باتت انقسامات الإخوان جلية في مصر بعد إطاحة مرسي، ففيما أعلن المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر عن إنتخابات في القاهرة لاختيار مجلس شورى للتنظيم أكد المرشد الموقت محمود عزت أنه لن يعترف بنتائج تلك الانتخابات.

إيلاف من القاهرة: تعاني جماعة الإخوان المسلمين من انقسامات حادة، وظهرت إلى العلن للمرة الأولى منذ الإطاحة برئيس الجمهورية السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وأخيرًا أعلن المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر عن إجراء انتخابات في القاهرة، واختيار مجلس شورى لقيادة الجماعة.&

محمود عزت المرشد العام الموقت

مكتب سري
بينما رد المرشد العام الموقت محمود عزت بالقول إنه لا يعترف بتلك الانتخابات، ما يؤشر إلى أن الجماعة تتهاوى، في ظل صراعها مع نظام عبد الفتاح السيسي، وتمنح الأجهزة الأمنية المزيد من الفرص للانقضاض عليها، لاسيما أنها انشطرت فعليًا إلى نصفين أو "تنظيمين سريين".

في مؤشر جديد إلى اتساع هوة الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين، ووصولها إلى حدّ الصراعات، أعلنت مجموعة من قيادات الشباب إجراء انتخابات في مصر، وتشكيل مكتب إرشاد جديد، يحمل اسم "المكتب العام" برئاسة قيادي من داخل مصر، وعضوية عشرة آخرين من الداخل والخارج، من دون الكشف عن أسماء أعضاء المكتب الجديد، "لدواع أمنية"، الذي أصبح "تنظيمًا سريًا" جديداً بديلًا من التنظيم التاريخي.

وقال المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر، وهو أحد قيادات جناح الشباب الذي أسسه القيادي محمد كمال، قبل تعرّضه للاغتيال على أيدي قوات الشرطة في القاهرة منذ نحو شهرين، إن القيادة الجديدة للجماعة اتخذت مجموعة من القرارات، أهمها "فصل التشكيلات الرقابية والتشريعية داخل التنظيم، والمتمثلة في مجلس شورى الجماعة، عن المؤسسات التنفيذية التي يعبّر عنها مكتب الإرشاد"، ما يعني فصل جميع القيادات التابعة لجناح المرشد الموقت محمود عزت، الذي يدير الجماعة منذ إسقاط نظام حكمها على أيدي الجيش في 3 يوليو 2013.

رد الأمانة
أضاف منتصر في بيان له، "تقرر قبول استقالة اللجنة الإدارية العليا، التي تولت مسؤولية إدارة شؤون الجماعة منذ فبراير 2014، وانتخاب مكتب إرشاد موقت، مع احتفاظ المرشد العام للجماعة محمد بديع (يحاكم حاليًا بتهم تتعلق بممارسة العنف وقيادة جماعة الإخوان، وصدرت بحقه أحكام بالإعدام شنقًا والمؤبد والسجن لمدد متفاوتة) بموقعه، واحتفاظ أعضاء مكتب الإرشاد المسجونين كافة بمواقعهم حتى خروجهم من السجن".

المرشد العام للإخوان المسجون محمد بديع

وأصدرت اللجنة الإدارية العليا بيانًا إلى قواعد الجماعة، بالتزامن مع الاجتماع، أعلنت فيه عن "رد الأمانة"، والتقدم باستقالتها بعد إجراء انتخابات قاعدية، أسفرت عن انتخاب مجلس شورى جديد.

كما تقدم مكتب الخارج والمكتب التنفيذي للأقسام واللجان الفنية داخل التنظيم باستقالاتهم إلى مكتب اﻹرشاد الجديد. وقرر المكتب تكليفهم بتسيير الأعمال إلى حين الانتهاء من التشكيلات الإدارية والتنظيمية للإدارة الجديدة المنتخبة، وتشكيل لجنة مشتركة مع اللجنة الإدارية المستقيلة لتسلم ملفات إدارة الجماعة.

مسار جديد
وقال منتصر، إنه "أرسل استقالته وكل من المكتب التنفيذي للتنظيم، والمكتب الإداري في الخارج، استقالتهم من مناصبهم إلى المكتب العام بعد ساعات من تقديم اللجنة الإدارية العليا للتنظيم استقالتها من مناصبها، مشيرًا إلى أنه تم انتخاب رئيس جديد بعد حصوله على 70 في المائة من أصوات أعضاء مجلس الشورى العام الجديد".

الرئيس السابق محمد مرسي

وأعلن المكتب الإرشاد الجديد، أنه في صدد تغيير اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين، وقال إنه سوف يتبنى ما وصفها بـ"تحركات جديدة ومختلفة للجماعة خلال الفترة المقبلة، متعهدًا في الوقت عينه بـ"عدم التنازل عن الإفراج الشامل عن كل قيادات الإخوان، الذين تم القبض عليهم والزجّ بهم في السجون بعد 30 يونيو 2013"، كما تعهد أيضًا بالاستمرار في ما سماه بـ "المسار الثوري".

لا يمثلوننا
في المقابل، أعلنت جبهة المرشد العام الموقت محمود عزت للجماعة وقائد "التنظيم السري القديم"، عدم اعترافها بتلك التغييرات في الجماعة، وقالت في بيان رسمي إن "محمد منتصر قد تم إعفاؤه من مهمة المتحدث الإعلامي في 14 من ديسمبر 2015، وبالتالي فهو لا يمثلها ولا يتحدث باسمها من قريب أو بعيد".

وقال عزت إن "المتحدثين باسمها هم القائم بأعمال المرشد العام، محمود عزت، ونائب المرشد العام، إبراهيم منير، ورئيس اللجنة الإدارية العليا، محمد عبد الرحمن المرسي، إضافة إلى الأمين العام والمتحدثين الإعلاميين". بينما وصف المتحدث باسم جبهة المرشد الموقت طلعت فهمي، قيادات جبهة محمد منتصر، بأنهم "مجموعة من المجاهيل الذين لا يمثلون الإخوان".

محمد كمال مؤسس جبهة الشباب الذي قتلته قوات الأمن

ووفقًا للدكتور محمد الرفاعي، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، فإن جماعة الإخوان تعاني من انقسامات حقيقية منذ فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013، مشيرًا إلى أن الجماعة تلقت العديد من الضربات الأمنية القاصمة، انتهت إلى سجن القيادات التاريخية للجماعة، ومنهم الرئيس السابق محمد مرسي، والمرشد العام محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر الرجل القوي، الذي كان يدير الجماعة فعليًا، إضافة إلى محمد البلتاجي وعصام العريان والمئات الآخرين من قيادات الصفين الأول والثاني.&

جماعتان
كما أدت الضربات الأمنية إلى قتل العديد من القيادات، منهم محمد كمال، مسؤول اللجان النوعية والعمل المسلح في الجماعة، وعبد الفتاح السيسي، مسؤول الإعاشة والتبرعات، وناصر الحافي عضو مجلس الشعب السابق، كما ماتت في السجن قيادات أخرى منهم فريد إسماعيل.

وأوضح أن تلك الضربات المتلاحقة أسفرت أيضًا عن هروب قيادات أخرى إلى الخارج، منهم المرشد العام الموقت محمود عزت والأمين العام للجماعة محمود حسين، وعمرو دراج وزير التنمية المحلية السابق، وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام السابق.

ولفت إلى أن الجماعة انقسمت فعليًا إلى جماعتين، الأولى تضم القيادات التاريخية أو القديمة للجماعة، برئاسة المرشد العام الموقت محمود عزت، وهو الذي يسيطر على جميع موارد الجماعة والأموال، ويدين الكثيرون في الجماعة بالولاء له، وتضم هذه الجبهة أو الجماعة قيادات الخارج وبعض القيادات التنظيمية في الداخل.

وذكر أن الجماعة الأخرى تضم غالبية الشباب، وأسسها أو دعا إليها محمد كمال مسؤول اللجان النوعية في الجماعة، الذي تعرّض للإغتيال على أيدي قوات الأمن منذ شهرين في القاهرة، وسبق أن أعلن في شهر مايو الماضي، عن إجراء انتخابات داخلية وتنحية جبهة محمود عزت، واختيار مكتب إرشاد جديد، ويدين له بالولاء شباب الجماعة، لاسيما الذين ليسوا في مراكز قيادية تنظيمية.

تصفية ذاتية
وأشار إلى أن محمد منتصر اختير خليفة لمحمد كمال، وهو من يدير الشباب بشكل فعلي، لاسيما أنه الأقرب إليهم على الأرض، بينما القيادات التاريخية تعاني من انفصام بينها وبين الشباب.

طلعت فهمي المتحدث باسم جبهة المرشد الموقت

وأفاد بأن حالة الانقسام والصراعات في الجماعة أدت إلى إضعافها بشكل واضح، ولم يعد لها أي تأثير حقيقي في الشارع المصري، متوقعًا أن يتم القضاء على الجماعة في حالة استمرار تلك الإنقسامات، التي تستغلها الأجهزة الأمنية المصرية في توجيه المزيد من الضربات القاصمة للجماعة.

وكان الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، تدخل لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، واعتقاله في 3 يوليو 2013، في أعقاب خروج الملايين من المصريين في تظاهرات رافضة لحكم الجماعة في 30 يونيو 2013، وعادت جماعة الإخوان إلى العمل السري مرة أخرى بعد فضّ اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013، وإصدار قرار بتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا في شهر سبتمبر من العام نفسه.