هيمن الاقتصاد على المباحثات بين الجارين المغاربيين تونس والجزائر، خلال الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية للجزائر.


عبد الحفيظ العيد من الجزائر: أعلنت الجزائر وتونس تعزيز تعاونهما الأمني لمواجهات التحديات التي تعرفها المنطقة، إضافة إلى إعطاء دفع جديد للشراكة الاقتصادية بين البلدين الجارين، وقرر البلدان عقد اللجنة المشتركة العليا الجزائرية-التونسية أواخر شهر فبراير المقبل.

وجاء هذا التأكيد أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إلى الجزائر،&والتقى خلالها&كبار المسؤولين في الدولة، في مقدمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول عبد المالك سلال.

أول زيارة

وتعد هذه الزيارة أول جولة خارجية للشاهد منذ تقلده رئاسة الحكومة في بلاده.&

وقال الشاهد إن "اختياري لكي تكون أول زيارة لي خارج تونس كرئيس للحكومة إلى الجزائر تأكيد على أهمية هذه العلاقات".&

وحرص رؤساء الحكومة التونسيون بعد ثورة الياسمين على أن تكون أول جولة لهم خارج البلاد إلى الجزائر للتأكيد على متانة العلاقات بين البلدين.&

ويرجع الكاتب الصحافي أمين لونيسي، المهتم بالشؤون المغاربية، ذلك إلى عدة أسباب، لكن حصرها بالدرجة الأولى في الجانبين الأمني والاقتصادي.

قال لونيسي لـ"إيلاف" إن "توجه جل رؤساء الحكومات ما بعد خلع نظام بن علي يعكس حاجة تونس ما بعد ثورة 2011 المتزايدة إلى الجزائر في سياق فضاء إقليمي مضطرب، فالبلدان يتقاسمان الفضاء الجغرافي المشترك، وبالتالي التحديات الأمنية والتهديدات مشتركة نظرًا لتجربة الجزائر الكبيرة في مجال مكافحة الإرهاب".

وأضاف "أما السبب الاقتصادي فيكمن في طبيعة الدعم المالي الممنوح من الجزائر، بعد ما تعرض له اقتصادها من نكسات وإفلاس، حيث تلقت مساعدة وقرضًا عقب ثورة 2011 من الجزائر، كما لم تجد سوى الجزائريين أيضًا لإنعاش موسم السياحة".

علاقات استثنائية

بالنسبة ليوسف الشاهد، فإن هذه الزيارة تأكيد على حرص تونس على &للمحافظة على الطابع "الاستثنائي" الذي يميز العلاقات بين البلدين.&

وقال إن تونس "تسعى إلى الدفع بهذه العلاقات والمحافظة على مستواها الاستثنائي".&

وصرح الشاهد للصحافة، عقب استقباله من طرف الرئيس الجزائري، قائلاً: "تشرفت بمقابلة الرئيس بوتفليقة وأبلغته رسالة صداقة من أخيه الرئيس باجي قايد السبسي، وأطلعته على فحوى الزيارة والمحادثات التي تمت خلالها".&

وأوضح أن من بين أهم المواضيع التي تم التطرق إليها خلال الزيارة "مدى تقدم التعاون الأمني والعسكري في مكافحة الإرهاب، وكذا التعاون الاقتصادي والتجاري، وكيفية الارتقاء به إلى مستويات أرفع".&

وأضاف: "أكدت للرئيس بوتفليقة أن حكومة الوحدة الوطنية في تونس ستدفع بمزيد من تعاونها مع الجزائر".

وأردف يقول إن العلاقات القائمة بين البلدين "استثنائية وسندعمها بمزيد من القوة &للارتقاء بها إلى مستوى أفضل".

أما عبد المالك سلال فقد وصف التعاون الأمني القائم بين بلاده وتونس بـ"القوي"، وقال بشأنه "سنستمر فيه أكثر فأكثر مستقبلاً".

ويرى أمين لونيسي أن "تعزيز التعاون الأمني أمر لا مفر منه في ظل ما تعيشه الجارة ليبيا من محاولات تمدد تنظيم داعش الإرهابي، وما تتعرض له مالي والنيجر من تهديدات بوكو حرام والقاعدة، وحركات مسلحة أخرى، وهو ما جعل حكومتي البلدين تتفقان على التوقيع قريبًا على اتفاق أمني مشترك".

غير أن لونيسي يعيب على الطرف التونسي ما يعتبره "الدبلوماسية التونسية المتراخية في قضية سيادية بالنسبة للجزائر، منها عدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية من قوى غربية".

وأوضح أن أي "خطوة من تونس في هذا الطريق يعرض أي اتفاق صلب إلى تحديات، لا سيما بعد حصول تونس على لقب حليف للناتو العام الماضي، وهو ما اعتبر "طعنة في الظهر" للحليف الجغرافي".

موعد فبراير

اتفق البلدان على أن يكون فبراير المقبل موعداً&لاجتماع اللجنة المشتركة العليا الجزائرية-التونسية التي ستجتمع بتونس، والتي تجتمع سنويًا بالتبادل كل عام في احد البلدين.

وقال الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال إن "حصيلة العمل التعاوني بين البلدين ستتوج أواخر فبراير 2017 باجتماع اللجنة المشتركة العليا بتونس".

وأشار إلى أن هذا الاجتماع "سيؤكد أن التعليمات التي قدمها الرئيس بوتفليقة قد ترجمت في الميدان بأشياء جديدة تعود بالخير على البلدين".

واعتبر سلال أن زيارة الشاهد الى الجزائر في أول جولة له إلى الخارج مؤشر على "قوة العلاقات الثنائية" التي تربط االبلدين.

وأعلن أن البلدين "سيدعمان العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي أكثر فأكثر مع الارتقاء بالعلاقات التجارية إلى تعاون اقتصادي بين رجال الأعمال من خلال مشاريع تخدم البلدين".&

ولفت سلال إلى أن عدد السياح الجزائريين المتوجهين إلى تونس سيصل نهاية العام الجاري إلى نحو 1,5 مليون سائح، ما يجعل الجزائر الأولى من حيث عدد السياح الذين يقصدون تونس.

وقال سلال إن ذلك "يعكس حقيقة التضامن الجزائري مع تونس".

لكن أمين لونيس أعاب في حديثه مع "إيلاف" على الطرف الجزائري "عدم تعامله في سياق التعاون الاقتصادي بين البلدين بمبدأ الندية وقاعدة رابح رابح، بدليل حجم رقم أعمال التعاملات التجارية والاستثمارات التونسية المتواضعة في الجزائر".