اشتكى مسؤولو مناطق عراقية سنية يحتلها تنظيم "داعش" من فشل قادة البيت السني في تلبية احتياجات ابناء مناطقهم بسبب التناحر والمناكفات، ودعوا إلى تغيير خطابهم وإلا مواجهة مخاطر أكبر من الارهاب، فيما قال رئيس البرلمان إن عملية الشروع بتحرير نينوى وعاصمتها الموصل قد اخذت وقتًا للتدريب واهلها بانتظار ساعة الصفر للمشاركة بتحرير ارضهم.

لندن: قال محافظ الأنبار صهيب الراوي، في كلمة له خلال افتتاح اعمال الملتقى التشاوري الثاني للمحافظات التي يحتل "داعش" أجزاء واسعة منها، وهي نينوى الشمالية وصلاح الدين والأنبار الغربيتان، في اربيل اليوم، لبحث اكمال تحريرها، وتابعتها "إيلاف"، إن العراقيين الذين عانوا عقودًا من الحروب والحصار كانوا يتطلعون إلى مستقبل افضل لكن هذا المستقبل اصبح مجهولاً بالنسبة لهم بسبب اوضاعهم المأساوية الصعبة الحالية.

وأضاف ان العراق يوجد من بين دول العالم الاكثر فسادًا ويعاني الفشل في كل شيء.

البيت الشيعي من فشل إلى فشل

وأكد الراوي ان البيت الشيعي العراقي ينتقل منذ عملية التغيير عام 2003 من فشل إلى آخر بسبب علاقات مسؤوليه والفوضى العارمة التي تطغى عليه والمناكفات القاسية والعقلية التي تحكم المحافظات السنية.
وشدد على ضرورة تغيير الخطاب السني والا فإن المكون السني سيواجه كوارث دموية اكثر خطورة من مرحلة مواجهة الارهاب وسيطرة "داعش" على مناطقه".

وأشار إلى أنّ المجتمع في المناطق السنية المحتلة متعثر ويعيش اوضاعًا صعبة ومعقدة، وقال: "في محافظتنا اليوم لدينا مجتمع متعسكر وشبابنا اما مذبوح لانه واجه داعش أو ذباحًا يقف على جثث قد قام بقطع رؤوسها أو صورة أخرى تقدمه وهو يفكك العبوات ناسفة او صورة له وهو يدفن اهله واصدقاءه، وهذه هي احاديثنا على مدار الساعة".

وحذر محافظ نينوى قائلاً انه "منذ عام 2003 والسنة في العراق يسيرون من فشل إلى فشل، ومن كارثة إلى أخرى". وأكد على ضرورة دخول البيت الشيعي مرحلة اخرى بولادة جديدة بعد خيبات في الحراك منذ عام 2003.

اما رئيس مجلس محافظة نينوى التي يسيطر "داعش" على عاصمتها الموصل، بشلر لبكيكي، فقد انتقد ضعف الاجراءات المتخذة لتحرير مناطق المحافظة وعدم تقديم الدعم الكامل لتحقيق هذا الهدف. وأشار إلى أنّه كان من الاجدر البدء بتحرير هذه المناطق قبل غيرها لتكون عمليات استعادة المناطق الاخرى في بقية المحافظات اسرع.

ودعا إلى تعزيز النظام اللامركزي في العراق، وأشار إلى أنّه قد مضت سنة ونصف السنة على احتلال داعش للموصل ومازلت 60% من أراضي المحافظة تحت قبضة التنظيم.. منتقدًا عمليات الاستعداد لتحريرها بالقول: "لا توجد محاولات جدية للإسراع في تحرير بقية مناطق المحافظة". وشدد على ضرورة منح ابناء نينوى دورًا اساسيًا في تحرير محافظتهم وتعزيز اللامركزية والتفاهم والتعاون بين الحكومة الاتحادية والمحلية وإقليم كردستان.

وأشار إلى أنّ حكومة نينوى المحلية تعمل على تخفيف ازمة النازحين، لكن المركزية المقيتة هي المسيطرة في هذا الجانب محذرًا من ان كل يوم يتأخر فيه التحرير يكون على حساب المحاصرين ومعاناتهم.
واشتكى الكيكي من مواجهة سكان نينوى لتحديات قاسية تتمثل باعادة التماسك الاجتماعي بينهم، مشيرا إلى السعي للاستفادة من خبرات المجتمع الدولي في هذا المجال.

رئيس البرلمان: أبناء نينوى ينتظرون ساعة الصفر لتحريرهم

ومن جهته، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إن عملية الشروع بتحرير نينوى وعاصمتها الموصل التي يحتلها "داعش" منذ منتصف عام 2014 قد اخذت وقتًا للتدريب واهلها بانتظار ساعة الصفر للمشاركة بتحرير ارضهم . وشدد على ضرورة الشروع بنزع السلاح وحصره بيد الدولة بعد الخلاص من داعش الارهابي مؤكداً ان العراقيين بانتظار تحرير مدنهم من داعش في القريب العاجل.

وأشار إلى أنّ العراق ليس لديه وقت إضافي لإنجاز ملف التحرير اكثر من عام 2016، وقال "لقد تجاوزنا المرحلة الأصعب في المعركة وها نحن اليوم على مشارف تحرير أراضٍ جديدة في صلاح الدين و الأنبار ونينوى والمعنويات تزداد يومًا بعد آخر والامل والتفاؤل يملأ قلوبنا في ان نتقدم إلى مزيد من الإنجازات".

وأضاف أن عملية الشروع لتحرير نينوى قد أخذت وقتها في التنظيم والترتيب والتدريب، واهل نينوى مستعدون لمؤازرة القوات المحررة وهم ينتظرون انطلاق ساعة الصفر كي يندمجوا في هذا الجهد ويؤازروه،& وكل ذلك مشروط بحجم الايمان بالتماسك والتكاتف وترك الخلافات والمشاكل الجانبية وإغفال المصالح الشخصية والحزبية والفئوية وتغليب مصلحة البلد.

حسم الخلافات السياسية والادارية

وأشار الجبوري إلى أنّه قد حان الوقت لان تحسم كل الخلافات الإدارية والسياسية في المحافظات تحت قاعدة التراضي على مصلحة الشعب والتوافق على الحلول التي تجمع ولا تفرق وتجعل من الكتل السياسية جميعها في مواجهة التحديات من خلال الاشتراك والتشارك في مسؤولية القرار والنتائج، ومن جانب آخر نحن حريصون على بناء علاقات جيدة وحسنة ومتوازنة مع جميع دول المنطقة والعالم بعيدًا عن سياسة المحاور.. وقال: "لا نقبل بأي حال التدخل بشؤون العراق كما لا نرضى لأنفسنا أن نتدخل بشؤون احد، ومن يساعدنا على القضاء على داعش لن نرد مساعدته، ولكن في إطار احترام سيادة العراق".

ودعا إلى دعم تسليح وتجهيز العشائر ضمن إطار المؤسسة الحاضنة، وهي مؤسسة الحشد لضمان السيطرة والتحكم في ان يكون السلاح في إطار الدولة وتحت حماية القانون ولكل العراقيين كوسيلة للدفاع عنهم لا ارهابهم وتخويفهم.. وشدد على ضرورة العمل على نزع السلاح سريعًا بعد الخلاص مِن "داعش"، لأن أي تأخير في ذلك سيكون خطرًا، ولابد من الإعداد لذلك مبكرًا، فالمواطن يريد أن يشعر بالامن في ظل مؤسسة الأمن لا أن يفقده وميزان ذلك عنصر التحكم، وهو ان يتوحد القرار الأمني بيد القائد العام للقوات المسلحة من اجل ان تتوزع المهام ولا تتقاطع وتتكامل الجهود ولا تتدافع.

الخروج من نفق الأزمة

وأضاف الجبوري: أنّ الاوان للخروج من نفق الازمة عبر بوابة المصالحة الوطنية الشاملة التي استكملت أركانها ومبرراتها، ولم يبقَ منها الا البدء في هذا المشروع التاريخي الكبير.. ودعا كل الكتل السياسية للإسراع بتقديم اوراقها ومقترحاتها للجنة المصالحة الوطنية واللجنة التي تشكلت في رئاسة الجمهورية للعمل على الخروج بصيغة نهائية ومتكاملة يمكن تقديمها كمشروع قانون إلى البرلمان تحت عنوان ( قانون المصالحة الوطنية الشامل ) للعمل على إقراره في الفصل التشريعي القادم.

وعن مشكلة النازحين الذين قارب عددهم الاربعة ملايين شخص، أشار الجبوري إلى أنّ هذه المشكلة قد فاقت الوصف ولم يتبقَ الكثير من الخيارات للانتظار.

وحذر بالقول: "نحن على موعد لمزيد من الصعوبات مع دخول فصل الشتاء، ولا بد من العمل على انهاء وجود المخيمات لأنها لم تعد صالحة للسكن في أي حال من الأحوال، وهذا يعني أننا بحاجة إلى الإسراع بإرجاع من تحررت مناطقهم من جهة، وهو ما بدأنا به فعليًا في جلولاء والسعدية، واتفاقات أخرى على مناطق من صلاح الدين وديإلى، وعلى سبيل المثال فإنه في هذه الساعة التي نلتقي فيها تعود اكثر من 600 عائلة في منطقة جلولاء وستستمر هذه الوتيرة خلال الفترة القليلة القادمة حتى تعود آخر عائلة في جميع مناطق ديإلى، ومن جانب آخر لابد من العمل على إيجاد مناطق السكن لبقية سكان المخيمات، ومن بينها المجمعات المتوفرة في بعض المناطق المستقرة والاستفادة من مناطق أخرى لم يعد إليها اهلها لأي سبب كان، وبالتنسيق مع ملاك هذه المساكن&ريثما تتحرر مناطق أخرى تستوعب عددًا جديدًا من النازحين وكل هذا يستلزم دعمًا حكوميًا ودوليًا استثنائيًا لضمان عدم تكرار حالات الوفيات في مخيمات النزوح في فترات الامطار والبرد الشديد".

وأكد أهمية العمل على مواجهة مشاكل الثأر الناتجة عن مرحلة "داعش" برعاية الدولة للسلم المجتمعي والصلح والمواثيق العشائرية لتلافي التفكك الذي ستحدثه هذه الثارات والخلافات.. وطالب بضرورة صرف رواتب جميع موظفي المناطق المحتلة وإطلاقها، "لانه من غير من المعقول ان نعاقب اهلنا في هذه المناطق، وهم يواجهون ظلم داعش ووحشيتها، ومن هنا ادعو الحكومة إلى سرعة صرف هذه الاستحقاقات الواجبة لهم على الدولة فهم ابناؤها ورجالها".

ويبحث الملتقى سبل التنسيق والتعاون المشترك في التصدي للارهاب واستكمال استعادة المحافظات الثلاث من سيطرة تنظيم "داعش" مع اتخاذ كل الاجراءات التي تجنب المدنيين الابرياء مخاطر العمليات العسكرية.

كما يناقش آليات تحقيق السلم الاهلي بعد استعادة المناطق والتعاون والتنسيق لاعمار المحافظات الثلاث، وتحقيق التكامل الاقتصادي، وتشجيع المستثمرين لتحقيق التنمية ودراسة معاناة النازحين والسعي لحل مشكلاتهم واغاثتهم وكيفية تذليل الصعاب التي تواجههم.