تناولت الصحف العربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، الهدنة الأخيرة بمدينة حلب السورية، التي كانت قد حددتها الحكومتان الروسية والسورية بعشر ساعات وانتهت دون خروج أي من المسلحين من المدينة، إضافة إلى ردود الفعل على القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود وتحرير سعر صرف الجنيه. تحت عنوان "صمت سياسي أمام ميدان حلب: 'الهدنة' الروسية بلا 'مهادنين"، عرضت صحيفة الأخبار اللبنانية تقييما للهدنة في مدينة حلب السورية، خلصت منه إلي أن تلك الهدنة "لم تخرج بجديد عن سابقاتها خلال الشهر الماضي، إذ بقيت المعابر خالية من العابرين، ولم يغادر الأحياء الشرقية أي مدني أو مسلّح، في خلال ساعات التهدئة العشرة". وأضافت الصحيفة: "بعد نحو عشرين يوماً على بدء مبادرات التهدئة الروسية في مدينة حلب، وبرغم ما تخللها من معارك عنيفة في محيط أحياء المدينة الغربية إثر هجوم مجموعات (جيش الفتح)، انكفأت التصريحات السياسية حول المدينة بشكل شبه كامل. ومع انتهاء (الهدنة) الجديدة، وفشل معارك (الفتح) في تحقيق أهدافها المرحلية، لا يبدو أن الدبلوماسية ستكون حاضرة إثر الإعداد لمعارك كبيرة داخل المدينة وريفها". ويقول سعد الله مزرعاني في مقاله المنشور في صحيفة الأخبار اللبنانية إن "الشعب السوري هو الأكثر تضرراً بأشكال تزداد مأساوية. لكن الأزمة السورية تهدد، بمخاطر عديدة وغير متوقعة، العالم بأسره!". ويري الكاتب أن التناقض الأمريكي الروسي بشأن الأزمة السورية لعب دوراً أساسياً في إطالة أمد هذه الأزمة إلى ما يزيد، حتى الآن، على خمس سنوات ونصف السنة. فبقيت الأزمة - حسب قول الكاتب - بين "سعي روسيا إلى استعادة دورها ونفوذها الدوليين، بما يخدم ويرسِّخ سلطتها الداخلية أيضاً، وبين السعي الأمريكي إلي "تحقيق أهداف استراتيجية دولية عامة، وتسديد فواتير إقليمية (لحلفائها العرب والأتراك)، وتقديم دعم جديد وفعّال للعدو الصهيوني". ويقول محرز العلي في صحيفة الثورة السورية "إن انتهاء هذه الهدنة دون حدوث تقدم ودون الاستفادة من الفرص التي تتيحها بسبب تعنت التنظيمات الإرهابية ورفضها السماح للمدنيين والجرحى بالخروج من أحياء حلب الشرقية سيضع الأمور في مفترق طرق خطير، حيث سيكون من الصعب توفير هدن جديدة، ما يجعل الدولة السورية وحلفاءها مضطرين على حسم الأمور عسكرياً لإنقاذ المدنيين من جهة، وتطهير حلب من رجس التكفيريين من جهة أخرى". وتري لميس عودة في نفس الصحيفة إن "التهدئة فرصة أخيرة أُسقطت في أيديهم وأيدي من يدعمهم، وأي خرق لها سيتحملون تبعاته" في إشارة إلي تنظيمات المعارضة المسلحة في سوريا. صحيفة السفير اللبنانية طرحت أسئلة "ملحة" عما بعد الهدنة: "ماذا بعد انتهاء هدنة حلب؟ ماذا سيليها في السياسة وفي الميدان؟". وقالت الصحيفة إن "انتهاك الفصائل للهدنة المعلنة لم يكن وليد الأمس. مرّت على حلب سلسلة من عمليات القصف والعربات المفخّخة التي ضربت الأحياء الغربية خلال الأيام الماضية، وانتهت بسقوط مئات الضحايا المدنيين، وعشرات القتلى في صفوف المسلحين. الهدنة التي استمرّت عشر ساعات هدفت الى إجلاء الراغبين من مقاتلين ومدنيين من الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة عبر ثمانية معابر، خُصّص منها معبران أساسيان هما الكاستيلو والخير - المشارقة لخروج المقاتلين". حاولت الصحف المصرية بث رسائل تطمينية بعد الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة برفع أسعار الوقود وتحرير سعر صرف الجنيه المصري في مقابل الدولار الأمريكي. صحيفة الجمهورية أبرزت تصريح رئيس الوزراء بأن هناك "قرارات قادمة لصالح المواطن وجذب الاستثمار". ويقول فاروق جويدة في مقاله بصحيفة الأهرام أن القرارات الأخيرة هي "بداية ثورة حقيقية علي البيروقراطية المصرية العتيقة". ويري السيد البابلي في نفس الصحيفة أن "توقيت إصدار هذه القرارات يبعث علي القلق لأنه يأتي متزامنا مع دعوات غامضة لإثارة القلاقل والفتن بزعم الانحياز للغلابة أو الثورة من أجلهم". لكن خالد سيد أحمد بمقاله في صحيفة الشروق يحذر من أن "الرهانات علي بقاء مكنون الغضب حبيسا في الصدور ستكون صعبة وخطرة ... لأن الشعب وقتها سيكتشف أن الحكومة لم تقرر تعويم الجنيه فقط ، بل رميه في البحر وهو لا يجيد السباحة". ويدعو الكاتب الدولة إلي "رفع القيود التي تفرضها علي المجال العام وإطلاق الحريات وعدم قمعها والسماح بتعدد الأراء المعارضة وأن تتخلص من محاولات استعادة دولة الصوت الواحد التي انتهت تقريبا في كل بقاع العالم"."مكنون الغضب لن يظل حبيسا"
- آخر تحديث :
التعليقات