القدس: تستهدف الحكومة الاسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو المنظمات غير الحكومية الاسرائيلية التي تدافع عن حقوق الانسان وتعارض الاستيطان، من خلال مشروع قانون قد يثير التوتر مجددا مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.

ويتعرض مشروع القانون والحملة اليمينية، لمنظمات معروفة ومعترف بها دوليا. فمنظمة السلام الآن تنادي بانشاء دولة فلسطينية وتتصدى للاستيطان. وتوثق "بتسيليم" انتهاكات حقوق الانسان في الاراضي المحتلة. وتندد حركة "اكسروا الصمت" بالتجاوزات التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي بحق الفلسطينيين.

هذه المنظمات وسواها التي توجه انتقادات حادة للاحتلال والاستيطان الاسرائيلي، تتعرض منذ اشهر لهجمات قاسية وتتهم بأنها تشكل "طابورا خامسا" ضد اسرائيل.

احيت حدة الهجوم لدى البعض ذكرى مناخ الكراهية الذي ساد قبل عشرين عاما عندما اغتال يهودي يرفض السلام مع الفلسطينيين رئيس الوزراء اسحق رابين.

ويشكل مشروع قانون لوزيرة العدل ايليت شاكيد من حزب "البيت اليهودي" القومي الديني والمؤيد للاستيطان، تهديدا لهذه المنظمات في الوقت الراهن.

هذا المشروع الذي اعتمدت عليه الوزيرة شاكيد قبل ان تدخل في 2015 احدى الحكومات الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل، ينص على ان تذكر المنظمات غير الحكومية التي تحصل على اكثر من نصف تمويلها من حكومات اجنبية، ذلك في كل تقاريرها الرسمية، وعلى ان يرتدي مندوبوها اشارة مميزة في البرلمان.

- "جريمة نكراء"-

ولا يميز مشروع القانون بين المنظمات غير الحكومية، لكن المنظمات المعتبرة يسارية هي المعنية اكثر من سواها على ما يبدو. فالمنظمات غير الحكومية التي تؤيد الاستيطان تحصل على دعم الهيئات المانحة الخاصة، ولاسيما الاميركية منها، مثل ايرفين موسكوفيتز التي تمول شراء منازل لليهود في القدس الشرقية، اي الجزء الفلسطيني من القدس الذي احتلته اسرائيل وضمته.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت انات بن نون، المسؤولة في حركة السلام الان، ان مشروع القانون "جريمة نكراء ضد الديموقراطية". واضافت "بحجة الشفافية، تحاول الحكومة ان تنزع الصفة القانونية عن كل شخص لا يتفق منعها".

وتذرعت وزيرة العدل في الواقع بالحاجة الى "الشفافية والوضوح". واضافت ان "الدبابات ليست التهديدات الوحيدة التي تلقي بثقلها على بلادنا"، كما كتبت في مقالة مطلع كانون الثاني/يناير. واضافت ان "التهديد الحقيقي يكمن في تدخل بلد آخر في شؤونك الداخلية".

وهذا لا يعني "في اي حال من الاحوال" تقييد انشطة المنظمات غير الحكومية، لكن اسرائيل اكتشفت ان "مئات ملايين الدولارات ارسلت الى منظمات غير حكومية في اسرائيل، من قبل بلدان تسعى الى انهاء الخلاف بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية".

- عملاء مندسون-

إلا ان الولايات المتحدة لم تعمد الى النأي بنفسها عن المسألة. فقد قامت سفارتها الاثنين بمبادرة استثنائية قضت باصدار بيانين بعد لقا بين السفير دان شابيرو ووزيرة العدل الاسرائيلية، للاعراب عن القلق الاميركي ورفض اي مقارنة مع قانون اميركي موجود.

وابلغ سفير الاتحاد الاوروبي لارس فابورغ-اندرسن وزيرة العدل الاسرائيلية مباشرة قبل اسابيع بما معناه ان اسرائيل قد تصبح مثل انظمة استبدادية تبنت قوانين مماثلة، كما ذكر مصدر دبلوماسي.

والتقت شاكيد الخميس جميع مندوبي الاتحاد الاوروبي في تل ابيب وناقشت معهم هذا الموضوع.

وقدم لها بنيامين نتانياهو الذي لزم الصمت حتى الان، دعما علنيا. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ان مشروع القانون "لا يتنافى مع الديموقراطية". واضاف "عندما ترون تجاوزات المنظمات غير الحكومية هنا، فان اقل ما نريده هو الشفافية".

وستتم مناقشة المشروع قريبا في البرلمان. ويأمل الاميركيون والاوروبيون ان يتم تعديله محذرين من اشاعة مناخ من التنكيل.

وفي شريط فيديو بث على الانترنت، اظهرت منظمة "ايم تيرتزو" (اذا كنت تريده) اليمينية، فلسطينيا يلوح بسكين ثم صور ناشطين اسرائيليين، مع الكلمات التالية: "قبل يطعنك، يعرف الارهابي التالي" ان هؤلاء الناشطين "العملاء المندسين" للخارج، سيحمونه امام القضاء الاسرائيلي. وخلص النص الى القول "انهم يحاربوننا بينما نحن نحارب الارهاب".

وردت منظمة "صندوق اسرائيل الجديد" التي تدعم عددا كبيرا من المنظمات اليسارية، عبر ملصقات وشريط فيديو يمثل اسحق رابين مع هذه العبارة "عميل اجنبي اهتم اليمين بأمره".