اتهمت وزارة الداخلية المصرية مساء الاثنين قادة جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في قطر بتدريب وتمويل منفذي التفجير الانتحاري، الذي استهدف الأحد كنيسة في القاهرة، مما أوقع 25 قتيلًا، وذلك بهدف "إثارة أزمة طائفية واسعة" في البلاد.

إيلاف من القاهرة: كان الرئيس عبد الفتاح السيسي كشف في كلمة مقتضبة ألقاها أثناء مشاركته في تشييع جثامين الضحايا أن مرتكب الاعتداء "محمود شفيق محمد مصطفى، يبلغ من العمر 22 عامًا، وفجّر نفسه بحزام ناسف" في الكنيسة الملاصقة لكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس، التي تشكل مقرًا لبابا الأقباط في وسط العاصمة المصرية.

لا جهة متبنية
لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء، في حين نفت حركة "حسم"، التي تتهمها السلطات بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين أي تورط لها في التفجير.

ومساء الاثنين، أكدت وزارة الداخلية في بيان أن الانتحاري، واسمه الحركي "أبو دجانة الكناني"، سبق وأن اعتقل في مطلع 2014 بتهمة تأمين مسيرات للإخوان المسلمين باستخدام سلاح ناري، قبل أن يُخلى سبيله بعد شهرين تقريبًا. ولاحقًا حاولت السلطات القبض عليه مجددًا للتحقيق معه في قضيتين أخريين تعودان إلى العام 2015، ومرتبطتين بجماعات "تكفيرية"، لكنه توارى عن الأنظار.

وأكدت الوزارة في بيانها أن "نتائج المضاهاة للبصمة الوراثية لأسرة المذكور (دي إن إيه) مع الأشلاء المشتبه فيها، والتي عثر عليها في مكان الحادث، أسفرت عن تطابقها".

اعتقال متورطين
وعثر المحققون في مخبأ تابع للانتحاري وشركائه على "عدد 2 حزام ناسف معدّ للتفجير، وكمية من الأدوات والمواد المستخدمة في تصنيع العبوات المتفجرة".

أضاف البيان أن قوات الأمن اعتقلت في هذا المخبأ كلًا من رامي عبد الغني (33 عامًا) المتهم بأنه "المسؤول عن إيواء انتحاري العملية وتجهيزه وإخفاء المواد المتفجرة والأحزمة الناسفة"، ومحمد عبد الغني (37 عامًا) المتهم بتوفير "الدعم اللوجستي وتوفير أماكن اللقاءات التنظيمية لعناصر التحرك"، ومحسن قاسم (34 عامًا) وهو شقيق قائد المجموعة الملقب بالدكتور، والمتواري عن الأنظار، وتهمته بحسب الوزارة هي "نقل التكليفات التنظيمية بين شقيقه وعناصر التنظيم والمشاركة في التخطيط لتنفيذ عملياتهم العدائية".

أقارب لضحايا التفجير أمام الكنيسة

كما اعتقلت السلطات، إضافة إلى الرجال الثلاثة، امرأة تُدعى علا حسين محمد علي (31 عامًا) هي زوجة رامي عبد الغني، ومتهمة بـ"الترويج للأفكار التكفيرية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومساعدة زوجها في تغطية تواصلاته على شبكة المعلومات الدولية".

فرار طبيب
أما المتهم الرئيس في هذه الشبكة، والذي لا يزال فارًا، فهو بحسب الوزارة "مهاب مصطفى السيد قاسم (30 عامًا)، وهو طبيب، واسمه الحركي "الدكتور"، وقد ثبت "اعتناقه الأفكار التكفيرية للإخواني الراحل سيد قطب وارتباطه في مرحلة لاحقة ببعض معتنقي مفاهيم ما يسمى بتنظيم أنصار بيت المقدس".

أضاف البيان أن التحقيقات أكدت "سفره إلى دولة قطر خلال عام 2015، وارتباطه الوطيد هناك ببعض قيادات جماعة الإخوان الهاربة، الذين تمكنوا من احتوائه وإقناعه بالعمل بمخططاتهم الإرهابية وإعادة دفعه إلى البلاد لتنفيذ عمليات إرهابية بدعم مالي ولوجستي كامل من الجماعة في إطار زعزعة استقرار البلاد وإثارة الفتن وشق الصف الوطني".

وأكد البيان أنه "عقب عودته (الدكتور) إلى البلاد اضطلع وفق التكليفات الصادرة إليه بالتردد على محافظة شمال سيناء وتواصله مع بعض الكوادر الإرهابية الهاربة هناك، حيث قاموا بتنظيم دورات تدريبية له على استخدام السلاح وتصنيع العبوات التفجيرية لفترة أعقبتها عودته إلى محل إقامته" في القاهرة.

كما أكدت تحقيقات الوزارة أن المتهم بقي على "تواصل مع قيادات الجماعة في قطر، وتم تكليفه عقب مقتل القيادي الإخواني محمد محمد كمال، بالبدء في الإعداد والتخطيط لعمليات إرهابية تستهدف الأقباط بهدف إثارة أزمة طائفية واسعة خلال الفترة المُقبلة من دون الإعلان عن صلة الجماعة بها".

عقاب سياسي
وأضافت الوزارة أن قوات الأمن رصدت "إصدار ما يطلق عليه المجلس الثوري المصري&إحدى الأذرع السياسية للجماعة الإرهابية في الخارج، بيانًا بتاريخ 5 الجاري يتوعد قيادة الكنيسة الأرثوذكسية بسبب دعمها للدولة"، مشيرة إلى أن "الدكتور" اضطلع "بتشكيل مجموعة من عناصره المتوافقة معه فكريًا (...) وأعدّ لهم دورات تدريبية في أحد الأوكار في منطقة الزيتون في محافظة القاهرة استعدادًا لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية".&

وأوضحت الوزارة أنها خلال مداهمة قوات الأمن لهذا المخبأ عثرت على المتهمين الأربعة والمضبوطات من أسلحة وأحزمة ناسفة ومتفجرات.

وقع التفجير داخل الكنيسة خلال قداس الأحد، وهو الأكثر دموية ضد الأقباط في مصر منذ اعتداء كنيسة القديسين في الأسكندرية في ليلة رأس السنة الميلادية عام 2011، والذي أوقع 21 قتيلًا.

وواجه الأقباط، الذين يشكلون 10% من عدد سكان مصر، البالغ 90 مليون نسمة، تمييزًا أثناء السنوات الثلاثين لحكم الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحته ثورة يناير 2011. وتعرّضوا لاعتداءات عدة خلال السنوات الأخيرة.


&