافقة النظام السوري لإدخال مساعدات إنسانية في أقرب وقت إلى ثلاث بلدات سورية، بينها مضايا المحاصرة في ريف دمشق.
وجاء في البيان: "ترحب الأمم المتحدة بالموافقة التي تلقتها اليوم من الحكومة السورية بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مضايا والفوعة وكفريا، وتعمل على تحضير القوافل لانطلاقها في أقرب فرصة".
لم يبق شيء
نقلت الامم المتحدة عن تقارير موثوقة أن الناس يموتون جوعًا ويتعرضون للقتل في أثناء محاولتهم مغادرة مضايا التي يعيش فيها نحو 42 ألف شخص. وأوردت مثالًا من مضايا إذ قالت: "وردتنا معلومات في الخامس من كانون الثاني (يناير) 2016 تفيد بوفاة رجل يبلغ من العمر 53 عامًا بسبب الجوع، في حين أن أسرته المكونة من خمسة أشخاص ما زالت تعاني سوء التغذية الحاد".
وأضافت: "أرسلت آخر قافلة مشتركة بين الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مضايا في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2015، كما نفذت عملية إجلاء طبي في 28 كانون الأول (ديسمبر)، لكن تعذر الوصول إلى هذه المناطق منذ ذلك الحين".
وقالت مؤمنة (32 عامًا) من مضايا في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية: "لم يعد هناك ما نأكله، لم يدخل فمي منذ يومين سوى الماء، حتى بتنا نأكل الثلج الذي يتساقط علينا، أكلنا كل أوراق الشجر وقطعنا الجذوع للتدفئة، ونفد كل ما لدينا".
وتحاصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها قرى عدة في ريف دمشق منذ اكثر من سنتين، لكن الحصار على مضايا تم تشديده قبل نحو ستة أشهر، وهي واحدة من اربع بلدات سورية تم التوصل إلى اتفاق بشأنها بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لاطلاق النار وايصال المساعدات ويتم تنفيذه على مراحل عدة.
لم ينفّذ
بموجب هذا الاتفاق، تم في 28 كانون الاول (ديسمبر) إجلاء أكثر من 450 مسلحًا ومدنيًا من الزبداني ومضايا المحاصرتين في ريف دمشق، ومن الفوعة وكفريا الشيعيتين الخاضعتين لحصار فصائل معارضة في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد.
وكان من المقرر، وفق هذا الاتفاق، وبعد انتهاء عملية الاجلاء السماح بادخال مساعدات انسانية وإغاثية إلى البلدات المحاصرة، إلا أن الأمر لم ينفذ.
ودعت الأمم المتحدة في بيانها إلى إزالة العوائق من أمام إيصال المساعدات الانسانية، مؤكدة أنها "تشعر بالقلق إزاء محنة ما يقرب من 400 ألف شخص تحاصرهم اطراف النزاع في عدد من المواقع كمدينة دير الزور وداريا والفوعة وكفريا، فضلًا عن المناطق المحاصرة في الغوطة الشرقية".
وشدد البيان على أنه بالرغم من الطلبات المتكررة للوصول إلى تلك المناطق، "لم تتم الموافقة سوى على عشرة في المئة منها، بهدف إيصال المساعدات وتسليمها في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول اليها".
البيت مقابل الطعام
وكشفت وسائل الإعلام المختلفة بالصور مشاركة حزب الله جيش الأسد في إحكام الحصار على مضايا، الذي أدى إلى وفاة 11 شخصًا على الأقل بسبب الجوع، ووقوع الكثير من حالات الإغماء يوميًا.
وبحسب التقارير، بعد الإتفاق برعاية الأمم المتحدة ليسلم العناصر التابعة للجيش الحر في البلدة سلاحهم مقابل إدخال مواد غذائية إلى البلدة، نقض حزب الله والأمم المتحدة الإتفاق ولم تدخل أية مساعدات، ليسقط سكان البلدة موتى بسبب جوع مستمر، في حصار يحصد أرواح المدنيين هناك من النساء والأطفال وكبار السن.
والجديد في الأمر أنّ عناصر الحزب بدأوا نشر أخبار عبر سماسرة موالين للنظام من أبناء البلدة عن إمكان إخراج أي شخص من مضايا بشكل آمن مع عائلته مقابل بيع أرضه وكل ما يملك في القرية لعناصر الحزب حصرًا، وبمبالغ زهيدة، لا تتجاوز 800 ليرة سورية للدونم الواحد، في مناطق تعتبر هي الأغنى زراعيًا في سوريا، وسعرها يتجاوز السعر المعروض بعشرات المرات.
وخصص عناصر الحزب مناطق السهل التابع لمضايا وأراضي في الجبل الغربي لشرائها، إضافة إلى منازل في البلدة. وهذه المقايضة بدأت تنتشر منذ الأربعاء بين الأهالي، وهناك جدال بين السماسرة وأبناء القرية على عملية البيع مقابل الخروج الآمن وعدم تعرّض الأجهزة الأمنية لهم في تنقلهم في مناطق النظام. إلا أن أي عملية بيع لم تتم حتى الآن.
التعليقات