الحدلات: يبستم الثلاثيني عبد الهادي بارتياح لدى عبوره مع أطفاله الستة الحدود السورية الى الاردن بعد ثلاثة أشهر من الانتظار المؤلم قرب الحدود، فيما لا يزال آلاف آخرون ينتظرون دورهم في الصحراء للعبور.

ولا يعلم عبد الهادي (39 عاما) الى أين سيتجه، الا انه لا يخفي شعوره بالفرح مع اطفاله الستة، بينما يتم تفتيش امتعته من قبل حرس الحدود الاردني.

ويقول هذا السوري الذي فقد زوجته قبل عدة اشهر في غارة للجيش السوري على قرية الشيخ مسكين في درعا (جنوب سوريا) لفرانس برس "كنت اعتقد انني سأعيش وأموت في بلدي، لكن الظروف باتت مأساوية خصوصا بعد مقتل زوجتي، لم يبقى لي هناك ما يستوجب بقائي".

وعبد الهادي كان عالقا مع مئات السوريين الآخرين بين تلتين من السواتر الترابية تحولت المنطقة بينهما الى منطقة محايدة بين سوريا والاردن قرب معبري الحدلات والركبان الحدوديين اقصى شمال شرق المملكة، وهما النقطتان الوحيدتان المفتوحتان امام عبور اللاجئين.

وبسبب المخاوف الامنية خفض الاردن عدد نقاط العبور للاجئين القادمين من سوريا من 45 نقطة في العام 2012 الى خمس نقاط شرق المملكة في العام 2015، ثلاث مخصصة للجرحى فيما خصصت الركبان والحدلات لعبور اللاجئين.

ويقبع نحو 1300 سوري، أقل حظا من عبد الهادي، منتظرين دورهم للعبور من منطقة الحدلات، فيما علق نحو 15 الفا اخرين بمنطقة الركبان، بحسب ما اوضح قائد حرس الحدود العميد صابر المهايرة.

ويضيف المهايرة انه مع "ازدياد كثافة القتال" في سوريا خصوصا منذ بدء التدخل الروسي في ايلول/سبتمبر الماضي ارتفع عدد السوريين الراغبين بالفرار الى الاردن.

وقد اعلنت الحكومة الاردنية الاسبوع الماضي ان عدد العالقين قرب الحدود ارتفع من بضع مئات قبل ثلاثة أشهر الى 16 الفا، داعية المنظمات الانسانية الى تقديم العون لهم.

ويؤكد عبد الهادي انه لدى وصوله قرب الحدود في تشرين الاول/اكتوبر الماضي "لم يكن هناك اناس كثيرون ولم يكن لدينا ما يقينا البرد والامطار".

واضاف ان "الجيش الاردني زودنا بالطعام والشراب والبطانيات وادوات لبناء الخيام، وقبل شهر او اكثر بقليل زودتنا المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالخيام".

وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان حضتا مرارا الاردن على السماح لهؤلاء بالعبور فورا الى المملكة.

ولكن عمان التي تولي المخاوف الأمنية جل الاهتمام خشية تسلل عناصر ارهابية الى المملكة لم تستجب لتلك الدعوات، فيما اكد المهايرة ان "الجانب الأمني يتقدم على الجانب الانساني" في التعامل مع اللاجئين السوريين.

وتقول المملكة انها تستضيف 1,4 مليون سوري منذ اندلاع الازمة في سوريا في آذار/مارس 2011، فيما سجلت المفوضية نحو 630 الف لاجئ سوري.

وقال المهايرة انه "منذ بداية الازمة استقبلنا اللاجئين السوريين الفارين خصوصا من جنوب سوريا، لكننا الان نستقبل فارين من شمال سوريا ومن مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية".

ويضيف ان على الدول الاقرب الى تلك المناطق كلبنان وتركيا استقبال الفارين منها.

واوضح المهايرة ان الجيش "اكثر حذرا" وذلك بهدف "منع تسلل عناصر متطرفة" مشيرا الى اعتقال الجيش شخصين مؤخرا يشتبه بانهما من الجهاديين كانا بين اللاجئين.

- المرحلة الاولى-

عبور اللاجئين السوريين الحدود بين سوريا والاردن ما هو الا مرحلة اولى في رحلة حياتهم الجديدة.

ويقول رياض (23 عاما)، من درعا، والذي نجح في العبور الخميس من منطقة الحدلات الى الاردن بعد "83 يوما صعبا" من الانتظار وهو ينفض الغبار عن ملابسه "كنت احلم بانهاء سنتي الدراسية الاخيرة في الجامعة لكن الوضع الامني جعل ذلك مستحيلا".

أما حسن الذي وصل مع زوجته واولاده الخمسة الى الاردن "بعد رحلة صعبة جدا" فقد دفع لمهربين 100 الف ليرة سورية (نحو 400 يورو) عن كل شخص ليصل الحدود.

وقال حسن بينما كان يتوجه الى مركبة عسكرية اردنية تقله الى حيث يخضع للتدقيق الامني ويجرى له فحص طبي "نحن نبحث عن مستقبل افضل لاطفالنا، وصولنا الاردن خطوة اولى".