بيروت: فر اكثر من خمسين الف شخص من مناطق سيطرة مقاتلي المعارضة في شرق حلب حيث الحصار والقصف والدمار وانقطاع شبه تام للكهرباء والانترنت، في وقت يعقد مجلس الامن الدولي الاربعاء اجتماعا لبحث الوضع المتدهور في المدينة السورية.
وواصلت قوات النظام هجومها على الاحياء الشرقية بعد التقدم السريع الذي احرزته بسيطرتها منذ السبت على كامل القطاع الشمالي، وقتل الاربعاء 30 شخصا نتيجة تبادل القصف في المدينة.
في باريس، اعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الاربعاء ان اجتماعا يضم الولايات المتحدة ودولا اوروبية وعربية "ترفض منطق الحرب الشاملة" في سوريا، سيعقد في العاشر من ديسمبر في العاصمة الفرنسية.
وغداة تحذير مسؤولة في الامم المتحدة من "انحدار بطيء نحو الجحيم" في شرق حلب مع تدهور الوضع الميداني، احصى المرصد السوري خلال اربعة ايام فرار خمسين ألف نازح من شرق حلب، بينهم عشرون ألفا الى الاحياء الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، وثلاثون ألفا الى حي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الاكراد.
وكان عدد سكان شرق حلب قبل بدء الهجوم اكثر من 250 الفا يعيشون في ظل حصار خانق تفرضه قوات النظام منذ تموز/يوليو ويعانون من نقص حاد في الغذاء والكهرباء والادوية.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بافل كشيشيك لوكالة فرانس برس الاربعاء "هؤلاء الذين يفرون هم في وضع يائس. كثيرون منهم فقدوا كل شيء ووصلوا من دون اي حقائب. انه لامر محزن جدا".
واوضح "اولويتنا حاليا هي مساعدة هؤلاء الاشخاص بأسرع ما يمكن".
وقال مصور لوكالة فرانس برس ان عائلات بأكملها وصلت الى حي جبل بدرو الذي استعادت قوات النظام السيطرة عليه الاحد، وانتظرت في ظل درجات حرارة منخفضة وصول حافلات نقلتهم الى الاحياء الغربية.
وظهر في الصور التي التقطها عدد كبير من الاطفال ورجال ونساء متقدمون في السن بعضهم يجرهم اقارب لهم على كراس متحركة او يحملونهم على حمالات.
اشلاء وحقائب متناثرة
وبعد سيطرتها على ثلث الاحياء الشرقية منذ السبت، تواصل قوات النظام السوري وحلفاؤها تقدمها باتجاه القطاع الجنوبي من هذه الاحياء، بهدف استعادة السيطرة على كامل المدينة.
وتسبب قصف مدفعي لقوات النظام الاربعاء على حي جب القبة الذي تسيطر عليه الفصائل ب"مقتل 21 مدنيا بينهم طفلان" بالاضافة الى "اصابة العشرات بجروح" وفق المرصد السوري.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان القصف كان "كثيفا"، لافتا الى ان عددا من الاشخاص ما زالوا عالقين تحت انقاض المباني المنهارة.
في المقابل، افادت وكالة الانباء الرسمية "سانا" الاربعاء بـ"ارتقاء ثمانية شهداء بينهم طفلان واصابة سبعة اشخاص بجروح نتيجة قذائف صاروخية أطلقتها التنظيمات الارهابية على أحياء الاعظمية وسيف الدولة وحلب الجديدة والفرقان" في غرب حلب.
وذكر الدفاع المدني او "الخوذ البيضاء"، وهم متطوعو إنقاذ وناشطون في الاحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، ان القصف المدفعي استهدف مدنيين نازحين كانوا لجأوا الى الحي هربا من مناطق اخرى في الاحياء الشرقية.
ونشرت الجمعية صورا مروعة عقب القصف تظهر جثثا واشلاء متناثرة على طريق تحيط به ابنية مدمرة وحقائب واكياسا متناثرة.
وكان متطوعو الدفاع المدني يعملون على وضع الجثث داخل أكياس بلاستيكية برتقالية اللون.
ويظهر في احدى الصور شاب يجلس على حجر وهو يبكي فيما يمسك هاتفا بيديه وامامه جثتان تمت تغطية الجزء الاعلى منهما يبدو ان احداهما تعود لفتاة ترتدي حذءا احمر اللون.
ومنذ بدء قوات النظام هجوما في منتصف الشهر الحالي للسيطرة على كامل مدينة حلب، ارتفعت حصيلة القتلى في الاحياء الشرقية جراء القصف المدفعي والجوي الى نحو 300 مدني.
وتسببت قذائف اطلقتها الفصائل المقاتلة على الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام بمقتل 48 مدنيا على الاقل في الفترة ذاتها.
اجتماع طارئ
في نيويورك، يعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا طارئا صباح الاربعاء بطلب من فرنسا للتباحث في الوضع المتدهور في شرق حلب، كما افادت مصادر دبلوماسية.
ومن المقرر ان يستمع اعضاء مجلس الامن ال15 خلال الاجتماع الى احاطة عبر الفيديو من المبعوث الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا حول الوضع في شرق حلب. كما سيتحدث احد مسؤولي الشؤون الانسانية في الامم المتحدة.
وقال السفير الفرنسي في الامم المتحدة فرنسوا ديلاتر ان "فرنسا وشركاءها لا يمكنهم البقاء صامتين ازاء ما يمكن ان يكون واحدة من اكبر المجازر بحق مدنيين منذ الحرب العالمية الثانية".
وحض نظيره البريطاني ماثيو رايكفورت "النظام السوري وروسيا على وقف القصف والسماح بدخول المساعدات الانسانية".
وطالب موسكو بالضغط على دمشق للموافقة على خطة لدى الامم المتحدة لاغاثة السكان في شرق حلب واخلاء الجرحى، وقال ان المعارضة وافقت على الخطة.
ودعا رئيس المجلس المحلي لاحياء حلب الشرقية بريتا الحاج حسن الاربعاء الى تأمين "ممر آمن" للسماح لمئات الالاف من المدنيين المحاصرين والمعرضين للقصف بمغادرة حلب.
وقال اثر لقاء في باريس مع وزير الخارجية جان مارك ايرولت، "باسم الانسانية، باسم القانون الدولي، نطالب بان يسمح للمدنيين بمغادرة حلب وبالذهاب حيث يشاؤون. لماذا تذهب هذه العائلات للاحتماء في المنطقة الحكومية، لماذا يذهبون للاحتماء لدى جلادهم؟".
واعلن وزير الخارجية الفرنسي من جهته بعد اجتماع لمجلس الوزراء الفرنسي انه سيجمع "في العاشر من ديسمبر المقبل في باريس الدول الاوروبية والعربية والولايات المتحدة التي تدعم حلا سياسيا في سوريا وترفض منطق الحرب الشاملة"، مضيفا "آن الاوان ليستيقظ المجتمع الدولي" ازاء الماساة الجارية في حلب.
التعليقات